برلين ـ وكالات
بعد فتح مصر الباب أمام السياحة الإيرانية ظهر نقاش في الشارع المصري،فبينما يرى البعض أن هذه الخطوة ستشكل مدخلا لنشر المذهب الشيعي وتصدير الثورة الإيرانية، يقلل البعض الآخر من هذه المخاوف مؤكدا على المردود الاقتصادي للبلاد تمتد علاقة مصر بإيران إلى قرون من الزمان تخللتها علاقة مصاهرة في العهد الملكي المصري بين أسرة الملك فاروق وشاه إيران محمدرضابهلوي.لكن تلك العلاقة توترت بعد ثورة يوليو 1952 حتى وصلت لمرحلة القطيعة الكاملة بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وخاصة بعدما وافقت مصر على استضافة الشاه المخلوع.تلك القطيعة آلت إلى نهاية أخيراً بتولي محمد مرسي رئاسة مصر في أعقاب ثورة ال25 من يناير حيث سعى لتحسين العلاقات مع الدولة الإسلامية الشيعية. وقد تبادل الرئيسانالمصري والإيراني الزيارات التي وصفت بالتاريخية رغم أنها نظرياً كانت لحضور جلسات اجتماعات حركة عدم الانحياز في طهران والمشاركة في قمة منظمة التعاون الإسلامي على التوالي. مشاهد الترحيب الشديد بين الرئيسين تُبعت ببعض الاتفاقيات أولها فتح الباب أمام السياحة الإيرانية إلى مصر والعكس. وفي أعقاب وصول أول الأفواج الإيرانية والذي يضم نحو 30 سائحا إلى محافظتي الأقصر وأسوان في جنوب مصر تباينت الآراء بين الترحيب والرفض تام لاستقبال الإيرانيين في مصر. وقد صدر بيان عن حزب الأصالة السلفي أعلن فيه استنكاره ورفضه لوصول الفوج السياحي الإيراني إلى أسوان. وقد وصف الحزب اتفاقيةالتعاونالسياحيمعإيرانبأنها"ستارلتغطيةمشروعإيرانالصفويالإقليميالعنصريلنشرالمذهبالشيعيبالمنطقة" –على حد قولهم. وطالب الحزبرئيسالجمهوريةبإلغاءاتفاقية التعاون"حفظاللبلادوالعبادمنهذاالمدالشيعي". وعقب وصول الفوج الإيراني حاول عشرات المتظاهرين السلفيين اقتحام منزل القائم بالإعمال الإيراني في القاهرة الجمعة (الخامس من إبريل، نيسان). والقى المتظاهرون واغلبهم من الملتحين الحجارة على المنزل، ورفعوا لافتات تطالب بطرد السفير الإيراني. عادل عليوة، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في مصر، قال في تصريح لـ DWعربية أن مصر يجب أن ترحب بكل الناس من جميع أنحاء العالم، فـ"نحن بحاجة للعملة الصعبة والدولار وكل مصر ستستفيد من وراء إنعاش السياحة التي تأتي بدخل كبير للبلاد". وعن التخوفات من السياحة الإيرانية يقول عليوة: "هناك سياحة إسرائيلية في مصر فكيف لا يكون هناك سياحة إيرانية؟". وأضاف عليوة: "الكلام عن التشيع ونشر المذهب الشيعي في مصر بلا مصداقية، فالأزهر متواجد ومصر متمسكة بدينها وعقيدتها". من جانبه نفى وزيرالسياحةهشامزعزوع في تصريحات صحفية وجود أي تهديد للبلاد في ظلالسماحبالسياحة الإيرانية. وقد شدد علىأنهلن يتمالسماحللسياح الإيرانيين بزيارةالمواقعالدينيةفيمصر. واستبعد وزير السياحة أن يكون الغرض من زيارة الإيرانيين إلى بلاده هولتصدير الثورة الإسلامية، وذلك في رد على تخوفات التيار السلفي. وأعتبر زعزوع أن فتح الباب أمام السياحة الإيرانيةسيدعم قطاعالسياحةفيمصر. وفي قطاع السياحة تحدثت DWعربية مع محسن يوسف، مدير عام شركة سيناء للسياحة. ويقول يوسف: "السياحة الإيرانية مفيدة إذا ما كانت ثقافية وترفيهية ولا تتضمن السياحة الدينية التي قد تضر بنا"، وأعرب يوسف عن اعتقاده بأن السياحة الإيرانية سوف تقتصر على السياحة الثقافية والترفيهية، بمعنى أن يأتي السائحون لرؤية الآثار الفرعونية والتمتع بشواطئ البحر الأحمر، وهو أمر لا يشكل من وجهة نظره أي مشكلة بل على العكس سيساهم ذلك في زيادة الدخل القومي. وأستدل مدير عام شركة سيناء السياحية بذلك بأن أول الأفواج السياحية الإيرانية وصل إلى محافظة أسوان بعيداً كل البعد عن القاهرة والتي يتخوف البعض من قدومهم إليها لوجود مساجد آل البيت. واستبعد يوسفقدوم السياح الإيرانيين إلى العاصمة في القريب"حتى يثبتوا حسن النوايا". وعن مساهمة السياحة الإيرانية في إنهاء الركود في الحركة السياحية في مصر وتعويض غياب السائح الأوروبي يعتقد يوسف بأنه "لا يمكن أن يعوض السائح الإيراني نظيره الأوروبي فهناك فارق كبير في معدل الصرف، فهناك جنسيات من أوروبا كالألمان والإيطاليين يصرفون كثيراً في رحلاتهم السياحية إلى مصر بشكل لن يستطيع السائح الإيراني مضاهاته". وبرهن يوسف على كلامه قائلاً: "نحن نرى السائحين الإيرانيين في دول أخرى لا يصرفون كثيراً". رغم ذلك يرى يوسف أنها خطوة للأمام في قطاع السياحة لإنعاشها في هذا الوقت الذي يعاني فيه من الركود عملاً بمبدأ "شيء أفضل من لا شيء". "وكان لDWعربية حديث أيضاً مع الكاتب والباحث المتخصص في الشئون الإيرانية محمد عباس، الذي تحدث عن دلالات فتح باب السياحة بين مصر وإيران قائلاً: "تلك الخطوة تعني وجود تطوير في العلاقات بين البلدين، وأن هذه العلاقات تشهد قفزات مع تولي الرئيس محمد مرسي". وأضاف: "هي أيضاً محاولة لإنقاذ الاقتصاد، لكن تلك المحاولة ستواجه صعوبات أبرزها عدم وجود رؤية واضحة لأي مدى ستصل العلاقة الدبلوماسية بين البلدين وكذلك مدى تأثير تلك العلاقة على العلاقات المصرية-الأمريكية". وأوضح عباس أن للتوقيت دلالة أيضاً في هذا الموضوع حيث يرى فيه رسالتين؛ أولهما أن الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان لا يسيرون على درب مبارك وبنفس طريقته. أما الرسالة الثانية فموجهة لدول التعاون الخليجي ومفادها أن عليها أن تزيد من مساعدتهم لمصر وإلا قد تلجأ إلى طرق أخرى منها إيران. وعن تخوفات التيار السلفي من التشيع يرى عباس أن تلك التخوفات "مضخمة"، مؤكدا أن "هناك استقرار مذهبي في مصر لذا لا تشكل السياحة الإيرانية خطر حقيقي كما يصورها البعض". لكن على جانب آخر يرى عباس أن موضوع عودة العلاقات المصرية الإيرانية ستكشف حقيقة الخلافات بين الإخوان والسلفيين والتي كانت تتوارىخلف المصلحة المتبادلة. زوزو السيد (ربة منزل) عبرت في حديث لـ DWعربية ترى أن فتح باب السياحة مع إيران سيعود بفوائد اقتصادية على البلاد معربة عن عدم تخوفها مما اسماه البعض "التشيع"، فـ"على مر العصور تعرضت مصر لحملات كثيرة ولم تتأثر هويتها الإسلامية السُنية". سحر شمس الدين (طبية قلب) تشترط في حديثها لـDWعربية أن تكون "السياحة لمجرد السياحة بمعنى ألا تتدخل فيها عقيدة أو أهداف دينية أو سياسية". وطالبت سحر بوضع البرامج السياحية وفق أهداف ومعايير معينة بعيدا عن الفكر المذهبي –على حد قولها. الشاب السلفي محمد مجدي رفض في حديثه لDWعربية قدوم السياح الإيرانيون إلى مصر من حيث المبدأ. ويقول مجدي في هذا النطاق: "هم سيأتون لنشر الفكر الشيعي في مصر تحت ستار السياحة". ويضيف مجدي: "لا يعني بعدهم عن المساجد والآثار الدينية شيئاً فالغرض من فتح السياحة مع مصر هو نشر الفكر الشيعي وستكون البداية في تلك المحافظات".