ندد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي حظي بترحيب كبير في تمبكتو السبت، ب"الهمجية" التي فرضها المقاتلون الاسلاميون الذين احتلوا لاشهر هذه المدينة في شمال مالي قبل ان يحررها الجنود الفرنسيون والماليون. وهتف الاف من سكان تمبكتو احتشدوا في الساحة الرئيسية للمدينة "تحيا فرنسا، يحيا هولاند"، ووصفوا الرئيس الفرنسي بانه "المحرر". وتصافح هولاند والرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري قبل ان يرفعا علامة النصر على وقع التصفيق. وشكر تراوري الجنود الفرنسيين الذين اتاحوا تحرير سكان شمال مالي الذي عاش "تحت الهمجية والظلامية طوال اشهر واشهر". بدوره، ندد الرئيس الفرنسي ب"همجية" الاسلاميين المسلحين الذين ارتكبوا تجاوزات بالجملة. وقال خلال زيارته برفقة امام مسجد تمبكتو الكبير موقعي ضريحين دمرهما الاسلاميون "هناك فعلا نية فعلية للتدمير. لم يبق شيء". وقال هولاند "منذ 11 كانون الثاني/يناير انجزنا الكثير من العمل ولم ينته تماما بعد. نحتاج الى بضعة اسابيع لكن هدفنا هو ان تحل (الدول الافريقية) مكاننا". واضاف "لا ننوي البقاء في مالي. سيتمكن اصدقاؤنا الافارقة من القيام بالعمل الذي كنا نقوم به حتى الان". واضافة الى مسجد جينغاريبر ابرز اماكن العبادة في المدينة، زار هولاند وتراوري مركزا لحفظ المخطوطات الثمينة تعرض بعضها للحرق بايدي الاسلاميين. واتخذت تدابير امنية مشددة في مدينة تمبكتو التي تبعد 900 كلم شمال شر ق باماكو. فقد تمركز عسكريون فرنسيون كل مئة متر وجابت مدرعات الشوارع وكذلك سيارات بيك-آب مكتظة بجنود ماليين. وغادر الرئيس الفرنسي الذي رافقه وزراء الخارجية لوران فابيوس والدفاع جان ايف لودريان والتنمية باسكال كانفان اضافة الى المديرة العامة لليونيسكو ايرينا بوكوفا، تمبكتو ظهرا متوجها الى باماكو. وارتكب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وجماعة انصار الدين اللذان احتلا تمبكتو عشرة اشهر عددا كبيرا من التعديات باسم تطبيق الشريعة بشكل متشدد فعمدوا الى بتر الاطراف وجلد الازواج "غير الشرعيين" والمدخنين. وفرضوا على النساء الحجاب ومنعوا الاختلاط في المدارس وكرة القدم والرقص والموسيقى. واثار الاسلاميون صدمة العالم باقدامهم على تدمير ضرائح الاولياء التي يكرمها السكان المحليون، معتبرين انها شبيهة ب "عبادة الاصنام". واتلفوا مخطوطات ثمينة ترقى الى بضعة قرون كانت محفوظة في هذه المدينة التي كانت فترة طويلة مركزا فكريا كبيرا للاسلام ومعبرا للقوافل على تخوم الصحراء. وبدأ التدخل الفرنسي في 11 كانون الثاني/يناير غداة هجوم شنته في اتجاه جنوب مالي المجموعات الاسلامية المسلحة المرتبطة بالقاعدة التي كانت تحتل الشمال منذ عشرة اشهر. وتسارعت الاحداث في نهاية الاسبوع الماضي مع استعادة غاو وتمبكتو ووصول جنود فرنسيين الى مطار مدينة كيدال التي كان يسيطر عليها متمردون طوارق واسلاميون منشقون يؤكدون انهم "معتدلون". والوضع اكثر تعقيدا في كيدال التي تبعد 1500 كلم شمال شرق مدينة باماكو التي احتلها فترة طويلة انصار الدين وانتقلت قبل وصول الجنود الفرنسيين الى سيطرة حركة ازواد الاسلامية (منشقة عن انصار الدين) والحركة الوطنية لتحرير ازواد (تمرد طوارق). وكيدال ومنطقتها التي تضم سلسلة جبال ايفوقاس قرب الحدود الجزائرية هما مهد الطوارق المطالبين بالاستقلال والمكان "المحتمل" الذي يعتقل فيه سبعة رهائن فرنسيين، كما تقول باريس. وهي ايضا الملجأ الاخير للمقاتلين الاسلاميين المطرودين من مدن الشمال. واكدت الحركة الوطنية لتحرير ازواد في بيان السبت في نواكشوط ان مقاتليها "اشتبكوا" الجمعة مع وحدة من الاسلاميين في منطقة تيساليت بشمال كيدال قرب الحدود مع الجزائر، لافتة الى ان المواجهة انتهت "باعتقال العديد من الجهاديين". وفي منطقة غاو القريبة من الحدود الجزائرية، اعتقل حوالى ثلاثين اسلاميا، كما ذكر مراسل وكالة فرانس برس. واكد الكولونيل ساليو مايغا من درك غاو "سنعاملهم معاملة كريمة، ولن ننتقم منهم". الى ذلك، حذر هولاند الجنود الفرنسيين من التجاوزات المحتملة في وقت اشارت منظمات غير حكومية الى وقوعها في الايام الماضية من قبل جنود ماليين. في ميونيخ، هنأ نائب الرئيس الاميركي جو بايدن السبت فرنسا بتدخلها في مالي. وصرح في اليوم الثاني من المؤتمر الدولي حول الامن "اهنىء فرنسا وشركاءها على الانجازات في مالي". من جهته، اعلن وزير الدفاع الالماني توماس دي ميزيير ان الجيش الالماني يعتزم ارسال 40 مدربا الى مالي قريبا في اطار البعثة الاوروبية للتدريب والاستشارة.