القدس المحتلة_مصر اليوم
في الوقت الذي يجري فيه نشر نتائج الانتخابات الإسرائيلية، التي تبين أن حزب «عوتصما يهوديت» (جبروت يهودي) المعروف بسياسته الداعية لترحيل الفلسطينيين عن وطنهم، دخل الكنيست (البرلمان)، قام نشطاء اليمين المتطرف باعتداء على مدينة كفر قاسم، وخط شعارات تدعو إلى القتل أو الترحيل، بينما أرسلت حكومة بنيامين نتنياهو، جرافاتها لهدم بيوت الصفيح والخيام في بلدة العراقيب في النقب، للمرة 185 خلال عشر سنوات.
وكان عدد من أفراد عصابة ما يسمى بـ«تدفيع الثمن»، المعروفة بانتمائها لليمين الاستيطاني المتطرف، قد داهمت الأحياء الجنوبية في كفر قاسم، فجر أمس الخميس، وقاموا بتمزيق إطارات عجلات نحو 25 سيارة، وخطوا شعارات تهدد المواطنين فيها بـ«القتل أو الترحيل» ووقعوا عليها باسم العصابة ونجمة داود. وقد ربط سكان المنطقة، بين هذا الاعتداء ونتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي أعلنت في الليلة نفسها، ودلت على أن أياً من الأحزاب الإسرائيلية لن تستطيع تشكيل حكومة من دون دعم «قائمة الحركة الإسلامية».
وكفر قاسم التي تُعتبر معقل «الحركة الإسلامية»، وقد منحت القائمتين العربيتين نحو 80 في المائة من أصواتها في الانتخابات الأخيرة، الثلاثاء الماضي، كانت قد تعرضت ست مرات في السنتين الأخيرتين لمثل هذا الهجوم. واعتبر رئيس بلديتها، عادل بدير، الهجوم، «إرهابياً خطيراً». وقال إن المعتدين كانوا مسلحين بالسكاكين، وتصرفوا بثقة غير عادية بالنفس، ما يدل على أنهم يشعرون بحماية من السلطة، خصوصاً بعدما صار لهم ممثلون عن سياستهم في الكنيست. وأضاف أن «عصابات الإرهاب الاستيطانية الكهانية تصرفوا بطريقة تدل على اطمئنانهم من تواطؤ السلطات الحاكمة، خاصة بعد أن رأوا أن ممثليهم المباشرين سيكونون ضمن تشكيلة حكومة بنيامين نتنياهو المفترضة».
وتنشط عصابات ما تُسمى بـ«تدفيع الثمن» الإرهابية، في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الضفة والقدس المحتلة، وترتكب سنوياً عشرات الجرائم، دون ملاحقة ملموسة من قبل السلطة، ما يزيد من معدل جرائمهم، إذ تعتدي على السيارات والأبنية في كفر قاسم، مطمئنة لتواطؤ الحكومة.
وتزامن هذا الانفلات مع عملية تخريب حكومية نُفّذت، فجر أمس (الخميس)، على قرية العراقيب في النقب. فقد داهمت قوة كبيرة من الشرطة، القرية، بينما كان سكانها نياماً. وأخرجتهم من الخيام وبيوت الصفيح التي يعيشون فيها، وهدمتها عن بكرة أبيها، وتركتهم نساء ورجالاً وأطفالاً ومسنين في العراء، في ظل الطقس البارد.
وهذه القرية التي تقع شمال بئر السبع، هي واحدة من 45 قرية فلسطينية في النقب قائمة منذ عشرات السنين، لكن السلطات الإسرائيلية لا تعترف بها وتسعى لترحيل أهلها وهدمها والاستيلاء على أراضيها. وتخطط الحكومة لإقامة حديقة قومية مكانها، حتى لا تسمح بتشكيل امتداد عربي مع مدينة رهط، ثاني أكبر المدن العربية في إسرائيل. وبدأت حكومة نتنياهو عملية تدميرها لأول مرّة في صيف العام 2010. وكان الهدم أمس هو المرة الـ185 لتدميرها. وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة التي ترأس فيها نتنياهو الحكومة، شهدت قرية العراقيب معارك شعبية، وباتت رمزاً لمعركة البقاء، وفرضت السلطات أحكاماً على العديد من أبناء القرية والناشطين، من بينهم ناشطون من قوى إسلامية إسرائيلية، وكان وما زال أكثر الملاحقين، وهو شيخ العراقيب، الشيخ صيّاح الطوري، الذي اعتقل مراراً وأمضى في السجن شهوراً، وتلاحقه السلطات هو وأفراد عائلته بغرامات مالية خيالية، في محاولة لكسر صمودهم.
وتم آخر هدم للقرية الصامدة في 11 من الشهر الحالي، في الوقت الذي ظهر فيه نتنياهو وهو يصب القهوة السادة لشيوخ قبيلة في النقب، ضمن الدعاية الانتخابية. وجاء التدمير الجديد بعد يومين فقط على الانتخابات الإسرائيلية، التي أسفرت عن دخول المتطرف إيتمار بن غفير، إلى الكنيست، نائباً عن حزب الصهيونية الدينية المتحالف مع نتنياهو. وقد أعلن بن غفير أنه لن يؤيد ائتلاف نتنياهو، إلا إذا عينه مسؤولاً عن «سلطة توطين البدو» وعن ملف العنف في المجتمع العربي، لكي يضع حداً لما سماه «إرهاب البدو المتمثل في السيطرة على أراضي الدولة وعلى مقدرات الحياة لليهود في النقب».
قد يهمك ايضا