بيروت - مصر اليوم
يستأنف لبنان وإسرائيل، اليوم (الثلاثاء)، المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بوساطة وتسهيل أميركيين، وبرعاية الأمم المتحدة، وفي مركزها في الناقورة في أقصى جنوب غربي لبنان، بعد انقطاع 5 أشهر شهدت تصعيداً بالشروط المقابلة بين الطرفين، في وقت أكد فيه الرئيس اللبناني ميشال عون أهمية تصحيح الحدود البحرية وفقاً للقوانين والأنظمة الدولية.
ويذهب الوفد العسكري اللبناني إلى المفاوضات اليوم لاستئناف المفاوضات من حيث انتهت. وقالت مصادر لبنانية مطلعة على موقف الفريق المفاوض لـ«الشرق الأوسط» إن الجولة الخامسة من المفاوضات «ستبدأ من طرحنا، من الخط 29 الذي وضعناه استناداً إلى دراسات قانونية وجغرافية وعلمية»، مشيراً إلى أن التفاوض سيكون بين الخطين: الخط الذي يحمله الوفد اللبناني، والخط الذي يطرحه الإسرائيليون. و«الخط 29» أبرزه الفريق اللبناني في الجلسة الثانية من المفاوضات، ويفيد بأن النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل لا يقتصر على 860 كيلومتراً فقط كما كان في السابق، بل بات 2290 كيلومتراً، ويضم جزءاً من حقل كاريش النفطي الإسرائيلي للمياه الاقتصادية اللبنانية، وهو ما دفع إسرائيل للاستنكار ورفع سقفها السياسي، ما أدى إلى تعليق المفاوضات بعد 4 جلسات عقدت بين 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وأواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وأثمرت زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل إلى بيروت، في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، تحريكاً للملف، ولم تمضِ أيام على لقاءاته في بيروت حتى تم الإعلان عن استئناف المفاوضات مرة أخرى.
وتدخل هذه الجولة من المفاوضات في عمق الخلاف، وستمتد على مدى يومين، كما هو مخطط لها، بحسب ما قالته المصادر المطلعة على موقف الوفد اللبناني المفاوض. وقالت المصادر إن «الوفد اللبناني سيبدأ التفاوض من خطه، لكنه في النهاية خط تفاوضي»، موضحة أن أي خط حدودي تضعه دولة من طرف واحد لا يعتبر نهائياً، لذلك ستكون هناك مفاوضات بين الخطين: اللبناني (رقم 29) والخط الذي يضعه الجانب الإسرائيلي.
وحاز الوفد اللبناني الذي يترأسه العميد الركن في الجيش اللبناني بسام ياسين على دعم سياسي للانطلاق بالمفاوضات من النقطة 23، بحسب ما قالته المصادر، في إشارة إلى الدعم الذي حصل عليه الوفد من الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، خلال زيارة إلى قصر بعبدا عشية المفاوضات. ووصفت المصادر اللقاء بالإيجابي.
وترأس عون، أمس، اجتماعاً في قصر بعبدا، في حضور قائد الجيش العماد جوزيف عون، لأعضاء الفريق اللبناني إلى المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وتم خلال الاجتماع عرض التطورات التي حصلت منذ توقف الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الفائت، والمستجدات حول الاتصالات التي أجريت لاستئنافها.
وقالت الرئاسة اللبنانية، في بيان، إن الرئيس عون زود أعضاء الوفد المفاوض بتوجيهاته، مشدداً على «أهمية تصحيح الحدود البحرية وفقاً للقوانين والأنظمة الدولية، وكذلك على حق لبنان في استثمار ثرواته الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة». ولفت إلى أن «تجاوب لبنان مع استئناف المفاوضات غير المباشرة، برعاية الولايات المتحدة الأميركية واستضافة الأمم المتحدة، يعكس رغبته في أن تسفر عن نتائج إيجابية من شأنها الاستمرار في حفظ الاستقرار والأمان في المنطقة».
ويعد المطلب اللبناني بترسيم الحدود بناء على النقطة (29) هو السقف الأعلى في المطالب المستندة إلى أرضية قانونية صلبة. وقالت مصادر مطلعة على موقف الفريق المفاوض إن هذا الخط (29) هو خط تفاوضي، ومن حق أي طرف يشارك في مفاوضات أن يرفع سقف شروطه، ويطالب بالمساحة القصوى المستندة إلى أرضية قانونية، وهو أمر يحصل في جميع المفاوضات في العالم.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن هم الوفد العسكري المفاوض «التوصل إلى نتيجة» تنهي هذه الأزمة، وتتيح للبنان استخراج نفطه وغازه من مياهه الاقتصادية، مؤكدة أن الوفد العسكري «كُلف بدور تقني، وهو ينفذه بغرض التوصل إلى نتيجة».
وكان الوفد المفاوض قد طالب بتعديل مرسوم الإحداثيات التي أودعها لبنان في الأمم المتحدة في عام 2010، والتي تفيد بأن النزاع بين الطرفين هو 860 كيلومتراً مربعاً فقط. وقبل أسبوعين، أعلن وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني، ميشال نجار، أن الحكومة وقعت مرسوماً بتوسيع منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر الأبيض المتوسط، وقال إنه سيتم تقديمه إلى الأمم المتحدة، لكن المرسوم لم يوقعه رئيس الجمهورية، ما يحول دون إرساله إلى الأمم المتحدة قبل أن يتم الإعلان عن استئناف المفاوضات.
وقالت مصادر مواكبة للوفد المفاوض إن المطالب بتوسيع الرقعة البحرية، وتمسك الوفد بتوقيع المرسوم، كانت بهدف «تحسين وضعه التفاوضي»، نافية في الوقت نفسه الاتهامات بأن هذه المطالب ستؤدي إلى عرقلة المفاوضات، أو خلق بؤرة نزاع جديدة، وطمأنت إلى أنها لا تعقد المسار التفاوضي. وأوضحت المصادر: «في المفاوضات كل الأبواب مفتوحة»، لافتة إلى أن «الخط التفاوضي بالعادة ليس ثابتاً حاسماً، ولا تستطيع أي دولة أن ترسم حدودها من طرف واحد».
وبدأت إسرائيل ولبنان مفاوضات بوساطة أميركية بشأن حدودهما البحرية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويأمل الطرفان في أن تؤدي تسوية الحدود إلى تشجيع مزيد من التنقيب عن الغاز في المنطقة، حيث تضخ إسرائيل بالفعل كميات كبيرة من الغاز من البحر الأبيض المتوسط، لكن لبنان لم يفعل ذلك بعد.
وفي سياق الدعم السياسي، وجه عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان رسالة دعم إلى الوفد المفاوض، قائلاً: «كل الدعم والثقة للوفد اللبناني إلى المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية انطلاقاً من خط التفاوض 29. أنتم مؤتمنون على حقوق اللبنانيين في ثروتهم الطبيعية».
قد يهمك أيضًا:
استياء فرنسي وأميركي مِن موقف ميشال عون تجاه حزب الله
فؤاد السنيورة يطوي خلافًا دام 3 أعوام بين سعد الحريري وأشرف ريفي