هولاند

اشاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة مطولا ب "جيش افريقيا" المكون من جنود المستعمرات الفرنسية بافريقيا، وبالمقاتلين "من السكان الاصليين" الذين كانت مساهمتهم "حاسمة" في تحرير فرنسا في آب/اغسطس 1944 ، وذلك في الذكرى السبعين لانزال منطقة بروفانس (جنوب) لمحاربة المحتل النازي الى جانب الحلفاء.

وقال هولاند في كلمة اثناء عرض بالمناسبة اقيم في مون فرون بمدينة تولون (جنوب) "الكثير منهم كانوا جزائريين ومغاربة وتونسيون. كنا لا نزال نطلق عليهم +السكان الاصليون+ (الانديجين). كان هناك ايضا الى جانبهم الرماة السنغاليون والقومية والتابور والصبايحية والزواف" وهي تشكيلات عسكرية وشبه عسكرية مكونة اساسا من مجندين من دول المغرب العربي الثلاث التي كانت تستعمرها فرنسا وهي الجزائر والمغرب وتونس. 

واسهم نحو مئة الف مجند من الجزائر والمغرب وتونس في تحرير جنوب فرنسا.

وقال هولاند "بفضل تضحياتهم نسج هؤلاء الرجال بين بلدنا وافريقيا رابطة دم لاشيء يمكن ان يفصمها".

وحضر رؤساء دول وحكومات 15 بلدا  افريقيا الاحتفال على متن حاملة الطائرات شارل ديغول الراسية قبالة سواحل طولون.

كما سيحضرون عرضا بحريا تقوم به 20 قطعة حربية 13 منها فرنسية وسبعة اجنبية (تونسية وجزائرية ومغربية وبريطانية واميركية).

ويحضر المراسم امير موناكو البير ورؤساء بينين والكاميرون وبوركينا فاسو وجزر القمر وساحل والعاج والغابون ومدغشقر ومالي وموريتانيا والنيجر والسنغال وتونس ورؤساء حكومات الجزائر وجيبوتي والمغرب.

وبدأت العملية التي اطلق عليها اسم "دراغون" في 15 آب/اغسطس 1944 بعد سبعين يوما على انزال النورماندي. وكانت قوات الحلفاء -- 450 الف رجل بينهم 250 الف فرنسي -- تهدف الى وضع المحتل الالماني بين طرفي كماشة لاجباره على الانسحاب.

وقال الرئيس الفرنسي "ان معركة النورماندي سددت ضربة اساسية للمحتل النازي، لكن المهمة الاساسية كانت لا تزال تنتظر الانجاز".

واضاف متحدثا عن الجيش الذي شارك في انزال بروفانس (جنوب) "كانوا جيش فرنسا باسرها وحتى جيش العالم" مشيدا ب "الاقدام السوداء (الفرنسيون الذين ولدوا في مستعمرات شمال افريقيا) وكتيبة المحيط الهادىء وجيش الظل" الذي شكلته المقاومة. 

وشدد هولاند "كان ذلك هو رهان انزال بروفانس ان تتمكن فرنسا من تحرير اراضيها بنفسها مع دعم حلفائها".

وتابع "اذا كانت فرنسا تمكنت لاحقا من المشاركة في اعادة اعمار اوروبا وان تصبح عضوا دائما في مجلس الامن، فلانها ساهمت بشكل تام في النصر" الذي تحقق مشيدا "بتلك الوحدة الوطنية التي بزغت وتشكلت في 1944".

 واذ لم يكن هناك الا 177 فرنسيا في 6 حزيران/يونيو على سواحل النورماندي ، فقد كان هناك في انزال بروفانس اكثر من 250 الف جندي من "الجيش بي" الفرنسي بقيادة الجنرال جان دي لاتر دي تاسينيي.

وكان جنود هذا الجيش المكون اساسا من جنود المستعمرات ينشد "نحن الافارقة القادمون من بعيد، جئنا من المستعمرات لتحرير الوطن".

ومثل "جيش افريقيا" الذي شكل في 1830 اثر استعمار الجزائر وضم اليه لاحقا باقي جنود المستعمرات، معظم قوات "الجيش بي" الذي قام بانزال بروفانس في 15 آب/اغسطس 1944.

وتشكل نصف الجيش من الفرنسيين، ومعظمهم من شمال افريقيا، ونصفه الاخر من "سكان اصليين" خصوصا من الجزائر والمغرب وتونس (نحو مئة الف)، وكذلك من افريقيا جنوب الصحراء (نحو عشرة آلاف).

وقال فرنسيس سيمونيس الباحث في مركز دراسات العالم الافريقي "في الجانب الفرنسي، نفذ انزال بروفانس شمال افارقة واوروبيون ومسلمون".

وقال المؤرخ جان ماري غيون الاستاذ في جامعة بروفانس ان عملية "دراغون" حققت بشكل عام "نجاحا اسرع مما كان متوقعا".

ومساء الخامس عشر من آب/اغسطس ومن اصل مئة الف رجل شاركوا في الانزال، بلغت خسائر الحلفاء الف قتيل وهو رقم لا يقارن بالحصيلة المروعة للانزال في النورماندي حيث قتل او جرح او فقد اكثر من عشرة آلاف جندي في نهار السادس من حزيران/يونيو 1944.

لكن تبين ان انزال بروفانس المتمم لعملية "اوفرلورد" في النورماندي، كان "حاسما" بدرجة اكبر اذ انه ادى منذ مساء الثامن عشر من آب/اغسطس الى صدور امر الى القوات الالمانية المتمركزة في الجنوب الغربي بالانكفاء وافضى الى تحرير تولون (في 27 آب/اغسطس) ومرسيليا (28 آب/اغسطس) بسرعة اكبر مما كان متوقعا.

اما باريس التي انتفضت في 19 آب/اغسطس فقد تم تحريرها بعد ستة ايام على ذلك بفضل تضافر جهود المقاومة وسكان العاصمة والفرقة المدرعة الثانية التي يقودها الجنرال لوكليرك ووضعت تحت قيادة اميركية، تدعمها الفرقة الاميركية الرابعة للمشاة.

أ ف ب