المهندس أسامة كمال وزير البترول

كشف المهندس أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق، أن مصر ستتوقف تمامًا عن استيراد الغاز من الخارج عقب دخول حقل "إيني" حيز الخدمة في حلول عام 2020، وأن التباطؤ يستولي على عمليات البحث والاستكشاف منذ العام 2010.

وأضاف الوزير في حواره مع "مصر اليوم" أن مصر تمكنت من سداد 40% من مستحقات الشركاء الأجانب، وأنها تعتزم الانتهاء من سداد الـ60% الأخرى خلال عامين، مشيراً إلي أن تباطؤ سداد مستحقات الشركاء الأجانب في الفترة الأخيرة، أثر سلباً علي جذب استثمارات جديدة إلى القطاع الذي يُنظر إليه باعتباره أكثر القطاعات جذبًا للاستثمارات، نظرًا لاستقراره، مبدياً في الوقت ذاته، معارضته لتصدير المواد الخام إلى الخارج.

وأكد أن كشف "ايني" هو أحد الأشياء المهمة التي من الممكن أن تدفع عجلة الاقتصاد في مصر، والتنمية في الوقت الراهن بلا طاقة، ولا تستطيع تحقيق أي خطوات ناجحة على الأرض، والوضع اليوم خطير، فهناك عجز في موارد الطاقة، نتيجة التباطؤ الذي شاب عمليات البحث والاستكشاف في الفترة من 2010 وحتى 2012، وهذا التباطؤ مستمر للأسف، حتى عام 2020، وذلك لحين الكشف عن عدة اكتشافات أخرى ترتبط بتكثيف أعمال التنقيب والبحث، وأؤكد أن الدولة مستمرة في الاستيراد حتى يحدث توازن بين الاحتياجات والقدرات المحلية، وأتوقع حدوث توازن مع دخول حقل "شروق" نطاق الخدمة، مضيفًا: "قصة التصدير نحن ضدها وأجهزة الدولة أيضًا
 ضدها؛ لأن تصدير المواد الخام لا يُحدث قيمة مضافة إلى المادة الخام، كما أن مصر بلد كبير بشعبها، ولا نستطيع، ولا ينبغي أن نصدر مواد خام، ولكن من الضروري الاستفادة منها بخلق فرص عمل، والحد من تفاقم البطالة، بما يسهم في تحجيم عمليات الاستيراد وتعزيز عمليات التصدير لبعض المنتجات النهائية من المادة الخام، وتتوقف مصر عن استيراد المشتقات البترولية بكافة أنواعها، من خلال التوازن الذي لن يحدث قبل عام 2020، وذلك بعد دخول اكتشافات جديدة.
 
وأوضح أن قطاع البترول، دائماً ما يجذب الاستثمارات العالمية نتيجة استقراره، ولكن التباطؤ في سداد مستحقات الشركات في الفترة الأخيرة إلى الشركاء الأجانب، أثر سلبًا على جذب الاستثمارات الجديدة، وبدأنا حاليًا التعامل مع هذه المشكلة بوضع برامج زمنية لسداد تلك المستحقات، ما سيقود نحو تحسين الوضع الحالي، من حيث ثقة تلك الشركات الكبرى في عمليات الاستقرار السياسي، والتي تُحدث شيء من التوازن في هذا المجال، مؤكدًا أن مصر بدأت سددنا 40% من المستحقات، وملتزمة بسداد الـ 60% متبقية خلال عامين، وأن الوضع يتغير كل يوم، فأسعار المادة الخام غير مستقرة، أحياناً ترتفع وأحيانًا أخري تنخفض، وهذا يخلق اضطرابات كثيرة في المديونية التي ترتفع أو تقل، ارتباطاً بعمليات الاستيراد والتصدير، و نستهدف التعامل مع تلك المستحقات خلال عامين.

أضاف: "نحن نتكلم عن حاجتين مختلفتين: مشروع اقتصادي له جدوى اقتصادية وعائد على المستثمر والدولة، وتبرعات لصندوق تحيا مصر وهو بلا عائد، وأنا أرى عندما قال السيسي أنا عايز 100مليار على الترابيزة، وأعتقد البعض أنه يريد هذا المبلغ للدولة وليس لبناء مشروعات وهذا ما ظنه رجال الأعمال الذين يضعون نصب أعينهم المكسب، ولكنني أظن أن الرئيس كان يقدم دعوته هذه لجمع أموال لإقامة مشروعات للارتقاء بالبلد"، موضحًا أن الإصلاح يأتي عن طريق خطوات نبدأها بمنع التهريب ومحاربة السوق السوداء  بـالكروت الذكية وتقليل سعر تكلفة السلعة، ومنع التهريب، والتحريك الجزئي للأسعار ونهاية رفع الدعم ومنحه نقدا إلى المواطن, والمشكلة تكمن أننا منذ ثلاث سنوات لم نفعل أي شيء سوى الثورات والتظاهرات وكان لابد من جراحة علاجية بدون بنج وهذا ما حدث من تحريك للأسعار، وفى الحقيقة هذه الجراحة كانت مؤلمة إلى المواطن لكنها ساعدت في علاج التشوهات.
 
وأشار إلى أنه بالنظر إلى أميركيا نجد أنها أكبر منتج للبترول وفى نفس الوقت أكبر مستورد، ما العيب في ذلك، كوريا واليابان أيضا ليس لديهما غاز وبترول ويقومان باستيراده, المشكلة ليست في أن البلد ينتج والآن يستورد، وأننا لا ننتج أكثر من إنتاج الإمارات لكن المشكلة هل استهلاك المصريين مثل استهلاك الإمارات، مضيفًا :"نحن  وضعنا أفضل من الناحية النظرية، لأننا ننتج أكثر ولكن نحن لا نحسن استغلال مواردنا، وبالتالي لا يظهر ما ننتجه، وهذا كان أحد النقاط الهامة التى كانت مثار خلاف بيني وبين النظام السابق، وقطاعات البترول والثروة المعدنية بها مناطق لم تكتشف بعد ولم يتم طرحها ولكن ما نقدمه من شروط  تعاقدية لا يعمل على جذب المستثمرين, كما أننا لا نلتزم بدفع المستحقات المالية إلى الشركاء الأجانب أثناء البحث والتطوير الذى يقومون به فتراكمت المديونيات لصالح قطاع الطاقة بوجه عام لدى أجهزة الدولة المختلفة فوزارة الكهرباء مديونياتها كبيرة وأيضا مديونية البترول لدى الدولة 150مليارًا".

وشدد على أن  هناك مناورات سياسية غرضها التنكيد على قبرص لصالح تركيا فهناك اتفاقية تقسيم الخزانات الهيدروكربونية التي تم توقيعها منذ أيام بين مصر وقبرص واتفاقية ترسيم الحدود التي اعتمدت في 2003، ومعمول بها طبقًا إلى المعايير الدولية، مضيفًا: "بالتأكيد أشعر بالتفاؤل ولكن هناك العديد من المحاذير الاقتصادية، التي يجب مراعاتها قبل البت في أي مشروعات كبرى وقبل اتخاذ القرار، فقطاع البترول يحتاج دفعة قوية من أجهزة الدولة، وأتمنى أن أرى  خطوات سريعة منها  قانون الثروة المعدنية  الذي لا يزال فى الأدراج منذ ثلاث سنوات وهو جاهز للتوقيع والإصدار، وقد بدأنا منذ  3 سنوات بإجراء إعادة هيكلة للعقود، بالرغم من أن كثيرًا منها جيد في البحث والتنقيب إلا أنها مستهلكة ومنهكة للوقت والجهد ففكرنا بعمل نموذج يتم اعتماده من مجلس الشعب الحالي ويصدر به قانون وعمليات الطرح والإسناد ويتم الاعتماد على هذا النموذج في العقود القادمة، والنظام القديم لهذه العقود قد يستغرق خمس سنوات، ما بين الطرح والترسية، أما النظام الحالي فلا يستغرق سوى ثلاثة أشهر".

 وقال إن علينا الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، فالحكومات السابقة تكرر خطأها التاريخي في بيع السلعة مدعمة لكل من الغنى والفقير وليس دعم المواطن، لا نستطيع تحويل الدعم العيني إلى نقدي في يوم وليلة، فنحن لسنا مثل الإمارات التي يتمتع مواطنوها بأجور مرتفعة تواجه رفع الدعم، وبالتالي لا يمكن للدولة وخاصة إذا كانت غير مستقرة سياسياً رفع الدعم عن المنتجات البترولية بشكل مفاجئ وإنما بشكل تدريجي لا يشعر به المواطن، والكروت الذكية هي الخطوة الأولى لرفع الدعم عن البنزين ومعرفة النمط الاستهلاكي للمواطنين من خلال إيصاله لمستحقيه فحسب، ثم تليها خطوة تحريك الأسعار تدريجياً ما بين السعر الحر والمدعم، ثم تقليل الكمية المدعمة بما يمثل عملية تأهيل للسوق يقابلها رفع الحد الأدنى للمرتبات ورفع كفاءة الخدمات المقدمة بما يمثل تعويضًا إلى المواطن من خلال تحسين وسائل النقل العامة والتوسع في توصيل الغاز إلى المنازل، وهو ما يحقق تجفيف منابع تسرب الدعم وعجز الموازنة.
 
  وعبًر الوزير السابق عن تفاؤله؛ إذ إن مصر أنعم الله عليها بآبار شمسية تستطيع سد عجزها من الطاقة بعشرة أضعاف إنتاج الطاقة الكهربائية، ولكن الطاقة الشمسية ليست مصدرَا دائمًا على مدار اليوم، وإنما يمكن تخزين الطاقة في بطاريات، ولكن مجال الصناعة يحتم البحث عن بدائل أخرى مثل الفحم والرياح والطاقة النووية لاستخدامها فى مجال تحلية المياه في مشروعات استصلاح الأراضي وغيرها من مشروعات تحتاجها الدولة في خططها ذات الأمد البعيد، بالإضافة إلى أن وزارة الكهرباء تعتمد حتى الآن على قطاع البترول بنسبة 92% وبالتالي إذا عجز الوقود عن سد احتياجاتها تتكبد الوزارة خسائر فادحة تتسبب في ازدياد أزمات الانقطاع الكهربائي ولابد أن يتولى المجلس الأعلى للطاقة إعادة النظر في خريطة موارد الطاقة وإيجاد بدائل أخرى سريعة.

 واتهم أصحاب المصالح بعرقلة خطط الدولة لاستغلال الطاقة الشمسية، وهما نوعان: أحدهما ذو أجندات سياسية محسوب على نظامي مبارك والإخوان لا يريد استعادة الدولة قوامها الاقتصادي، والآخر يحافظ على مصالحه ومكاسبه المادية وهو يسترزق  من الوضع الحالي ويرى في استخدام الطاقة الشمسية إيقافًا لأنشطته.