المنيا - جمال علم الدين
يحتفل أهالي قرية "زهرة"، في المنيا، من أبناء الطرق الصوفية، بذكرى المولد الشريف، على طريقتهم الخاصة، حيث ينزلون إلى الشوارع شاهرين السيوف و"السنج"، التي يتجولون بها في أنحاء القرية، في مشهد يصفه الكثيرون بغير المناسب مع الذكرى العطرة.
وتقع القرية على الطريق الزراعي "مصر – أسوان" على بعد 12 كيلو مترًا شمال مدينة المنيا. "طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعى لله داع"، بكلمات هذا النشيد، الذي تغنى به الأنصار في المدينة المنورة، خلال استقبالهم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مهاجرًا من مكة، يبدأ شباب القرية، في ترديدها عقب صلاة عصر يوم 12 من ربيع الأول، للاستعداد للخروج في صفوف تجوب شوارع القرية، حاملين خلالها "السيوف"، و"السنج"؛ كمشهد موروث منذ عشرات السنوات؛ احتفالًا بالمولد النبوي الشريف.
"الله.. الله"، "يا واحد.. الله"، "يا دايم.. الله"، "من قلبك.. الله"، "الله.. الله"، خمسة هتافات يظل المشاركين في الحفل، يرددوها على مدار ما يقرب من 4 ساعات متواصلة؛ لحين الانتهاء من تجول شوارع القرية، في مشهد تنظيمي، يصطف فيه المشاركون في صفين متساويين، مرتدين الجلباب الأبيض، والعقال، وحاملين السيوف والسنج، بينهما حاملي الطبول، والمزمار، والصاجات، ويكون في مقدمتهم أطفال يحملون أعلام الطريقة، وفي المؤخرة شيخ الطريقة يعتلي حصانًا، ومن خلفه عشرات النساء.
وقال عدد من أهالي القرية، ومنهم "أيمن صلاح، ومحمود فتحي، وإيهاب محمد"، وغيرهم، إن "زهرة"، يتواجد بها أكثر من 8 طرق صوفية، ما بين رفاعية، وشاذلية، وبيومية، وغيرها، ويكون لكل عائلة طريقة خاصة بها، يتجمع شبابها كل عام للمشاركة في حفل المولد النبوي، بحمل الأسلحة البيضاء في مشهد استعراضي لـ"القوة".
وأوضح الأهالي، أن حمل الأسلحة وإشهارها خلال الاحتفال بـ"المولد النبوي"، يكون على مرآى ومسمع من أجهزة الأمن، التي تقوم من جنبها بتأمين الاحتفالات، خاصة وأنها واجهت صعوبات كبيرة في الماضي من أجل إلغاءها، بسبب التواجد الكبير للأسلحة اليضاء.
وقال مشايخ الطرق داخل القرية، ومنهم "علي مخلوف" ممثل الطريقة البيومية، إن طقوس الاحتفال موروثة منذ عشرات السنوات، وأن جميع المشاركين فيها هدفهم إظهار حبهم للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وبسبب نيتهم هذه لم تشهد القرية على مدار السنوات الماضية كافة أية مشاجرات أو مشاحنات بين الأهالي، وأن هذا اليوم تسوده حالة من الحب بين الأهالي كافة، ويُعد عيدًا للقرية، بسبب ما تتميز به احتفالاتها عن القرى الأخرى. وأوضح حسام أبو خطاب، ممثل الطريقة الرفاعية، إن احتفالات القرية تبدأ من أول أيام شهر "ربيع الأول"، بإقامة كل طريقة سرادق خاص بها، تُقيم فيه ليالي الذكر والمديح في النبي محمد، على أن تنتهي تلك الاحتفالات يوم 12 من نفس الشهر، بتجول القرية حاملين السيوف والسنج، وارتداء الزي الأبيض، ووضع وسام يرمز لـ"الطريقة" يكون على الصدر أو الرأس، حين يُرمز للرفاعية بالأسود المنقوش بالأبيض، والبيومية بالأخضر، والشاذلية بالأحمر. عدد من أهالي القرية، لهم رأي مختلف، مؤكدين أن الاحتفال بهذه الطريقة مجرد "بدعة" شبيهة بطقوس الشيعة.
وقال أبو عبدالرحمن محمد، إن الاحتفال بـ"مولد النبي" "ص" لا يمكن أن يكون بهذا المشهد المكروه، وهناك عدة طرق للاحتفال منها قراءة القرآن، أو عقد جلسات علم. ووصف أهالي القرية الاحتفال بـ"موسم الحدادين"؛ بسبب الإقبال الكبير عليهم لصناعة السيوف، و"السنج"، حتى جعل القرية هدف لصانعي الأسلحة البيضاء الذين يقصدونها قبيل موعد الاحتفال.