دبي ـ عادل البلوشي
اقرت محكمة الاستئناف في دبي، في جلستها صباح الاحد، تخفيض عقوبة الإعدام التي كانت قررتها محكمة الجنايات في شباط/فبراير الماضي بحق والد الطفلتين وديمة وميرة إلى السجن المؤبد، فيما أبقت على عقوبة السجن المؤبد بحق شريكته في الجريمة. وأرجعت الهيئة القضائية قرارها إلى عدم إجماع قضاتها الثلاثة على تأييد عقوبة الإعدام، وهو شرط يجب توافره لإقرار مثل هذه العقوبة. وعلمت “الاتحاد” أن النيابة العامة ستطعن في الحكم أمام محكمة التمييز بما يشير إلى أن فصول هذه القضية ستتواصل خلال الفترة المقبلة. وقال مصدر قضائي إن محكمة التمييز المكونة من 5 قضاة وهي أعلى سلطة قضائية، وتعد أحكامها ملزمة، إما أنها ستعمد إلى إعادة القضية برمتها إلى هيئة مغايرة في محكمة الاستئناف، أو أنها ستفصل بها، مشيراً إلى أن أحد هذين الخيارين سيتم حسمه عند نطق المحكمة بقرارها. وتتجه الأنظار الآن إلى محكمة التمييز لمعرفة الموعد الذي ستحدده للنظر بالقضية التي شغلت الرأي العام، وأخذت حيزاً واسعاً من اهتماماته منذ الإعلان عن التفاصيل المأساوية التي عاشتها الطفلتان على مدى أشهر. وستنظر المحكمة في الوقت ذاته في استئناف شريكة الوالد التي عاقبتها المحكمة بالسجن المؤبد. وكانت محكمة الجنايات بدبي قررت منتصف شباط/فبراير الماضي عقوبة الإعدام بحق والد الطفلتين وديمة وميرة ومعاقبة شريكته بالسجن المؤبد، فيما حمَّلت والدة الطفلتين قسطاً كبيراً من المسؤولية عن المصير المأساوي للطفلتين من دون أن تصدر بحقها أية عقوبات؛ كونها لم تسند لها أي اتهامات في القضية. جاء ذلك، بعد أن إدانتهما بحجز حرية الطفلتين في سن الحداثة، 8 و7 سنوات، وحرمانهما من حريتهما بغير وجه قانوني، واستعمال القوة، والتهديد وأعمال التعذيب البدني والنفسي بحقهما لمدة تقترب من 6 أشهر، ما أفضى إلى موت المجني عليها الأولى (وديمة). وصدر الحكم بإعدام الوالد آنذاك بإجماع الهيئة القضائية المكونة من 3 قضاة، فيما استوجب قبل تنفيذه إجماع 3 قضاة في محكمة الاستئناف، و5 في محكمة التمييز، ومصادقة حاكم دبي عليه. يذكر أن النيابة العامة أحالت في يونيو الماضي والد الطفلتين وشريكته إلى محكمة الجنايات، مطالبة الهيئة القضائية فيها بإنزال عقوبة الإعدام بحق المتهمين طبقاً للمادة 344 من قانون العقوبات الاتحادي، مشيرة إلى أنهما حجزا الطفلتين وعذباهما وأخفيا جثة إحداهما من دون تصريح من السلطات المختصة. وحينها، شدد المستشار عصام الحميدان النائب العام للإمارة، على أن النيابة لن تتسامح مع أي طرف آخر يثبت أن إهماله تسبب في ارتكاب هذه الجرائم ضد الطفلتين، مشيراً إلى أن الوالد وشريكته تجردا من المشاعر الإنسانية، ونُزعت من قلبيهما الرحمة، إذ احتجزا الطفلتين شهوراً عدّة، أذاقاهما فيها صنوفاً من العذاب البدني والنفسي، من حرق وتجويع وامتهان. وأظهرت التحقيقات التي أفصحت عنها النيابة عن أن المتهم (29 عاماً) والمتهمة (27 عاماً) حجزا حرية المجني عليهما وديمة (ثماني سنوات) وميرة (ست سنوات)، وحرماهما حريتهما بغير وجه قانوني، وصحب ذلك استعمال القوة والتهديد والتعذيب الجسدي والنفسي، بأن مارسا شتى أنواع الضرب بصورة وحشية على جسديهما النحيفين، ما يقارب ستة أشهر. وبينت أن المتهمين استخدما مكواة لكيهما، وسجائر لحرقهما في أماكن متفرقة من جسديهما، وسكبا ماء ساخناً عليهما، وصعقاهما بالكهرباء، وضرباهما بعصا، وحبساهما في حمام الشقة، وخزانة الملابس، وأحكما إغلاقهما، ثم تركاهما على تلك الحال ساعات متواصلة من دون ماء أو طعام. وقالت النيابة العامة إن ذلك أفضى إلى موت الطفلة الكبرى، وحدوث إصابات في الشقيقة الصغرى، سببت لها عاهة مستديمة تصل نسبتها إلى 10 في المائة، مضيفة أن المتهمين أخفيا جثة الطفلة الأولى، ودفناها في منطقة البداير في الشارقة، وهي رملية نائية، من دون الحصول على تصريح رسميّ بالدفن من الجهات المختصة.