منطقة إمبابة

الأمور تبدو طبيعية بمحيط محكمة شمال الجيزة بمنطقة إمبابة، الساعة الثامنة مساء الاثنين، الشوارع مكتظة بالمارة والسيارات على حد سواء، بينما امتلأت المقاهي على آخرها، إلا أن ثمة ضجيجا بدل تلك الحالة، بعدما سقط قتيلا، وأصيب والده.

منذ قرابة عام، انفصل "عبد الرحمن إبراهيم" وشهرته "بسلة" عن خطيبته بعد قصة حب جمعتهما، انتظر كثيرون أن تُكلل بالنجاح، إلا أن خلافات متكررة بين الحبيبين انتهت باتفاقهما على فسخ الخطبة ليبدأ كل منهما حياة جديدة، بحثا خلالها عن شريك جديد، وبعد أشهر قليلة، وارتبطت الفتاة بشاب آخر مما أصاب خطيبها السابق بخيبة أمل بعدما كان يُمني النفس بعودة المياه إلى مجاريها، لتتوالى عليه الصدمات تباعًا في فترة وجيزة، إذ علم بتحديد موعد حفل زفاف محبوبته على العريس "الجاهز".

منذ نحو 4 أشهر، أقُيم حفل الزفاف بحضور الأهل والجيران، ليقرر "بسلة" طي تلك الصفحة من سجلات حياته، ليصب جلّ تركيزه على تحقيق نجاحات في عمله وجني مزيد من المال، وطوال الأشهر الماضية، لم تستخدم العروس شريحة هاتفها المحمول القديمة بعد شرائها أخرى، لتقرر دون سابق تفكير في إعادة تشغيل الشريحة الأولى لتفاجأ بسيل من الرسائل، لم تلتفت إليها باستثناء واحدة أرسلت من هاتف خطيبها السابق تحمل دقائق مجانية "رصيد".

لم تمنح العروس لنفسها فرصة فحص الرسالة، وخُيل لها أن الأمر "معاكسة ومضايقة" من خطيبها السابق، هرعت لإخبار والدها "إبراهيم ربيع"، 50 عاما، فكهاني، وشقيقها "عمر"، 18 عاما، طالب بمهد فني صناعي، فتوجها إلى منزل "بسلة" لمعاتبته على فعلته لتقع مشادة كلامية حادة وسط تراشق بالألفاظ -حسب شهود عيان.

في غضون دقائق معدودة، تطورت المشادة إلى مشاجرة بشارع ترعة السواحل بجوار المحكمة، استعان خلالها كل منهما بأنصاره، وتعدى الطرفان على بعضهما بأسلحة بيضاء وتراشقوا بالحجارة لنحو 25 دقيقة.

داخل مكتبه بقسم شرطة إمبابة الذي يبعد أمتار قليلة عن نهر النيل، كان العقيد محمد عرفان، مفتش مباحث قطاع شمال الجيزة، يفحص بعض البلاغات قبل أن يتلقى إشارة عبر جهاز اللاسلكي بنشوب مشاجرة ووجود قتيل بدائرة القسم، ليوجه بسرعة انتقال قوة من المباحث للوقوف على ملابسات الأمر.

مع وصول رجال الشرطة، كانت الأمور قد عادت لسابق عهدها باستثناء جثة الشاب "عمر" الذي سقط قتيلًا بطعنة نافذة بالقلب، فيما نُقل والده إلى المستشفى نتيجة إصابته بطعنة بالبطن على يد خطيب ابنته السابق "بسلة" الذي استعان بـ3 آخرين خلال المشاجرة.

تعليمات المقدم محمد ربيع، رئيس مباحث إمبابة، جاءت واضحة بسرعة توقيف الطرف الثاني للمشاجرة، وفرض السيطرة الأمنية بالمنطقة. وفي أقل من ساعة تمكن الرائد مؤمن فرج، معاون المباحث من توقيف أحد المتهمين المتورطين في المشاجرة.

بالعودة إلى منطقة الضحية، اكتسى كل شيء بالسواد حزنًا على مقتله، خاصةً أنه توجه لمعاتبة المتهم فقط، ليؤكد أحد الجيران "عمر كان بيذاكر كويس علشان نفسه يدخل كلية الهندسة"، ويلتقط منه آخر طرف الحديث مدللًا على دماثة خلقه "كان جدع وعمره ما شرب سيجارة".

ونشر رجال الشرطة أكمنة عدة؛ لتوقيف المتهم الرئيسي "بسلة" الذي تسبب في مقتل شقيق خطيبته السابقة وأصاب والده في الوقت الذي أكد مصدر أمني مسؤول أن المتهم لم يرسل أية رسائل نصية لخطيبته السابقة، وأن "الرصيد" الذي تلقته يعود لفترة طويلة بسبب نظام العرض الخاص بإحدى شبكات المحمول، دون قصد منه.