شارع في مايدوغوري

تبدو مايدوغوري المعقل التاريخي لبوكو حرام في شمال شرق نيجيريا، اكثر هدوءا مما كانت قبل سنة. لكن سكانها يعيشون فيها كأنهم "محاصرون" ويتجنبون مغادرتها خوفا من هجمات يشنها الاسلاميون.
وقد تمكنت ميليشيات الدفاع الذاتي في حزيران/يونيو 2013 من طرد بوكو حرام من مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو، في سياق هجوم شنه الجيش على وقع القصف المدفعي شبه اليومي. وهي مدينة حيوية جدا ويناهز سكانها المليون.
لكن التهديد لم يستأصل. فالمجموعة المسلحة التي اثارت استياء دوليا بخطفها في نيسان/ابريل اكثر من 200 طالبة في شيبوك، احدى قرى المنطقة، استهدفت سبعة مواقع عسكرية في مايدوغوري في كانون الاول/دييسمبر 2013 وفي اذار/مارس الماضي، وسوقا مكتظة في كانون الثاني/يناير.
لكن السكان يعتقدون ان ما يثير خوفهم يكمن خارج المدينة، حيث يقيم رجال مدججو بالسلاح ويختبئون في الادغال، حواجز على الطرق بالثياب العسكرية ويعتدون على المدنيين ويجتاحون القرى المجاورة.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال آري كاكا احد سكان مايدوغوري، "نحن محاصرون عمليا من بوكو حرام".
واضاف ان "الخروج من المدينة هو مثابة كابوس لان مقاتلي بوكو حرام غالبا ما يقيمون حواجز على كبرى الطرق للتفتيش وقتل المسافرين". وقال ان "مغادرة المدينة يعني المجازفة في المجهول المتمثل بخطر الوقوع في ايدي العصابات المسلحة الاجرامية".
ويقوم آري كاكا تاجر الاقمشة برحلتين شهريا الى كانو، المركز الاقتصادي الكبير في شمال البلاد، على بعد 600 كلم الى الغرب. ويقول ان هذه الرحلة التي تضطره تجارته الي القيام بها وتستغرق سبع ساعات "عذاب نفسي".
وفي ايلول/سبتمبر 2013، قتل 167 شخصا على حاجز لبوكو حرام على بعد 70 كلم عن مايدوغوري. وكان هؤلاء قتلوا المسافرين قبل ان يجتاحوا قسما كبيرا من مدينة بنيشيك.
وقال آري كاكا "ارتجف كلما اجتزت بنيشيك لان الدمار فيها يذكرني بالمجزرة".
ووصلت حميدة محمود الطالبة في جامعة مايدوغوري لتوها من ولاية جيغاوا (المجاورة غرب ولاية بورنو). وقالت ان الرحلة التي تستمر خمس ساعات لدى عودتها من الاجازة، تجربة مخيفة.
وقالت "عشية استئناف الدروس، ابقي يقظة طوال الليل واصلي حتى يحمينا الله من بوكو حرام".
ويشعر سائقو السيارات بارتياح عندما يصلون الى نقطة تفتيش يتولاها  جنود او عناصر من الشرطة.  ولا ينزعج احد من دس "اكرامية" في ايديهم من اجل تسهيل مرورهم، على رغم اللافتات التي تذكر بأن هذا التصرف ممنوع.
وقال السائق امادو ناتالا الذي غالبا ما يقوم بالرحلة بين كانو ومايدغوري ان ذلك "افضل من ان يقتلني عناصر بوكو حرام".
ويحرص السائقون على ان يصلوا الى مايدوغوري قبل حلول الليل من اجل سلامتهم وعادة ما يسافرون ضمن قوافل من السيارات.
ويتناثر على الطريق حطام السيارات والشاحنات المحروقة التي دائما ما تذكر بوجود بوكو حرام. وينادي المتمردون باقامة حكومات اسلامية في ولايات شمال نيجيريا التي تسكنها اكثرية اسلامية، وكثفوا في الفترة الاخيرة هجماتهم الدامية حتى ابوجا وفي وسط البلاد.
واضاف السائق "تستطيع بوكو حرام ان تشن هجوما في اي وقت لكنها غالبا ما تعمد الى شن هجمات على الطرق في المساء".
وفي اذار/مارس 2013، بعد حلول الظلام، هاجم الاسلاميون واحرقوا قريتي ماينوك وجاكانا على الطريق الرئيسية المؤدية الى كانو، وقتلوا حوالى 80 شخصا.
لكن القيام برحلة الى اقصى الشمال في منطقة الكاميرون المجاورة وتشاد حيث زادت بوكو حرام من مجازرها، تجربة محفوفة بالمخاطر للمقيمين في مايدوغوري.
وقال ابراهيم غريما من مدينة باما التي تبعد 70 كلم جنوب شرق مايدوغوري "لم اذهب مرة الى مدينتي لزيارة عائلتي في الشهرين الماضيين لاني اخشى مكامن بوكو حرام".
وغالبا ما يتنقل مقاتلو بوكو حرام في القطاع بين مايدوغوري وباما. وقد اقاموا معسكرات بدائية في غابة سامبيزا وحول مدينة ديكوا. وللوصول اليها، يتعين المرور بمحور مايدوغوري-باما.
وقال غريما "نشعر بالامان في المدينة، لكن عندما تغادرها لا تعرف ماذا ينتظرك".
أ ف ب