بيروت-مصر اليوم
أضاف المؤرخ حلّاق: "تبيَّن خلال عمليات البحث عن الآثار في وسط مدينة بيروت أن هناك بعض الاثار تعود الى العهد الأموي والعهد العباسي وأيضا العهد المملوكي وبالتأكيد العهد العثماني.. لافتا الى ان اهم هذه الملامح المعمارية هي زاوية الإمام عبد الرحمن بن عمر الأوزاعي إمام بيروت وبلاد الشام والاندلس.
وتابع القول:" ينبغي ألا ننسى نظاما معماريا مهما ولافتا للنظر الى اليوم وهو من بناء عام 1907م أعني به مبنى وزارة الداخلية وهو يتميز بالسقوف القرميدية ويظللها الحجر الرملي القديم والرخام الشامي الشهير والهندسة العثمانية المبتكرة من الداخل ومن الخارج وجميع هذه المباني في الأساس كانت قد أنشأت لتكون معهد لتعليم الصنائع والمحاسبة والتجارة لذلك عرفت لسنوات طويلة هذه المباني باسم مكتب الصنائع والتجارة الحميدي لأن السلطان عبد الحميد كان يحب بيروت كثيرا والبيارتة كانوا أيضا يحبونه.
ولفت إلى أنه:" في كل المدن خاصة الساحلية وحتى الداخلية أقيم أبراج عليها معالم فن عثماني عسكري فلذلك ساحة الشهداء تعرف الى اليوم بساحة البرج لأنها شهدت على مر التاريخ برج عسكري كان يقيم فيه العسكر العثماني. بالإضافة الى الأبراج وجدت الحصون ووجدت القلاع وفي تباين بعض الشيء في وظيفة البرج ووظيفة الحصن ووظيفة القلعة".
وأسهب بالقول: "يلاحظ الدارس للنظام المعماري في المدن اللبنانية ومن بينها المدن الساحلية أنك إذا أديت الصلاة في أحد المساجد صيدا أو بيروت أو طرابلس تجد بأن المسجد ليس مسجدا فحسب وانما كان المهندس المسلم العثماني يأخذ بعين أن المساجد أيضا هي قلاع فتجد بأن سماكة الجدران ليس سماكة عادية بل كأنه قلعة محصنة لأن العدو عندما كان يدخل إلى داخل المدينة نجد بأن المسلمين كانوا يتسورون داخل المساجد ويخططون من داخل المسجد".
واسترسل بالقول: "المسجد لم يكن له وظيفة دينية فحسب وانما كان له أيضا وظيفة عسكرية او جهادية او للرباط ونجد بعض المساجد في بيروت المحروسة من العهد العثماني الى اليوم من بينها مسجد الأمير منذر التنوخي ليعرف اليوم بمسجد النوفرة لوجود نوفره في داخله نجد ثقوب بمساحات قليلة هي كانت تستخدم في الرماة لرمي السهام على الأعداء هذا مما يؤكد بأن هذه المساجد لها أهداف مدنية ودينية واجتماعية وأيضا وظيفة عسكرية.
ونجد ان الفرق بين بيروت وطرابلس هي ان طرابلس الى اليوم توجد فيها مساجد وزوايا من العهد المملوكي وأيضا من العهد العثماني وان مدينة طرابلس تكاد تكون المدينة الوحيدة التي تحتفظ الى اليوم بجملة آثار مهمة جدا تعود الى العهدين المملوكي والعثماني أما بيروت فقط العثماني".
وخلص حلاق إلى أن: " مدينة طرابلس ليست أغنى مدينة في التراث فحسب ولكن هي من أغنى المدن العثمانية والمدن الشامية في التراث المعماري المملوكي والعثماني الى اليوم.
كما أننا نجد في أسواق طرابلس الطابع المعماري المملوكي والطابع المعماري العثماني مما يجد الزائر للشوارع او الازقة وشوارع وحارات طرابلس كأنك تعيش العهد المملوكي وفي مناطق أخرى كأنك تعيش العهد العثماني. وهكذا في صيدا التي ما تزال هناك بعض الشوارع والازقة والحارات وبعض المناطق التي كانت ضمن السور التاريخي القديم تدخل الى شوارعها كأنك فعلا تعيش صيدا العثمانية بكل تفاصيلها الدقيقة.
في الختام لابد من الاشارة إلى أن فن العمارة لدى أي شعب من الشعوب انما هو مرآة صادقة لتطور حضارته وعمارته سواء كانت هذه العمارة دينية أو مدنية أو اجتماعية أو صحية أو عسكرية ومن الأهمية بمكان القول إن الشعوب التي لاماضي لها، لاحاضر ولا مستقبل لها لهذا ينبغي على الأمم وفي مقدمتها الامتين العربية والإسلامية أن تحافظ على تراثها وفي مقدمتها التراث المعماري الذي يمثل نموذجا حيا للحضارة الإسلامية التي انتشرت في مختلف أنحاء العالم.