حزب النور

فتح إعلان تأييد حزب النور، للرئيس عبدالفتاح السيسي، باب التكهنات بشأن الأسباب الحقيقية وراء هذا الدعم، في ظل تراجع شعبية الرئيس في الآونة الأخيرة، بسبب الإصلاحات الاقتصادية، التي أضرت بقطاع كبير من المصريين، وعلى الرغم من أنه ذو خلفية إسلامية، إلا أنه بموقفه يختلف بشكل جذري مع التيار الإسلامي في التوجهات السياسية الداعمة للسلطة الحاكمة.

من جانبه، قال المفكر الإسلامي الدكتور ناجح إبراهيم، عن موقف النور، إن كل حزب له مطلق الحرية في التأييد أو الاعتراض أو الالتفاف بشأن مرشح بعينه، وفي النهاية كل صاحب قرار يتحمل قراراته سواء كانت صحيحة أو خاطئة، مضيفًا "لا يجوز لأي شخص التكفير أو التخوين لأحد لأن هذا من المحرمات وليست السياسة من شأنها التكفير أو التخوين للآخرين لأنها في النهاية تعاملات شخصية بين المواطنين فمنهم المؤيد ومنهم المعارض"، متابعًا "هذا التخوين لا يكون إلا في حالة تكرار الحزب لأخطائه عدة مرات وبالرغم من ذلك فهم سيتحملون قراراتهم النهائية".

فيما أكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن حزب النور هو تعبير سياسي عن طموحات مجموعة من السلفيين للتواجد في المشهد السياسي، وللاستمرار في هذا الوجود لابد من إرضاء السلطة سواء كانت الإخوان أو الرئيس عبدالفتاح السيسي، فهي دعوة تلجأ دائمًا للتصالح مع أي من السلطات الحاكمة، مبينًا "تأييد الحزب للرئيس عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المرتقبة يضمن عدم الدخول في تحديات وصراعات مع السلطة الحاكمة، لكن تكفير البعض للحزب، وعلى رأسهم القيادي بالجماعة الإسلامية عاصم عبدالماجد، هو شكل من أشكال "الدعشنة" في التفكير".

وأوضح بان، أن "وصف البعض لحزب النور بالخائن أو تكفيره يدل على أننا نعيش في حالة هستيرية من كل التيارات والكل يريد إقناع الآخرين بوجهة نظره وهناك إصرار على أن تكون إما مع أو ضد"، وتصور الخبير في الحركات الإسلامية، بأنه لا يوجد خيار آخر أمام التيارات والأحزاب في الوقت الراهن، فنحن أمام طريق واحد إما مؤيد أو معارض، ولا يوجد حتى طريق الحياد، وأنا أرى أن حزب النور الآن فى حالة خضوع لأنه لا يريد أن يدخل في عداء مع السلطة، واختتم قائلًا: "على الرغم من تأييد الحزب للرئيس السيسي، لكن لا يمكنه الحصول على ضمان من قبل السلطة لتنفيذ مطالبه في المرحلة المقبلة من حريات ونهضة وتطوير للحياة السياسية".

بينما أشار سامح عيد، القيادي السابق في جماعة الإخوان، والباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية: "الأولى بحزب النور أن يتخذ خطوة حيادية تجاه الوضع السياسي الراهن بأن يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، مثلما فعل تكتل 25- 30, فهو لم يؤيد ولم يعارض لكن تناسى حزب النور للطرف الآخر جعله في مرمى النيران أمام الحركات الإسلامية"، موضحًا "مع تأييد حزب النور للرئيس السيسى، لكني أرفض وبشدة تكفيرهم لاختلافي مع قرارهم"، لافتًا، إلى أن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين السابق، محمد بديع، في تصريح مكتوب عام 2010 ، كان يؤيد جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع، ومع كل ذلك كان على حزب النور عدم نسيان الطرف الآخر".

وتابع عيد: "قرارهم هو شيء يخصهم، وسوف يعود عليهم نفعه أو ضرره لأنهم أصحاب الشأن وسوف يتحملوا نتائجه، ولو عاد عاصم عبدالماجد أول المهاجمين لـ"النور" والذي قام بتكفيرهم للتاريخ، لوجد أن ولاءه الأساسي كان للحاكم"، ورأى أن النظام الحالي لم يكن لديه نية في التراجع أو فتح المجال العام للمشاركة السياسية، ولكن السلطة مصممة على السير في طريقها دون تراجع، لذلك أرى أن دعم "النور" لهم شىء غير لائق لعدم تحقيق مطالبهم المقبلة أو السابقة، والمعروف عنهم أنهم يدعمون الحكام خوفًا من الدخول في مشاحنات وعداءات يمكنها العصف بهم.

وكان حزب النور، أعلن في مؤتمر صحافي رسميًا تأييده للرئيس عبدالفتاح السيسي، في الانتخابات الرئاسية المرتقبة مارس المقبل، مشددين على حضور جميع المصريين على المشاركة في الانتخابات، والحرص على البناء، والحذر من السلبية واليأس والإحباط، وحضر المؤتمر، كلًا من: سيد خليفة نائب رئيس الحزب، والدكتور محمد إبراهيم منصور، الأمين العام للحزب، والدكتور أحمد خليل خير الله، رئيس الهيئة البرلمانية والشيخ أحمد الشريف نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، وجلال مرة، نائب رئيس الحزب وقيادات الهيئة البرلمانية وقيادات أخرى.

ومن ناحيته، أبرز يونس مخيون، رئيس حزب النور، أنه تطبيقًا لمبدأ الشورى قد استطلع الهيئات والقطاعات التابعة للحزب، والتي رأت أن الرئيس السيسي، هو أقدر من يقوم بهذه المهام الجسيمة وتحقيق التعاون بين جميع مؤسسات الدولة من: "القوات المسلحة - والشرطة - والبرلمان - والجهاز الإداري وغيرها" بما يحقق الاستقرار، ويجنب البلاد الكثير من الأخطار.
وأضاف مخيون، خلال مؤتمر صحافى عقد بمقر الحزب، أنه لا يَخفى على أي متابعٍ خطورة المرحلة التي تمر بها البلاد، والتحديات الخطيرة التي تُهدد وحدتها وكيانها، والمشاكل العديدة التي تعترض مسيرتها داخليًا وخارجيًا مما يوجب وحدة الصف وتجنب كل ما يؤدي إلى الانقسام والاحتراب الداخلي، وتحقيق التعاون بين الحكومة والشعب وبين المؤسسات الرسمية والهيئات الأهلية.

وأردف رئيس النور: "نسعى إلى منع الصدام بين فئات المجتمع بعضها البعض وبين الهيئات المختلفة لتحقيق أكبر قدر من المصالح، ودفع أكبر قدر من المفاسد التي تتعرض لها البلاد"، مشددًا على أن الأحزاب السياسية جزء من النسيج الوطني على تحقيق الهدف من أجل مصالح مصر، واستكمل: "نقدم رؤيتنا للرئيس القادم لتحقيق الكفاءة لحاجة المواطنين، وتمثل رؤية حزب النور، الجانب الاقتصادي ومعالجة الآثار السلبية على المواطنين، ولابد أن تسارع الدولة على ذلك، والعمل على جني الثمار الاقتصادية".

وطالب رئيس حزب النور، الدولة بأن لا تلجأ إلى الاقتراض إلا في الضرورة، وترشيد استهلاك الحكومة، في جميع النواحي، وسياسة التوسع في الأراضى الصحراوية، وأن تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة لرفع مستوى الفلاحين وتوفير احتياجاتهم، والاهتمام بالمناطق الريفية، موضحًا أنه لابد من الاهتمام بالمشاريع الصغيرة، وفتح مجالات صناعية جديدة، والعمل على محاربة الفساد في كل القطاعات وسد منافذه واقتلاع جذوره.