بيروت ـ ميشال سماحة
لا تترقّب الأوساط السياسية والشعبية سواء بسواء أي جديد تحمله الساعات المقبلة في شأن حلحلة الأزمة الحكومية، التي صارت أزمة مستأصلة، ولو لم يعترف بذلك المعنيون بها مباشرة أو مداورة، باعتبارأنّ المناورات الكلامية لا تزال تظلل حالة الانكا التي تطبع مواقف أهل الحكم والحكومة من هذه الازمة. ولذا من المستبعد تماماً أن تحمل الكلمة التي سيوجّهها رئيس الجمهورية ميشال عون، في الثامنة مساء الأحد، إلى اللبنانيين لمناسبة العيد الـ78 للاستقلال، أيّ تطور أو مفاجأة إيجابية عملية لجهة تثبيت الاتجاه إلى إنهاء أزمة تعطيل جلسات مجلس الوزراء منذ 12تشرين الأول الماضي ربطا بالشروط التي يتمسّك بها "الثنائي الشيعي" للإفراج عن مجلس الوزراء ومعاودة جلساته المنتظمة.وقد بات واضحاً أنّ الوعود والتعهّدات الكلامية للمسؤولين التي يطلقونها في مناسبات مختلفة يوميّاً لا تعدو كونها ملئاً للوقت الضائع والشلل المفروض قسراً، وسط عجز هؤلاء المسؤولين عن اختراق هذا الشلل. ولكن كلمة عون يفترض أن تثير اهتماماً من جهة رصد الإشارات المتصلة باستحقاقي الانتخابات النيابية والرئاسية من منطلق أنّ هذه الرسالة في مناسبة عيد الاستقلال ستكون الأخيرة للرئيس عون في سدّة الرئاسة إذ بقي له من ولايته أحد عشر شهراً وعشرة أيام تحديداً، بما يعني أنّه يفترض أن يتطرّق عون اليوم إلى هذا البعد وشرح نياته حيال ما تبقى من سنته الرئاسية الأخيرة. وليس خافياً أنّ الحديث الصحافي الأخير لعون ترك أصداء غير مشجعة إطلاقاً، إذ أحدث نقزة لدى الكثيرين لجهة كلامه الافتراضي عن الفراغ وأنّه لن يُسلّم الرئاسة إلى الفراغ.
وفي أي حال، وفي انتظار كلمة عون هذا المساء، فإنّ معالم أزمة تعطيل جلسات مجلس الوزراء تتجه إلى التفاقم في الأيام القليلة المقبلة ما لم يطرأ تطور إيجابي مفاجئ، وهو أمر مستبعد. إذ أنّ تكرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أول من أمس، وعوده بعقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً والردود المسرّبة عن "الثنائي الشيعي" باستبعاد انعقاد أيّ جلسة قبل معالجة عقدة المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، وضع موقف ميقاتي في موقع لا يُحسَد عليه لجهة الانكشاف الذي يعتري واقع الهيمنة على قرار واتجاهات وسلوكيات الحكومة والإمعان في إحباط مساعي ميقاتي لإحياء الحكومة بما يضعفه تماماً أمام الداخل والخارج.وفي جديد تداعيات الحملة الخليجية ضد "حزب الله" المستمرة على حالها، وبينما الدولة تتفرّج وتقف غيرَ قادرة على اتخاذ خطوة واحدة، لوقف الإجراءات العقابية الخليجية المرشّحة لمزيد من الاشتداد في قابل الأيام، أشار أمس وزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني إلى أنّه على لبنان إثبات أنّ جماعة "حزب الله" المتحالفة مع إيران "يمكنها تغيير سلوكها"، لرأب الصدع مع دول الخليج العربية. واعتبر أنّ "الأزمة الحالية في لبنان يجب حلّها من داخل لبنان، وعلى اللبنانيين إبداء رغبتهم في تغيير سلوك حزب الله".
ومن جانبه، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، من المنامة، أنّ "الولايات المتحدة تقف مع الشعب اللبناني في هذا الوقت العصيب".وشرع أمس وفد من الكونغرس الأميركي، الذي يقوم بزيارة استطلاعية للبنان، في جولته على المسؤولين، مشدّداً على ضرورة وقف العرقلة السياسية والانكباب على معالجة الوضع الاقتصادي. وخلال استقباله الوفد في قصر بعبدا، اعتبر عون أنّ "التفاهم قائم مع رئيس الحكومة حول المواضيع المطروحة والإصلاحات"، وأنّ "الظروف التي تمر بها الحكومة لن تستمر وسيعود مجلس الوزراء الى الانعقاد قريباً"، مضيفاً: "ملتزمون الاستحقاقات الدستورية في مجلس النواب ورئاسة الجمهورية"، وداعياً إلى "إبعاد السياسة عن القضاء لا سيما في التحقيق في جريمة المرفأ واحداث الطيونة". وقال عن إنّ "لبنان بدأ مسيرته للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعيش فيها من خلال تحضير برنامج للتفاوض مع صندوق النقد وإصلاحات النظام المالي والمصرفي". وأضاف: "لبنان يتطلع الى دعم الولايات المتحدة الأميركية للبرامج الإصلاحية وينوه بدور الإدارة الأميركية في عملية استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن وسوريا"، مردفاً أنّ "لبنان يتطلع الى استئناف المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية".
وأشار عضوا الكونغرس الأميركي داريل عيسى ودارين لحود إلى أنّ الكونغرس يتطلّع إلى دور رئيس الجمهورية في هذه المرحلة، وهم مهتمون بإنهاض الاقتصاد وانتظام عمل المؤسسات وتمكين لبنان من استخدام موارده الطبيعية. واستقبل ميقاتي في السرايا الوفد الأميركي وأبدى تقديره "لوقوف الولايات المتحدة إلى جانب لبنان ودعمها المستمر للجيش"، مشدّداً على" التزام لبنان تطبيق القرارات الدولية والحفاظ على الامن والاستقرار".بدوره، شدّد الوفد الاميركي على الوقوف إلى جانب لبنان على مختلف الصعد وعلى دعم جهود الحكومة اللبنانية". كما شدّد على "ضرورة انهاء الخلافات السياسية بما يتيح التركيز على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
وسط هذه الأجواء، انتهت منتصف الليل الفائت المهلة المحدَّدة للمنتشرين للتسجيل للمشاركة في الانتخابات النيابية، وكان عدد هؤلاء قد تجاوز الـ232 ألفاً قبل ساعات من إقفال التسجيل، بما يعني أنّ العدد النهائي سيتجاوز هذا الرقم ببضعة الاف إضافية. وفي انتظار قرار المجلس الدستوري في قضية طعن تكتل "لبنان القوي" في تعديلات قانون الانتخاب، وبعدما أثارت مواقف عون لناحية تمسكه بالانتخابات في أيار/ مايو فقط، امتعاض المختارة. إذ غرد أمين سر كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب هادي أبو الحسن عبر حسابه في "تويتر" قائلاً: "نسبة التسجيل المتزايدة لدى اللبنانيين المنتشرين في العالم أربكت القوى المتحكمة بالقرار، نحذر من أي مسار قد يؤدي إلى اختلاق إشكالية تطير حق تصويت المغتربين بالكامل، هذا حق لجميع اللبنانيين نرفض المساس به".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
عامان على انتفاضة اللبنانيين ومعارضة تستعد للانتخابات مع توقعات بإحداث تغيير سياسي ضئيل
عون يُعيد قانون الانتخاب إلى البرلمان اللبناني لإعادة النظر فيه