هيروشيما

يوم 9 من شهر آب/أغسطس 1945، اهتزت اليابان على وقع ضربة نووية هي الثانية من نوعها خلال 72 ساعة. فبعد إلقاء القنبلة الذرية "الطفل الصغير" على هيروشيما يوم 6 آب/أغسطس 1945، تعرضت مدينة ناغازاكي الواقعة على الساحل الجنوبي الغربي لجزيرة كيوشو اليابانية لقصف نووي عن طريق القنبلة الذرية "الرجل البدين".

وقد أدت عملية إلقاء القنابل الذرية على كل من هيروشيما وناغازاكي لسقوط عدد هائل من الضحايا قدّر من قبل البعض بما بين 130 و220 ألف قتيل.

في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال يوم 9 آب/أغسطس 1945، اجتمع المجلس الوزاري والحربي الياباني لمناقشة مستقبل الحرب وإمكانية الاستسلام للحلفاء عقب هجومي هيروشيما وناغازاكي.

وفي خضم هذا الاجتماع الذي استمر لساعات طويلة، قدّم وزير الحرب الياباني كوريشيكا أنامي (Korechika Anami) معلومة غريبة لبقية الوزراء تحدّث عن خلالها عن تمكن عدد من المحققين اليابانيين من انتزاع معلومات قيمة من طيار أميركي، وقع بالأسر قبل يوم واحد، أكد من خلالها على امتلاك بلاده لنحو 100 قنبلة ذرية أخرى واستعدادها لاستهداف كل من طوكيو وكيوتو خلال الأيام القليلة القادمة.

تحقيق الكيمبيتاي
خلال ليلة يوم 8 آب/أغسطس 1945، وقع الطيار الأميركي ماركوس ماكديلدا (Marcus McDilda) أسيرا لدى اليابانيين عقب إسقاط طائرته ب-51 موستانغ (P-51 Mustang) ليتم اقتياده على الفور نحو أحد مراكز الكيمبيتاي (Kenpeitai)، الشرطة السرية اليابانية، بأوساكا لاستجوابه.

وقبيل بلوغه للمقر، اقتيد ماكديلدا معصوب العينين بشوارع المدينة فتعرض للضرب على يد العديد من المدنيين الغاضبين قبل أن يتعرض لاحقا لنصيب وافر من الضرب والتعذيب على يد محققي الكيمبيتاي.

استمر التحقيق مع ماركوس ماكديلدا لساعات حيث طرح عليه أفراد الكيمبيتاي نفس الأسئلة مرات عدة حول القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما قبل يومين.

وفي كل مرة، قدّم ماكديلدا نفس الإجابات مؤكدا على عدم درايته بأي شيء يخص القنابل الذرية ليتعرض بذلك على مدار ساعات لضرب مبرح.

من جهة ثانية، كان ماكديلدا على دراية بإعدام اليابانيين للأسرى الأميركيين عن طريق قطع رؤوسهم بضربات السيف ومع تلقيه لتهديدات بالقتل اعتمادا على نفس الطريقة فضّل الطيار الأميركي الأسير الكذب وتقديم معلومات خاطئة أملا في النجاة من الموت.

معلومات كاذبة
إلى ذلك، قدّم ماكديلدا معلومات غريبة وعارية من الصحة عن طريقة عمل القنبلة الذرية. وعند سؤاله عن الأهداف القادمة للأميركيين، تحدث الطيار الأميركي عن امتلاك بلاده لأكثر من 100 قنبلة ذرية وأكّد على استهداف كل من طوكيو وكيوتو خلال الأيام القليلة القادمة.

مع حصولهم على هذه المعلومات، صنّف اليابانيون ماكديلدا كسجين هام فأطلعوا المسؤولين العسكريين حول ما جمعوه عن الأهداف القادمة للأميركيين ونقلوا الطيار الأسير نحو العاصمة طوكيو.

بطوكيو، استجوب ماركوس ماكديلدا يوم 9 آب/أغسطس 1945 مجددا من قبل أحد المختصين اليابانيين في الشأن النووي. ومع تقدميه لنفس المعلومات السابقة، كشف أمر ماكديلدا الذي تحدّث عن اعتماده للكذب كملاذ أخير للنجاة من الموت فنقل على إثر ذلك لإحدى الزنزانات وحصل على طعام وماء.

نجاة من الموت
ليومنا الحاضر، يختلف المؤرخون حول مدى تأثير ما قدمه ماكديلدا من معلومات كاذبة حول قرار اليابان بالرضوخ لما جاء بإعلان بوتسدام للحلفاء يوم 10 آب/أغسطس 1945.

لكن في مقابل ذلك، ساهمت هذه الكذبة في إنقاذ حياة الطيار الأميركي من الموت حيث عمد جنود يابانيون غاضبون لقطع رؤوس أكثر من 50 أسيرا أميركيا بأوساكا ما بين يومي 6 و9 آب/أغسطس.

وبفضل نقله نحو طوكيو، نجا ماكديلدا من الموت ليتم تحريره من قبل زملائه بالجيش الأميركي عقب استسلام اليابان.

وقد يهمك أيضًا:

دراسة تؤكد أن السجون الأوروبية "قنبلة موقوتة" حاضنة للتطرف

مجرم يلوح بقنبلة يختطف رئيس الشرطة الجنائية في أوكرانيا