بيروت ـ مصر اليوم
جرعات من الإيجابية والفرح تزودك بها الفنانة نوال الزغبي من خلال أغاني ألبومها الجديد «عكس الطبيعة». حتى الآن أطلقت منه أغنيتين «أرقص» و«عليه ابتسامة». وفي العملين استطاعت نوال الزغبي أن تنافس نفسها بنفسها. فأحدثت حالة فنية غير مسبوقة، بعد تحقيق العملين وفي ظرف مدة قصيرة ملايين المشاهدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تجمع نوال في الـ«ميني ألبوم» هذا 4 أغنيات. ويشارك في كتابتها وألحانها أحمد الزعيم وأحمد حسن راؤول والراحل ألفريد الأسعد وأحمد ماضي وغيرهم. ومن المتوقع أن ترى النور أغنية الألبوم الثالثة «عكس الطبيعة» في الأسابيع القليلة المقبلة، وتلحقها الرابعة «قلبي على قلبو» للملحن زياد برجي بعد فترة.
لم تتوقف الفنانة اللبنانية عن إحراز النجاح تلو الآخر طيلة مشوارها الفني وعمره نحو 30 عاماً. متألقة كعادتها في إطلالاتها تشغل نوال الزغي صاحبة لقب «النجمة الذهبية» اللبنانيين بأناقتها وبجمالها. فهي تبحث دائماً عن التجدد وعن تقديم ما يشبهها كما تقول. «إن خبرة الفنان هي التي تسهم في انتقاء خياراته الصائبة. فأنا لا شعورياً يلفتني العمل المناسب شرط أن يشبهني. الموسيقى أيضاً تلعب دورها في العمل، إذ لا نستطيع أن نتوقف في زمن ألحان سابقة وفي المقابل الدنيا تمشي نحو الأمام».
تعرف نوال كيف تولد الأغنية الناجحة وعلى أي قاعدة. تستمع إلى اللحن تدندن الكلام وتتخذ قرارها من دون تردد. فبرأيها مثلاً لحن أغنية «أرقص» للراحل ألفريد أسعد، تطلّب كلاماً بسيطاً للشاعر أحمد حسن راؤول كي لا يفقدها هوية نغمتها. فجاء موضوعها خفيف الظل يحفظه مستمعه بسرعة. وتعلق: «تحركني الموسيقى ولكني في الوقت نفسه أعطي أهمية كبرى للكلام. في (أرقص) ابتعدت عن الحلم والخيال، لأن الكلام السهل يمكن أن نردده أثناء ارتشافنا كوباً من القهوة، ونحن على الشرفة. كذلك الأمر بالنسبة لأغنية الألبوم الخليجية (عليه ابتسامة)، تدفع بسامعها أن يعيش الحالة التي تتناولها، فيشعر بجموح الحب ولو كان غائباً عنه».
كل هذه الإيجابية التي تمارسها عليك أغاني نوال لم تأتِ بالصدفة. «لقد قصدت أن تحمل أغاني عملي الجديد، الفرح والابتسامة والصورة الحلوة. فالفنان عليه أن يلون حياة الناس، ويعطيهم الأمل في ظل أجواء قاتمة. لقد كان في استطاعتي أن أقدم أغاني كلاسيكية أو درامية، ولكني تمسكت بتلك التي تبعث إلى البهجة.
الكبار كما الصغار يرددون اليوم أغنيتي نوال، وهو ما تشير إليه كثافة اللقطات المصورة على أنغامهما، وتصدرهما الـ«ترند» على تطبيق «تيك توك» ومشاهدات بالملايين على «يوتيوب». «ليس فقط في لبنان بل في العالم العربي حصدت هذه الأغاني النجاح الكبير. ربما الجائحة والأزمات الاقتصادية كانت كارثية على أهل بلدي أكثر من غيرهم. فهم خسروا الكثير، فكان لا بد من أن أساهم كفنانة في مسح الدمعة عن وجوههم».
وكيف تصفين لبنان اليوم؟ ترد: «إنه يلفظ أنفاسه الأخيرة كمريض سرطان نبحث له عن دواء قد ينقذه. خائفة أنا اليوم على لبنان من الموت ومن الاختفاء عن الخريطة. فالمسؤولون السياسيون عندنا أسهموا في تجويعنا وإفلاسنا وفي هجرة أبنائنا. ولكنني على يقين أن لبنان قادر على الانتصاب من جديد. كلي أمل بذلك وأتمنى ألا تفصلنا عن هذا النور مسافة طويلة».
بالنسبة لنوال الزغبي فهي شدّت أحزمتها واتخذت قرارها النهائي في البقاء في لبنان مع أولادها. ولكن؟ «الجميع يهاجر لم يعد لبنان جميل بأهله، الفلول طويلة غادرت يائسة. لقد غرّدت اليوم على (تويتر) أن كل الأصحاب والأحباب هاجروا فهل سنترك الوطن نحن أيضاً؟».
وأنت تتحدث مع نوال الزغبي وتلمس إيجابيتها وحيوتها ونبرة صوتها الفرحة تتساءل في قرارة نفسك، يا ترى ما هو سرّها؟ «إنني هكذا بالفطرة ليس هناك ما تتعلمينه في هذا الخصوص. لم يوجهني أحد كي أعرف كيف يجب أن أكون. لا شك أنه كان لأمي الذواقة في كل شيء تأثيرها علي. أشعر باستمرار أنه علي التجدد، وكل ما أقدمه للناس يشبهني، ولذلك يصدقونني (فأنا هيك). الصدق هو شغفي وكل ما أقوم به ينبع من أعماقي».
انتهت نوال الزغبي منذ أيام قليلة من تصوير أغنية ألبومها الجديد «عكس الطبيعة» تحت إدارة المخرج فادي حداد. «إنه مخرج رائع أستمتع بالعمل معه. فهو ديناميكي بشكل كبير في عمله. انتظروا كليب (عكس الطبيعة) بعد نحو ثلاثة أسابيع تقريباً. هذه الأغنية أتوقع لها الكثير وكأنها ستحدث «تسونامي»... أنا متحمسة جداً لها، إذ لم يسبق أن قدمت فكرة مشابهة، وهي من بين أجمل أغاني الألبوم. موضوعها مهضوم والموسيقى حماسية، إنها تدخل القلب بسرعة». كتب الأغنية الشاعر اليمني محمد قاسم ولحنها أدهم.
تحملين رسائل عديدة في أغنياتك، كي تصل المرأة. فماذا تقولين لها عبر الـ«الشرق الأوسط»: «أحبي ودللي نفسك، لن تستطيعي أن تحبي الآخرين، إذا لم يبدأ الأمر من ذاتك. في حياتي عشت الحلو والمر والضعف والقوة. لقد أدركت أن الحياة قصيرة لا تستأهل مني ولا دمعة، ولا دقيقة حزن أو توتر. هناك ظروف تفرض علينا أحياناً، ولكن علينا تجاوزها والتغلب عليها. هذا الأمر لا يتحقق إلا عندما ندرك حقيقة وقيمة أنفسنا. ولا أخفي عنك أني امرأة مؤمنة أسلم طريقي دائماً لرب العالمين. فعندما تتسلحين بالإيمان لا يمكن لشيء أن يكسرك سوى الموت».
إذا ما تابعت منشورات نوال الزغبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتغريداتها، لا بد أن تلمسك كلماتها وأسلوب تفكيرها البسيط والعميق معاً. فهي غردت تقول مؤخراً «شو حلو الشعور لما تتحرر من مشاعر وأحاسيس كانت تخنقك وتخلصت منها». تعلق: «تريدين أن تعرفي لماذا كتبت هذه العبارة؟ أشرت فيها إلى الحرية، ومدى غلاوتها عند الإنسان. فعندما يكون الشخص مغروماً بآخر، ولا يلبث أن يشعر بعدم الرغبة في البقاء معه، فهو يرسم قراراً صعباً يرتبط بالحرية.
وعندما تعيشين بدوامة وتتحررين منها، فإن إحساساً بالراحة يغمرك. هذه هي مشاعر الحرية التي لا مثيل لها، ولا أستطيع أن أتنفس من دون الحرية. اللبنانيون بمجملهم مثلي، وإلا لماذا يهجرون الوطن؟ أليس لأنهم يشعرون بالاختناق من قبل طبقة سياسية فاسدة تحكمنا؟».
برأي نوال الزغبي الحياة أسهل مما نعتقد، ولكن علينا أن نعرف كيف نجاريها أحياناً، ونواجهها بصلابة أحياناً أخرى، فلا يجب أن يغمر قلبنا الاسوداد. وهل التقيت بأشخاص أصحاب قلوب سوداء؟ «آه طبعاً التقيت الكثيرين منهم، واليوم لم أعد أثق بأحد. الثقة بالآخر معدومة، وتقتصر على دائرة صغيرة تتألف من أمي وإخوتي ليس أكثر».
تحكي نوال الزغبي عن الساحة الفنية اليوم ولا تعتبرها ذاهبة إلى الأسوأ. «الأوضاع العامة هي سيئة، ولا بد أن تنعكس على الساحة. أشعر وكأنها في حالة صمت أو توقفت عن الحراك. إننا نحاول كفنانين أن نحييها قدر المستطاع، وأن نترجم بأصواتنا الأماني الحلوة. ولكن مع الأسف لا جديد اليوم على الساحة ولا ابتكارات. فعندما ندخل الساحة من باب تقليد وائل كفوري أو نوال الزغبي أو أي فنان آخر، نكون أمام عملية استنساخ. نحن بحاجة إلى هوية فنية تثبت نفسها بنفسها. حتى الناس ما عادت تتقبل الجديد بسبب همومها الكثيرة. فهي لم تعد تجد الوقت لذلك، عكس الماضي حيث كانت الناس لديهم الشهية والطاقة معاً. أنا شخصياً وعندما أستطيع دخول قلوب الناس بعمل ما، أكون أسعد امرأة في العالم، لأن ذلك بمثابة إنجاز في الحالة المتردية التي نعيشها».
وهل أنت أسعد امرأة في العالم؟ ترد: «أنا امرأة سعيدة ولكن لست الأكثر سعادة، فأنا أيضاً عندي حياتي ومشكلاتي التي لا تتركني بحالي».
لا تخاف نوال الزغبي من الغد وماذا يخبئ لها. «أن أعيش اللحظة هو الأهم عندي، وأترك الغد إلى الغد». وعن علاقات الفنانين ببعضهم اليوم تقول: «هناك ألفة لافتة بيننا، كلنا نتمنى الخير لبعضنا، ونتبادل التهاني عند إصدارنا أي جديد. ليس صحيحاً أنهم يضعون الأقنعة على وجوههم ويتعاطون مع الآخر بسطحية. جميع فنانينا فيهم الخير والبركة. كما أن الناس تستطيع أن ترى وتدرك الصدق من الكذب. وفي زمن السوشيال ميديا الجميع مكشوف، والناس تدير ظهرها للفنان غير الصادق وتمشي من دون تردد».
هل يمكن أن تغني ديو مع زميلة فنانة؟ «لقد حققت أهم أغنية ثنائية مع الفنان وائل كفوري (مين حبيبي أنا؟) ولكن لا بأس بالفكرة إذا تألف الديو من عناصر موسيقية وكلامية جيدة. فالديو مع فنانة زميلة هو أمر صعب، يلزمه انسجام بين صوتينا، وإلا فالناس لن تصدقنا وتحبنا».
ونعود إلى الحديث عن ألبومها الجديد «عكس الطبيعة». ماذا ينتظرنا بعد «أرقص» و«عليه ابتسامة»؟ «هناك أغنية (عكس الطبيعة) الرائعة ستحبونها أيضاً، وكذلك أغنية (قلبي على قلبو) وهي برأيي ستكون مميزة. في هذا الألبوم لم يعتريني القلق حول الصدى الذي يمكن أن يحققه عند الناس. كنت واثقة بجميع خياراتي فيه. أغنية (أرقص) اعتبرتها مخاطرة لأن لا حل وسط عندها، فإما تفشل وإما تنجح والحمد الله حصدت ما تمنيته. فالنتيجة التي أحدثتها زودتني بالقوة وتفاءلت».
وماذا عن الأغنية الخليجية «عليه ابتسامة»، سيما وأنك تنجحين في هذا اللون؟ «عندما يستطيع الفنان أن يؤدي الأغنية الخليجية بنجاح، يجب أن ترفع له القبعة، لأن الأمر ليس بالسهل أبداً. أحياناً تعرض علي أغاني من هذا اللون ولكني أرفضها، إذ أشعر بأني لا أستطيع أن أعطيها من عندياتي. هناك أغنيات كثيرة خليجية رفضتها، مع أنها حققت نجاحاً باهراً في المقابل مع الفنان الذي قدمها ولم أندم أبداً. أحب الجمهور الخليجي كثيراً فهو واقعي، يهتم بالكلمة العميقة. وعندما تغني موضوعاً رومانسياً بالخليجي، تعود بك الدنيا إلى زمن الحب الحقيقي، للإحساس المرهف في الكلمة واللحن».
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :