أعلنت الخرطوم عن استعدادها لإجراء مفاوضات فورية مع متمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال، التي تقاتلها قرب حدود دولة جنوب السودان. ويأتي هذا الإعلان بعد أن حسمت حكومة الخرطوم أغلب خلافاتها مع جوبا التي كانت الأولى تتهمها بدعم متمردي "الحركة الشعبية" قطاع الشمال. وأطلق هذا الإعلان وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين فور عودته اليوم الأربعاء من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث أجريت اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين دولتي  السودان وجنوب السودان. ففي مؤتمر صحفي بمطار الخرطوم، قال الوزير إن الخرطوم "جاهزة للمفاوضات مع قطاع الشمال بشكل فوري". وأضاف: "هناك تفاصيل حول المفاوضات سيكشف عنها خلال أيام". وكشف عن أن حكومته استلمت خطابًا من رئيس جنوب السودان سلفاكير ميراديت "يفيد بفك الارتباط بين جوبا ومقاتلي قطاع الشمال" في الحركة الشعبية الحاكمة في جوبا. ولم يقدم وزير الدفاع السوداني تفاصيل أكثر حول خطاب ميراديت، مكتفيًا بالقول إن "الخطاب جرى تحويله إلى الجهات المختصة لدراسته". وكان مقاتلو الحركة الشعبية قطاع الشمال قد انحازوا لجنوب السودان في حربه ضد الشمال بين عامي 1989 و2005 رغم انتمائهم جغرافيًا للشمال. ومرارًا، اتهمت الخرطوم جوبا بدعم هؤلاء المقاتلين، وهو ما تنفيه الأخيرة، مرددة أنها قطعت علاقتها التنظيمية معهم عشية انفصالها عن السودان في يوليو/ تموز 2011 . وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد أعلن في فبراير/ شباط الماضي رفض حكومته التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال. وفي مايو/ آيار الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي، في قراره رقم 2046، كلاً من الخرطوم والحركة الشعبية قطاع الشمال إلى التفاوض لإيجاد حل سلمي للنزاع. واستجابة لهذا القرار، انخرط الطرفان في الشهر التالي في مفاوضات غير مباشرة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، برعاية الوسيط الإفريقي ثابو امبيكي، لكنهما لم يحرزا أي تقدم، وتوقفت المفاوضات. وكثيرًا ما اشترطت الخرطوم فك الارتباط بين جوبا والحركة الشعبية قطاع الشمال للدخول في مفاوضات مباشرة مع هذا القطاع. من جهة أخرى، قال وزير الدفاع السوداني إن اجتماع اللجنة الأمنية المشتركة بين الخرطوم وجوبا، الذي استمر 3 أيام، أقر آلية للرقابة على المنطقة الحدودية بعمق 20 كم داخل كل دولة، كامتداد للمنطقة منزوعة السلاح التي جرى الاتفاق عليها يوم 10 مارس/ آذار الجاري بعمق 10 كيلومترات في كل دولة. وبالفعل، بدأ جيشا البلدين في الانسحاب من الحدود، وأنهيا المرحلة الأولى، على أن يكتمل الانسحاب في 6 أبريل/ نيسان المقبل، بحسب نص الاتفاق. وأوضح الوزير أن الهدف من الاتفاق على لجنة الرقابة المشتركة الجديدة، التي يمتد عملها بعمق 20 كيلومترًا في كل جانب، هو "حسم قضية دعم المتمردين، وحسم الخلافات في الملف الأمني تمامًا، وفتح صفحة جديدة بين البلدين وإنفاذ كل الاتفاقيات، وطي  صفحات من عدم الثقة بين البلدين". وختم بأنه "تم تكليف رئيسي إدارتي المخابرات في جيشي البلدين بتلقي شكاوى الخروقات في منطقة الـ40 كيلومترًا، والتحقق منها؛ للتأكد من عدم دعم المتمردين".