لندن - مصر اليوم
يبذل المحققون البريطانيون جهوداً لمعرفة مصدر غاز الأعصاب المستخدم في محاولة قتل جاسوس مزدوج روسي سابق وابنته في بلدة بجنوب غربي بريطانيا، وسط تعهدات للحكومة البريطانية، الخميس، بالرد بشكل “مناسب” إذا ثبت تورط دولة في الحادث الذي يؤجج التوتر بين لندن وموسكو، المشتبه بها الرئيسية في هذه القضية، وكشفت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي أنّ الحكومة “سترد في حال الضرورة. سنفعل ذلك بشكل صحيح وعلى أساس أدلة جيدة”. ورداً على سؤال عن احتمال طرد السفير، صرحت ماي “سنفعل ما هو مناسب، ما هو سليم، إذا تبين أنه (حادث التسميم) مدعوم من دولة”.
وأكدت رئيسة الحكومة تيريزا ماي، أن الحكومة قد تفكر في منع مسؤولين بريطانيين وشخصيات من حضور كأس العالم 2018 في روسيا إذا ما ثبت تورطها في تسميم سكريبال، ولا يزال سيرغي سكريبال (66 عاماً)، الذي انتقل إلى بريطانيا في 2010 في إطار صفقة تبادل جواسيس، في حالة حرجة في المستشفى مع ابنته يوليا بعد العثور عليهما في حالة انهيار على مقعد أمام مركز تسوق، الأحد، في مدينة سولزبري بجنوب غربي إنجلترا.
وأوضح وزير الدفاع البريطاني، غافين ويليامسون، لهيئة البث البريطاني (بي بي سي): إن روسيا “تمثل تهديداً أكثر من أي وقت مضى”. وغرّد النائب المحافظ، نيك بولز، “لا أرى كيف يمكننا الإبقاء على علاقات دبلوماسية مع دولة تحاول أن تقتل أشخاصاً على الأراضي البريطانية”. لكن وزيرة الداخلية آمبر راد دعت إلى “الهدوء” في حين تقوم الشرطة بتحقيقاتها. وأكدت راد أمام النواب البريطانيين “سنبذل كل ما بوسعنا لجلب الفاعلين إلى القضاء، أياً كانوا وأينما يكونون”.
ووصفت الهجوم بأنه “وقح ومتهور” و”محاولة قتل بأكثر الطرق وحشية وعلنية”، معلّقة أنّ بريطانيا “ستتحرك بطريقة حازمة عندما تصبح الوقائع أكثر وضوحاً”، موضحة أنّه "جرى تسميم سكريبال وابنته بغاز أعصاب “نادر للغاية”. وأكدت الشرطة البريطانية وللمرة الأولى استخدام غاز أعصاب، وبأن تحقيقاتها تتعلق الآن بمحاولة قتل، وقالت إنها “تستطيع التأكيد بأن العوارض التي بدت عليهما ناجمة عن التعرض لغاز أعصاب، إن الاختبارات العلمية التي أجراها خبراء حكوميون حددت نوع غاز الأعصاب المستخدم؛ وهو ما سيساعد في تحديد المصدر”.
ونقلت الهيئة عن مصدر لم تسمه، أن غاز الأعصاب كان “نادراً بصورة أكبر من” سارين، الذي استخدم في سوريا وفي الهجوم الإرهابي على مترو طوكيو في التسعينات من القرن الماضي. كما بيّن المصدر إنه ليس غاز “في إكس”. وكان قد تم استخدام غاز الأعصاب “في إكس” لقتل كيم جونغ نام، الأخ غير الشقيق لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، في ماليزيا العام الماضي. وقالت راد أمام البرلمان إنهما “ما زالا في حالة حرجة، لكن مستقرة” في المستشفى. وأضافت: إن شرطياً محلياً كان قد تلوث بغاز الأعصاب “في حالة خطيرة، لكن مستقرة، وواع، ويتحدث ويتواصل”.
وعثرت الشرطة على سكريبال وابنته فاقدين الوعي على مقعد في مدينة سالسبوري الأحد الماضي، أما وزير الخارجية، بوريس جونسون، فكان أكثر اندفاعاً، وأشار إلى “أوجه التشابه” مع تسميم الجاسوس الروسي السابق منتقد الكرملين ألكسندر ليتفيننكو في لندن في 2006 في حادثة وجهت بريطانيا فيها أصابع الاتهام لروسيا. وأفادت الشرطة بأن مئات المحققين في قوة مكافحة الإرهاب يعملون “على مدار الساعة” لتحديد التسلسل الزمني لتحركات الضحيتين، وإنه تتم مراجعة “الكثير من الساعات” التي سجلتها كاميرات المراقبة.
واتهمت موسكو سياسيين بريطانيين وصحافيين بتأجيج المشاعر المعادية لروسية، وأشارت المتحدثة باسم الكرملين ماريا زخاروفا إلى أنّ القضية “استُخدمت على الفور لتعزيز الحملة المعادية لروسيا في وسائل الإعلام”، وذكرت صحيفة الـ”تايمز”، الخميس، نقلاً عن مسؤول حكومي بريطاني لم تسمه، أن وضع سكريبال دقيق بشكل خاص. وأضافت: “المؤشرات تدل على أنه لن ينجو”، بحسب المصدر الذي قال أيضاً “أعتقد أن الوضع قد يكون أكثر تفاؤلاً بالنسبة (ليوليا)”. وتحقق الشرطة لمعرفة، كما ذكرت صحيفة الـ”تايمز”، ما إذا كانت ابنة سكريبال التي وصلت بريطانيا الأسبوع الماضي قادمة من موسكو حاملة “هدايا لأصدقاء” قد أدخلت معها غاز الأعصاب عن غير قصد. وذكرت الصحيفة في وقت سابق، أن المحققين سينظرون أيضاً في ظروف وفاة زوجة سكريبال عام 2012 إثر معاناة مع السرطان، ووفاة ابنه البالغ من العمر 44 عاماً في سان بطرسبورغ العام الماضي من مشكلات في الكبد، بحسب تقارير.
وفرضت الشرطة طوقاً على مطعم إيطالي وحانة يعتقد أن سكريبال وابنته ارتاداهما، وأعلن أحد الأشخاص الذين كانوا في المطعم لصحيفة الـ”تايمز”، أمس: إن سكريبال تناول الطعام هناك الأحد، وإنه كان مضطرباً. وأضاف الشاهد العيان “كان يتصرف بشكل جنوني، لم أفهم ما كان يجري”. وتابع: “لم يبدُ مريضاً جسدياً، بل ربما نفسياً بالطريقة التي كانت يتصرف بها”، وعمل سكريبال كولونيل سابقاً في الاستخبارات العسكرية الروسية، وسُجن في بلاده بتهمة الخيانة لحساب جهاز الاستخبارات البريطاني (إم آي 6)، وحصل على عفو، ثم انتقل إلى بريطانيا في إطار صفقة تبادل جواسيس بين روسيا والولايات المتحدة في 2010.