القاهرة ـ سهام أحمد
أحالت النيابة العامة قضايا عدّة التي كانت بحوزة جهاز حماية المنافسة إلى المحكمة الاقتصادية، ومن ضمن هذه القضايا، قضية مجموعة بي إن الإعلامية، والتي سبق لجهاز حماية المنافسة إحالتها إلى النيابة في كانون الثاني/يناير 2017، وأثارت الرأي العام المصري لفترة طويلة، ومؤخرًا في شهر تموز/يوليو أصدرت النيابة العامة قرارًا بإحالة المجموعة إلى المحكمة الاقتصادية؛ لإساءة استخدام وضعها المسيطر ومخالفتها لقانون المنافسة، وذلك بسبب ربطها بيع البطولات الدورية والموسمية في باقة واحدة للمشاهد المصري، حيث تربط بيع ومشاهدة بطولة الدوري الإسباني ببطولة كأس العالم وعدم الفصل بينهما، على الرغم من أن كل بطولة من هذه البطولات تُمثِّل مُنتَجًا منفصلًا وغير مرتبط بالآخر بأي شكل من الأشكال.
وقال الجهاز في بيان، إن دوره لا يتوقف بإثبات المخالفات وإحالتها للنيابة فحسب، بل بالوقوف على أهم المستجدات وقرارات النيابة المتعلقة بشأنها، مشيدًا بتعاون النيابة معه وباستشعارها لأهمية أن يتم البت في القضايا بشكل أسرع؛ لما لمعظم هذه القضايا من أهمية وصلة بمصلحة المواطن والسوق وحتى نضمن سرعة تطبيق قانون حماية المنافسة، كما يشيد الجهاز بالجهد الذي تبذله النيابة خلال كافة مراحل التحقيقات وصولًا للقرار الذي تتخذه في كل قضية، وخاصةً في ظل ما تنطوي عليه قضايا المنافسة من جرائم متعلقة بأمور فنية دقيقة ومعقدة.
كما أحالت النيابة أيضًا أربع شركات لتوزيع وتجارة الأدوية – التي سبق وأحالها الجهاز لها في ديسمبر 2015 – إلى المحكمة الاقتصادية، وهي: (شركة رامكو فارم لتجارة وتوزيع الأدوية - وشركة ابن سينا لتوزيع الأدوية - وشركة مالتي فارما لتوزيع الأدوية - وشركة المتحدة للصيادلة لتوزيع الأدوية)؛ لمخالفتها قانون حماية المنافسة، حيث اتفقت تلك الشركات على تقليص فترات الائتمان وتخفيض نسبة الخصم النقدي الممنوحة للصيدليات التي تقع في شرائح المسحوبات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يعد اتفاقًا على توحيد السياسات التسويقية والبيعية، مما أدَّى إلى تقليص هامش ربح تلك الصيدليات والعمل على تقييد قدرتها في توفير جميع الأدوية بالكميات والأصناف التي تحتاجها، ومن ثم فقدان بعض عملائهم، وحرمانها من حقها في المنافسة الحرة الشريفة.
ومن أحدث القضايا التي اتخذت فيها النيابة العامة قرارًا بإحالتها للمحكمة الاقتصادية، إحالة تسع من الشركات المُنتجة لكتكوت التسمين؛ لمخالفتها قانون حماية المنافسة، حيث اتفقت تلك الشركات على تخفيض الأسعار، وإن كان هذا الأمر قد يثير التساؤل حول كيف يعد الاتفاق على تخفيض الأسعار مخالفةً لقانون حماية المنافسة، على الرغم من أن البعض يراه ميزة ويحقق المواطن إفادة منها؟! والرد هنا أنه على سبيل المثال في هذه القضية اتفاق هؤلاء المنتجين على تخفيض الأسعار هو أمر يتعارض مع شروط المنافسة الحرة، لما قد يمارسه المنتجين من إقصاء لمنافسين آخرين لا يستطيعوا ممارسة المنافسة في حال تخفيض السعر، بل والقضاء على المنافسين المحتملين في المستقبل، ومن ثم يتيح لهم لاحقًا استغلال الموقف ورفع الأسعار، فضلًا عن عدم قدرة صغار المُربيين على الاستمرار في سوق التسمين، وهنا يجدر الإشارة بأن قرار النيابة في هذه القضية اتخذ بعد أربعة أعوام، ليؤكد مدى صعوبة إثبات المخالفات الصادرة عن الجهاز، خاصةً في ظل عدم توافر البيانات، والعشوائية التي تسيطر على معظم القطاعات.
يذكر أن الجهاز يسعى دائمًا للتنسيق مع الجهات المنوطة بتطبيق قانون حماية المنافسة والتعاون معها (النيابة العامة والمحكمة الاقتصادية)، ليس على مستوى القضايا فحسب؛ حيث يعقد الجهاز بصفة مستمرة ورش عمل وجلسات نقاشية بمشاركة ممثلين عنهما، كما سبق ودعاهما الجهاز لحضور المؤتمر الذي عقده لإبداء رأيهما حول التعديل المقترح على قانون حماية المنافسة بإدخال الرقابة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ، ذلك لوعي الجهاز بأن تضافر الجهود سيعود بأثره على تدعيم دوره لضمان حرية المنافسة.