بيروت غنوة دريان
ازداد تردد الناس في كل أنحاء الوطن العربي خلال السنوات الماضية على العيادات النفسية والعصبية خصوصا في لبنان طالبين المساعدة والمشورة، ويعد الدكتور جمال حافظ من أكثر الأطباء الذين يتردد على عياداتهم أشخاص يطلبون منه المساعدة لحل مشاكلهم النفسية والعصبية.
وأشار جمال لـ"مصر اليوم" إلى عدم تردُّد اللبنانيين فقط عليه بل يزوره المرضى من شتى بقاع الوطن العربي؛ فيأتي إلى عيادته العديد من الأشخاص من جنسيات مختلفة والمرض المسيطر هو الاكتئاب بشتى درجاته، والخوف من المستقبل؛ وهذا شيء طبيعي. مضيفا أن لكن الاكتئاب ينتشر بين الناس اليوم بصورة كبيرة والمعدلات العمرية بدأت بالانخفاض، ففي الماضي كان الاكتئاب يبدأ مع بلوغ المرأة سن اليأس كما هو متعارف عليه (مع أنني لا أحب هذه العبارة)، وعند الرجل عندما يبلغ سن التقاعد فيشعر أن وظيفته انتهت في الحياة، وطبعا هذا أيضا مفهوم خطأ، أما اليوم فإن المصابين بالاكتئاب الذين يترددون إلى عيادتي في العشرينات والثلاثينات ويشعر البعض منهم بأعراض الاكتئاب التي تتفاوت من شخص لآخر، ومرض الاكتئاب أكثر من الشعور بوعكة أو حزن شديد. الاكتئاب مرض منتشر خطير معقد، وحسب الإحصاءات يصيب أكثر من 121 مليون شخص حول العالم .
ويصاب به 15%-25% من النساء و10%-15% من الرجال. ومن ناحية النظرة الجديدة والمعاصرة فإن الاكتئاب يعد ناتجا عن نقص أو عدم توازن في المواد الكيميائية الموجودة في المخ والجسم. هذه المواد تسمى "نويروترانسميترات" (ناقلات كيماوية بين عصبية مثل سرطونين، نورابنفرين ودوبامين).
وأضاف أن هذا المرض يصيب الجسم كله فهو يسهم في رفع نسبة التعرض لمرض القلب، ويخل بعمل جهاز المناعة وأمور أخرى، بالإضافة إلى أنه كلما بقي الشخص المصاب بالاكتئاب فترة أكبر دون علاج، زاد وضعه سوءًا وقل احتمال تخلصه من المرض نهائيا، وقد تتفاقم الأمور وتؤدي إلى مشاكل عائلية وأسرية (غالب المشاكل في الحياة الزوجية)، ومشاكل في العمل، ومع الأسف فإن البقاء دون علاج قد يؤدي إلى التفكير في الانتحار .
وبخصوص أعراض الاكتئاب بيَّن أن الشعور العميق بالفراغ والحزن يرافق الاكتئاب بجانب بعض المؤشرات الجسمانية مثل آلام في الظهر أو إرهاق دائم، ومعظم الناس الذين يعانون من حالة الاكتئاب يشكون من العصبية والتوتر، وهذا المزاج السيئ لا يبقى في مستوى الألم النفسي وإنما منهم من يصرح عن حالة جسدية سيئة بشكل عام، ومن المتوقع أن حالة الاكتئاب قد تؤثر سلبًا على كل الأجهزة في الجسم؛ فإذا كنت تعاني من أحد هذه الأعراض في فترة ما بين أسبوعين أو أكثر، مما يشوش نمط حياتك بوضوح، فمن الممكن أن تكون مصابًا بالاكتئاب.
أما عن العلاج فقد أوضح أن الحل الوحيد هو التعامل بواقعية وعدم تهويل الأمور وتكريس الجهد في أداء الواجبات اليومية, وفي حالة استمرار الحالة ينبغي معاودة أخصائي نفسي للوقوف على تفاصيل أكثر قد تتعلق بمستوى معين من الأفكار التسلطية التي تسبب حالة من الوسواس القهري؛ وهذا سيتم التخلص منه من خلال الخطة العلاجية التي ستتحدد بعد التأكد من التشخيص وذلك بالتأكيد بمساعدة الطبيب النفسي، لكن الطبيب النفسي لا يمكن أن ينجح في مهمته إلا إذا كانت هناك إرادة من جهة المريض على تجاوز تلك المرحلة الحرجة، والمريض دائما مهما كان يملك إردادة للشفاء لكنه في بعض الأحيان يحاول التذاكي على الطبيب أو إعطائه فكرة بأنه أتى إلى عيادته من باب الفضول لا أكثر، ولكن مع القليل من المحادثة يشعر المريض بالارتياح فيبدأ بالكلام ومن خلال كلامه أستطيع اكتشاف إذا كان يملك ميولا انتحارية مثل بعض المحاولات السابقة الفاشلة أو التحدث عن الانتحار وكأنه حل لجميع مشاكله، وهناك بعض المرضى الذين أنقذوا من محاولة الانتحار وهم الآن مقبلون على الحياة بدرجة كبيرة.
وحوا أكثر الأمراض انتشارا بعد الاكتئاب قال الدكتور جمال إن النفس البشرية معقدة للغاية ولكل إنسان نقاط ضعف وقوة، فهناك أحداث تمر في حياة أحدهم مرور الكرام وآخرون تشكل بالنسبة لهم عقدة علينا حلها فكل إنسان له محيطه وظروفه ولا يمكن أن ننسى دور الأهل والأصدقاء في مساعدة المريض على تجاوز محنته. النسبة لي على الأقل لم تواجهني حالة يأست من شفائها "فكما خُلق الداء خُلق الدواء" والطبيب عليه أن يحاول بكل ما أوتي من خبرة ومعرفة مساعدة مريضه، والحمد الله أن الكثير من مرضاي تحولوا إلى أصدقاء.