كان انتصاراً روتينياً لمان يونايتد على فولهام في استاد أولد ترافورد، حيث لم تكن لهذا اللقاء الذي انتهى بفوز اليونايتد 4-1 على فولهام أهمية سوى تسجيل اسم مان يونايتد في الجولة الخامسة من كأس إنكلترا. سجل
الأهداف في هذا اليوم، 26 كانون الثاني/يناير 2013، رايان غيغز، واين روني وخافيير هرناندز وكان السير أليكس فيرغسون سعيداً بأداء فريقه للغاية.
وأهم ما شهده هذا اللقاء من أحداث هو ما نزول بول سكولز في الدقيقة 66 من زمن المباراة كلاعب بديل، وهي المرة الأخيرة التي ظهر فيها سكولز في المستطيل الأخضر في إطار مباراة رسمية، فهل يكون الظهور الأخير له؟ الإجابة يمكن استخلاصها من طبيعة اللاعب الهادئة وعمره الحالي الذي يمنعه من الظهور لوقت طويل أو في مباراتين متتاليتين بالإضافة إلى عوامل أخرى عدة منها حساسية وأهمية المبارايات المتبقية لمان يونايتد.
بالنسبة للاعب المخضرم، من الممكن أن يعلنها صراحةً بأن مشاركته في مباراة فولهام في كانون الثاني/يناير الماضي كانت آخر ظهور له بقميص اليونايتد في المستطيل الأخضر وأنه سيعتزل كرة القدم بعد مشوار طويل حافل بالإنجازات فاللاعب يتمتع بطبيعة هادئة ولا يحب الظهور الإعلامي وتسليط الأضواء عليه. وفيما يتعلق بالنادي الإنكليزي العريق، فلم يتبق له سوى ست مباريات حتى يحصل على لقب الدوري الإنكليزي. يبدأ مان يونايتد المبارايات الست بويست هام الليلة بعدها تتوالى المبارايات الست أمام أستون فيللا، الأرسنال، تشيلسي، سوانسي وويست بورن.
ورغم اقتراب موعد أولى تلك المبارايات، لم نر اسم بول سكولز مسجلاً في قائمة اللاعبين الذي وقع عليهم الاختيار للقاء ويست هام الليلة لسبب إصابة بالركبة ستعيقه عن المشاركة. ويشير ذلك إلى أن الوقت اقترب من النفاذ وأصبح إعلان مباراة اعتزال سكولز ضرورة ملحة على السير أليكس فيرغسون المسارعة إلى تلبيتها اليوم قبل الغد. تأتي هذه الضرورة الملحة من أن هذه المرة تمثل الاعتزال الثاني لسكولز حيث كان من المقرر أن يكون اعتزاله في نهائي دوري أبطال أوروبا 2011 الذي لقي فيه مانشستر يونايتد الهزيمة على يد برشلونة، إلا أنه فيما يبدو أن قرار الاعتزال تأجل حتى يحصل سكولز على ميدالية إضافية من ميداليات دوري الأبطال لتنضم إلى الميداليتين السابقتين اللتين حصل عليهما مع مان يونايتد عامي 1999 و2008.
يشار إلى أن شعبية هذا اللاعب بين جماهير مان يونياتد كانت هي السبب الرئيس وراء وجوده حتى الآن في صفوف الفريق الأول كلاعب أساسي ولا يثنيه عن المشاركة في المبارايات بصفة مستمرة سوى الإصابات المتكررة الناتجة عن تقدمه في السن، حيث من المقرر أن يصل إلى التاسعة والثلاثين من عمره في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وأغلب الظن أن هناك سبباً آخر وراء تمسك السير أليكس فريجيسون به في صفوف الفريق وهو العلاقة الشخصية بينهما والحب الكبير الذي يكنه له فريجي، وإلا كان سكولز لحق بزميله أسطورة الكرة الإنكليزية دايفيد بيكهام الذي تخلى عنه مان يونايتد بسهولة حيث كان بيكهام أصغر سناً من سكولز وقت مغادرته لليونايتد.
وتعتبر الطبيعة الهادئة للاعب وهروبه من عدسات الصحافة ووسائل الإعلام وندرة التصريحات التي يدلي بها للصحف سبباً آخر في استمرار اللاعب حتى الآن في الفريق وعدوله هو ومديره الفني عن قرار الاعتزال الذي اتخذاه بالفعل منذ عامين. فطبيعة اللاعب الهادئة والمتواضعة تعتبر من بين الأسباب الرئيسة وراء استمراره واحتفاظ مان يونياتد به حتى الآن. كما تلعب الخبرة دوراً كبيراً في مشاهدتنا لبول سكولز مرتدياً قميص مانشستر يونايتد في المستطيل الأخضر وهو يهرول باعتباره من مصادر الإلهام التي يستمد منها اللاعبون الشباب، الطاقة والدافع للفوز علاوةً على كونه مصدراً من مصادر الخبرة التي يرجعون إليها لاكتساب مهارات وخبرات في اللعبة لما تعرض له من كثرة الاحتكاك بالفرق الأخرى على المستويين المحلي في الدوري الإنكليزي والدولي في دوري الأبطال والبطولات التي خاضها مع منتخب إنكلترا.
وكان من بين الأمور التي أثارت الجدل فيما مضى والتي لا زالت تثير الجدل بشأن اللاعب بول سكولز المخضرم هو تلك الندرة في التصريحات التي يوضح فيها اللاعب موقفه ونواياه فيما يتعلق بالبقاء في المستطيل الأخضر أو اللجوء إلى خيار التقاعد واعتزال كرة القدم. ففي كأس العالم 2010، سأل فابيو كابللو اللاعب المخضرم عما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لاعتزاله فتلقى إجابة غريبة هي أنه لو طُلب منه الاعتزال منذ أشهر قليلة لاتخذ القرار دون تردد. جاء ذلك في مقابلة صحافية حصرية لأولدهام كرونكل.
وكان من المفارقات التي شهدها المشوار الطويل لبول سكولز والذي استمر لـ 20 عاماً مع مان يونايتد ما أقدم عليه من رفض المشاركة في مباراة اليونايتد أمام الأرسنال، حيث رفض اللاعب المشاركة في المباراة تحت زعم أنه لن يلعب في مواجهة لاعبين معدومي الخبرة كما وصفهم، وهو ما يتنافى عما هو معروف مع اللاعب من طبيعة مهذبة وهادئة ومتواضعة. وبرغم هذا الرفض، تدارك اللاعب الموقف وصرح بأن رفضه لم يكن مبرراً على الإطلاق وأن حالته المزاجية لم تكن على ما يُرام مما أدى إلى إصداره تلك التصريحات.
وبعد ذلك كله، هل يمكننا رؤية سكولز في الملعب مرة ثانية؟ لعلنا نفعل ولعله يتماثل للشفاء من إصابة الركبة التي يعانيها حالياً حتى يستطيع المشاركة في واحدة من المبارايات الست المتبقية على نهاية الدوري الإنكليزي ليشارك في الاحتفال بفوز فريقه بالبطولة ويُسدل الستار على نهاية سعيدة لحياته المهنية حتى يرحل الرجل الذي عاش في الظل لعقدين من الزمن عن عالم كرة القدم كلاعب في هدوء وبشكل مُشرِّف بعد مشوار طويل حافل بالانتصارات وساعات القوة ولحظات الضعف والإخفاقات.