دمشق - مصر اليوم
بدا الاعلان عن استقالة الموفد الدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي بمثابة نعي للجهود الدبلوماسية من اجل ايجاد تسوية سلمية للنزاع المستمر منذ ثلاث سنوات، في وقت يقترب موعد الانتخابات الرئاسية المرفوضة من المعارضة والغرب والتي ستكرس بقاء الرئيس بشار الاسد على راس السلطة. وفيما يفتح الاعلام السوري صفحاته واثيره للحملات الممهدة للانتخابات الرئاسية المحددة في الثالث من حزيران/يونيو والتي وصفتها واشنطن ب"المهزلة"، جدد مسؤولون اميركيون التأكيد في حضور رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد الجربا ان "لا مكان للاسد في مستقبل سوريا". واعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الثلاثاء قبول استقالة الابراهيمي الذي يغادر منصبه في 31 ايار/مايو، مشيدا ب"الصبر والمثابرة" اللذين تحلى بهما الدبلوماسي الجزائري (80 عاما) خلال عمله مدى عامين مبعوثا مشتركا للامم المتحدة وجامعة الدول العربية. واسف بان لان الطرفين المعنيين بالازمة "وخصوصا الحكومة، اظهرا ترددا كبيرا في الافادة" من فرصة التفاوض التي اشرف عليها الابراهيمي في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير في جنيف. وانتقد ايضا عجز مجلس الامن الدولي قائلا "فشلنا جميعا". وبذل الابراهيمي رجل المهام الصعبة، اقصى جهوده لوضع حد لنزاع اوقع في ثلاث سنوات اكثر من 150 الف قتيل. وكان يردد انه يتمتع بالصبر الكافي للوصول الى مرحلة الولوج الى الحل. لكن احد اصدقائه روى اخيرا لوكالة فرانس برس انه بدأ يشعر بان مخارج الازمة اغلقت الواحد تلو الآخر، لا سيما بعد اعلان النظام تنظيم انتخابات رئاسية متجاهلا تماما مطالبة المعارضة بتنحي الاسد وبتشكيل هيئة حكم انتقالية تمثل الطرفين. وتعليقا على الاستقالة، وصفت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات الابراهيمي بانه "رجل السعودية"، مضيفة "انكشف انحيازه للمعارضة" لا سيما في مؤتمر جنيف-2، معتبرة ذلك "أهم أسباب إخفاقه". كما انتقد مندوب دمشق في الامم المتحدة بشار الجعفري الابراهيمي، لا سيما "تدخله في الشأن الداخلي السوري". واضاف بحسب ما نقلت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا)، انه "من السابق لاوانه الكلام عن خليفته". في المقابل، قال المسؤول في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية نجيب غصبان انه يشعر بالمرارة التي دفعت الابراهيمي الى الاستقالة، مشيرا الى ان المعارضة "تقدر الجهود التي بذلها". على خط مواز، تتواصل الحملات الانتخابية التمهيدية للانتخابات الرئاسية في مناطق سيطرة النظام. وارتفعت في دمشق لافتات وصور جديدة للاسد الذي يخوض حملته تحت شعار "سوا"، علما ان لا منافس جديا يواجهه. ورفعت خلال الساعات الماضية شعارات جديدة منها "سوا... (سوريا) بترجع احلى"، و"بيرجع الامان.. سوا"، وسوريا "اقوى.. سوا"، بحسب صحافيين في فرانس برس. ويواظب المرشحان اللذان سيواجهان الاسد، على الظهور في احاديث اعلامية رتيبة المضمون. وقال المرشح حسان النوري للموقع الالكتروني لقناة "المنار" التابعة لحزب الله اللبناني حليف دمشق، ان "الجيش العربي السوري (...) خط احمر"، منتقدا تركيا والسعودية الداعمتين للمعارضة السورية. وابدى إعجابه بالرئيس الراحل حافظ الأسد. واكد المرشح ماهر حجار في حديث الى قناة "الاخبارية" السورية أن بلاده "تخوض حربا ضد قوى خارجية عربية وإقليمية ودولية تريد استهداف الشعب السوري بكل فئاته وأطيافه"، مضيفا ان أحد أسباب ترشحه "هو الإرهاب الذي تتعرض له سوريا". في المقابل، جددت واشنطن دعمها للمعارضة، عبر انضمام الرئيس باراك اوباما الى اجتماع في البيت الابيض بين رئيس الائتلاف المعارض احمد الجربا ومستشارة البيت الابيض للامن القومي سوزان رايس. واورد بيان للرئاسة الاميركية ان اوباما ورايس "كررا ان بشار الاسد فقد كل شرعية في قيادة سوريا، وان لا مكان له في مستقبل" البلاد. ولم يتطرق البيان الى طلب الجربا حصول المعارضة على اسلحة نوعية لتأمين بعض التوازن على الارض مع ترسانة القوات النظامية. وتخشى واشنطن وقوع اسلحة كهذه في ايدي مجموعات متطرفة معادية للولايات المتحدة او حلفائها. والاربعاء، غادر وزير الخارجية الاميركي جون كيري واشنطن متوجها الى لندن حيث سيعقد لقاءات تشكل الازمة السورية احد محاورها. وتعقد "مجموعة اصدقاء الشعب السوري" الداعمة للمعارضة اجتماعا الخميس في لندن، سيركز على الجهود "لتخفيف المعاناة الانسانية في سوريا وزيادة الدعم لانتقال معتدل"، بحسب مسؤول اميركي كبير. وادى النزاع الى مقتل اكثر من 150 الف شخص وتهجير الملايين، اضافة الى دمار هائل واوضاع انسانية صعبة. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم ان 847 شخصا توفوا تحت التعذيب في سجون النظام منذ مطلع 2014، بينهم 15 طفلا وست نساء. في جنيف، افادت دراسة لمنظمة "مركز الاشراف على المهجرين" غير الحكومية، ان النزاع السوري يرغم عائلة على النزوح كل دقيقة، ما يجعل منها البلاد التي تواجه اوسع أزمة نازحين في العالم واسرعها تطورا. على صعيد آخر، ذكرت صحيفة "الوطن" ان اتفاقا لتبادل محتجزين لدى المعارضة في بلدة عدرا العمالية بمعتقلين في سجون النظام، دخل حيز التنفيذ اذ تم أمس "إطلاق عائلة مخطوفة" من ثمانية أشخاص يحتجزها مقاتلو المعارضة، مقابل "إدخال مواد غذائية إلى المدنيين في البلدة". ويقضي الاتفاق بان يفرج النظام عن 1500 معتقل لديه والسماح بدخول مساعدات انسانية الى البلدة الواقعة شمال شرق دمشق، مقابل خروج 1500 عائلة من البلدة التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة منذ كانون الاول/ديسمبر. والبلدة مختلطة يقيم فيها علويون ومسيحيون وسنة. ميدانيا، تواصلت اعمال العنف. وافاد المرصد السوري عن مقتل تسعة مقاتلين معارضين في معارك مع القوات النظامية قرب بلدة خطاب في ريف حماة (وسط)، فيما قتل طفل وثلاث نساء في قصف للطيران الحربي على بلدة داعل في ريف درعا (جنوب). أ ف ب