الرئيس الأسبق ،محمد مرسي داخل قفص الإتهام

أصدر القضاء المصري حكما بالإعدام على الرئيس المعزول محمد مرسي بقضية اقتحام السجون، بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد، اليوم الثلاثاء في قضية "التخابر"، ليكون بذلك قد أصدر أول حكم من نوعه بحق رئيس سابق في البلاد، وشملت أحكام الإعدام أيضا مرشد الإخوان، محمد بديع، ورئيس مجلس الشعب السابق، سعد الكتاتني.

كما أصدر القضاء أحكاما بالإعدام بحق رشاد بيومي وعصام العريان، إلى جانب الشيخ العلامة يوسف القرضاوي، وعشرات المتهمين الآخرين الذين يلاحقون غيابيا في القضية نفسها.

وكان القضاء قد أصدر قبل ذلك حكما بالإعدام على ثلاثة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، على رأسهم خيرت الشاطر ومحمد البلتاجي، إلى جانب السجن المؤبد للرئيس المعزول محمد مرسي، ومرشد الجماعة، محمد بديع، ورئيس مجلس الشعب الأسبق، محمد الكتاتني، وذلك في قضية "التخابر".

كما شملت أحكام السجن المؤبد عددا من قادة الجماعة، بينهم عصام العريان وصفوت حجازي، بعد ورود رأي مؤيد من المفتي لذلك.

وكان مرسي، وبعض قيادات جماعة الإخوان، قد خضعوا للمحاكمة طوال الأشهر الماضية في قضيتي الهروب من سجن وادي النطرون، والتخابر مع جهات أجنبية.

وواجه مرسي في القضية الأولي اتهامات بـ "خطف ضباط مصريين واحتجازهم بقطاع غزة وحمل الأسلحة الثقيلة لمقاومة النظام المصري وارتكاب أفعال عدائية تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها".

وفي القضية الثانية، واجه الرئيس الأسبق اتهامات بـ "التخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية إلى مؤسسة الرئاسة وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية، وإفشائها إلى دولة قطر".

واستغرق نظر القضيتين جلسات استغرقت حوالي عام ونصف، للإطلاع على الأوراق، علما أن رأي المفتي يبقى استشاريا بحسب القانون المصري.

وقد كان من المفترض أن يصدر الحكم في القضية مطلع الشهر الجاري، ولكن القاضي قام بتأجيل الجلسة بعد دقائق على انطلاقها، مؤكدا أنه تسلم رد المفتي قبل فترة وجيزة.
امتحان للحرية
وفي أول رد فعل على الأحكام، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو "إنه وقت الامتحان بالنسبة للدول الغربية سنرى ماذا ستفعل"، متسائلا "المنادون بالديمقراطية والحريات في تركيا يخضعون لامتحان هل سيرفعون صوتهم يا ترى؟" أما نحن فضميرنا حي وسجلنا مشرّف".

من جانبه، انتقد الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية الشيخ علي بلحاج أحكام الإعدام الصادرة بالجملة اليوم بحق الرئيس المصري المعزول وقادة الإخوان، ووصفها بأنها "سياسية"، قال بأنها "تعكس فشل العلمانيين والمستبدين في الوصول إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع فاختاروا القوة والقضاء المسيس والاستقواء بالخارج على شعوبهم".

وبيّن بلحاج، أن التركيز على الإخوان وتيار الإسلام السياسي يعكس التخوف من التحولات السياسية والفكرية والوعي الذي أصبح لدى العرب بشكل عام، وقال: "لأحكام الإعدام الصادرة اليوم الثلاثاء بحق الرئيس مرسي ورفاقه من قادة إخوان مصر، يؤكد مرة أخرى أن الإسلاميين هم من يدفع ضريبة معركة الحريات والانتقال الديمقراطي نيابة عن الأمة، وأن العلمانيين الذين فشلوا في المنافسة عبر صناديق الاقتراع احتموا بالقوة والقضاء المسيس واستقووا بالخارج من أجل القضاء على خصومهم السياسيين ووأد الانتقال الديمقراطي".

تصفية خصم سياسي
في حين وصف نائب رئيس البرلمان التونسي عبد الفتاح مورو، الأحكام الصادرة بحق قادة "الإخوان" والرئيس المصري المعزول محمد مرسي بأنها "أحكام سياسية لتصفية خصم سياسي"، وأكد أن من شأن هذه الأحكام "إطالة الأزمة المصرية وتعميق الجرح الداخلي بدل تضميده".

وأعرب مورو عن أسفه لتوظيف القضاء لأهداف سياسية في مصر، وقال: "الأحكام الصادرة اليوم بحق قادة الإخوان والرئيس المصري المعزول محمد مرسي والمتراوحة بين الإعدام والمؤبد، هي أحكام سياسية قُصد منها تصفية خصم سياسي وإبعاده، ونحن ليست لدينا الثقة أن هذه الأحكام قد ضمنت حقوق المتهمين، للأسف الشديد ما جرى اليوم هو عبارة عن تصفية حسابات سياسية لا علاقة له بالقضاء لا من قريب ولا من بعيد. كنا نتصور أن المصالحة والتوافق هي الطريق الأفضل والأقصر لمصر، لكن يبدو أن السياسة أفسدت الأخلاق".

أحكام هزلية
بينما علق حاتم عزام، نائب رئيس حزب الوسط، على الأحكام الصادرة اليوم، بأنها تدين الثورة.

وقال عزام عبر "تويتر": "أحكام إعدام ومؤبد هزلية متناقضة تدين ثورة الشعب وتثبت تسييسها فلا وزن لها إلا في قانون ساكسونيا. ستنتصر الثورة ويحاكم قتلة الثورة والثوار".

كما قال الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية الأسبق، تعليقًا على الأحكام: "في عصر القمع والفساد لا يعدم الفسدة"، وتابع: "قاض يهدر شرعية اختيار شعبي ومفتٍ يشوّه أحكام الشريعة لخدمة سلطة تهدرها".

فيما انتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة السوربون الدكتور برهان غليون أحكام الإعدام الصادرة بحق الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، ووصفها بأنها "أحكام انتقامية وسياسية".

ودعا غليون، الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية إلى التدخل الإنساني من أجل وقف تصعيد العنف في مصر، وقال: "بالتأكيد أحكام الإعدام الصادرة في مصر اليوم بحق الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وقادة الإخوان هي أحكام انتقامية مخالفة لمواثيق حقوق الإنسان ومخالفة لأي محاكمات جدية ذات مصداقية، وهي محاكمة سياسية والعقوبات الصادرة عنها هي عقوبات سياسية كذلك".

وأضاف: "أعتقد أن المطلوب من كل المؤسست الدولية والمنظمات الحقوقية العمل من أجل وقف هذه الأحكام ووقف تصعيد العنف في مصر وليس الصمت. تهدئة الأوضاع في مصر تقتضي التدخل الإنساني من أجل وقف هذه العمليات الانتقامية"، على حد تعبيره.