القاهرة - مصر اليوم
قال وزير الموارد المائية والري الدكتور محمد عبد العاطي، إن المياه من أهم أهداف التنمية المستدامة باعتبارها ركيزة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما أخذته مصر في اعتبارها عند إعداد خطتها القومية للموارد المائية للفترة من 2017 إلى 2037، مع وضع عام 2030 كمعلم رئيسي تماشيا مع رؤية مصر 2030.
وأضاف عبد العاطي، في كلمته الأربعاء، خلال مشاركته نيابة عن رئيس الوزراء في المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول المياه من أجل التنمية المستدامة بطاجيكستان، الذي يستمر لمدة 3 أيام، أن الدعائم الرئيسية الأربع تتمثل في الخطة القومية للموارد المائية في الترشيد وتنمية موارد جديدة وتحسين نوعية المياه وزيادة المعرفة والوعي وإصدار التشريعات اللازمة.
وأعلن عن انطلاق "أسبوع القاهرة للمياه" لأول مرة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة من 14 إلى 18 أكتوبر من كل عام بالقاهرة تحت شعار "الحفاظ على المياه من أجل تحقيق التنمية المستدامة"، ما يأتي ضمن أهداف المؤتمر الذي يسعى لإلقاء الضوء على أهمية المياه كأحد اهم ركائز التنمية المستدامة والتحديات المائية التي تواجه العالم.
وتابع وزير الري، أن التعاون تحت مظلة مبادرة حوض النيل كان يعد نجاحا واعدا منذ إنشائها في عام 1999، إلى أن بدأ التصعيد حول الاتفاقية الإطارية من خلال التوقيعات الأحادية والتصديق عليها من قبل بعض دول حوض النيل اعتبارا من 2010، مؤكدا أن الثقة من أهم الركائز الأساسية للتعاون والتي ترجمت من خلال توقيع إعلان المبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة، حيث يعد هذا الإعلان دليل على حسن النية والثقة من جانب مصر وأنه حان الوقت لدول الحوض أن تقدم الثقة والتفاهم.
وأشار الوزير إلى أهمية استعادة شمولية مبادرة حوض النيل والالتزام بمبدأ التوافق وإنشاء آلية للإخطار المسبق عن المشروعات التي تقام على نهر النيل بما يضمن تحقيق الفائدة المشتركة للجميع وعدم الإضرار بأي طرف، لافتا إلى أن التعاون المشترك مع دول الحوض يجب أن يعتمد على النفع المشترك وعدم الإضرار بالغير، وعلى الرؤية الاستراتيجية للتنمية الشاملة وتجنب التطرق إلى مواضيع الخلاف وضرورة العمل على تجاوزها.
ونوه بأن دول الحوض لديها جميعا تحديات تنموية كبيرة، ما يتطلب العمل على توثيق التعاون بينها، وأن مصر حرصت على إبداء المرونة المناسبة دون التفريط في الحقوق أو المصالح المصرية، موضحا أن مصر تقود مشروعا رائدا مع عدد من أشقائها من دول حوض النيل، لخلق ممر ملاحي يربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط مرورا بعدد من دول حوض النيل، ومصر تتطلع إلى مزيد من التعاون لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية بما يعزز من فرص التنمية بالقارة الإفريقية.
وحول التحديات المائية التي تواجه مصر، قال عبد العاطي، إن حالة المياه في مصر تعد حرجة وفريدة من نوعها، إذ إنها بلد جاف جدا تقع في منطقة شبه قاحلة، وإن مصر قد وصلت إلى حالة تفرض فيها كمية المياه المتاحة حدودا على تنميتها الاقتصادية.
وتابع أن التنبؤات السكانية لعام 2025 يتضح معها أن نصيب الفرد من المياه قد ينخفض إلى أقل من 500 متر مكعب سنويا مع مؤشرات التدهور السريع في جودة المياه السطحية والجوفية، بالإضافة إلى كونها دولة المصب في حوض النيل، حيث تعتمد اعتمادا كليا تقريبا على نهر النيل النابع خارج حدودها، فهي الدولة الأكثر جفافا في العالم وتبلغ نسبة الاعتماد على الموارد المائية المتجددة 97% وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة.
وأضاف أن الفجوة بين الاحتياجات والمياه المتوافرة تبلغ حوالي 21 مليار متر مكعب سنويا يتم التغلب عليها عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف والاعتماد على المياه الجوفية السطحية في الوادي والدلتا، والذي يدل على أن نظام إدارة مياه النيل في مصر يصل إلى كفاءة عامة تتجاوز 80%.
ولفت عبد العاطي إلى أن مصر تستورد فعليا كمية من المياه تساوي 34 مليار متر مكعب سنويا ممثلة في منتجات غذائية، لتحقيق الأمن الغذائي، وأن مصر تعد مثالا نموذجيا لدولة نامية معرضة بشدة للتغيرات المناخية وتواجه العديد من التهديدات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأن هذه الضغوط تتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر وتسرب المياه المالحة إلى خزانات المياه الجوفية الأرضية، علاوة على المناطق المعرضة للغمر بسبب انخفاض مناسيبها الجغرافية مثل دلتا النيل، حيث أن الملايين من الناس في دلتا النيل معرضون للخطر وإعادة التوطين وضياع استثمارات تقدر بمليارات الدولارات.
وأكد أنه من المتوقع أن تؤدي تأثيرات تغير المناخ في الساحل الشمالي لمصر إلى هجرة ما لا يقل عن 5 ملايين شخص من دلتا النيل، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات التكيف المناسبة، كما تتنبأ دراسات تغير المناخ بانخفاض إنتاجية محصولين رئيسيين في مصر (القمح والذرة) بنسبة 15% و19% على التوالي بحلول عام 2050، وتمليح حوالي 15% من أكثر الأراضي الصالحة للزراعة في دلتا النيل، هذا دون إغفال تأثيرات تغير المناخ على أنماط سقوط الأمطار في حوض النيل وتأثيرها على تدفقه.
وتابع أن مصر تتعامل بنجاح مع الوضع الحالي لمواجهة ندرة المياه من خلال تنفيذ العديد من برامج تحسين كفاءة استخدام مياه الري، والعديد من آليات إعادة تدوير المياه، إذ أن الوضع المعقد لمصر لا يمكن معه قبول انتقاص حقوق مصر التاريخية والاستخدامات الحالية في مياه النيل، وأن لا أحد على الأرض سيقبل بموت شعبه بسبب العطش والمجاعة، وأنه أيضا لا يمكن إهمال الوضع البيئي والاقتصادي الصعب في الدول الشقيقة في حوض النيل.
وأضاف أن هناك دائما فرصة للتوصل إلى حل وسط، حيث إنه لا يعاني حوض النيل من نقص في المياه، كما أن معدل سقوط الأمطار السنوي في دول الحوض ككل يصل إلى 7375 مليار متر مكعب يقع منهم 1661 مليار متر مكعب داخل الحوض وهذا يعني أنه يتم استخدام 5% فقط من موارد مياه النيل، لذلك يجب التأكيد على أن الإدارة الجيدة هي المفتاح.