القاهرة – مصر اليوم
وحّد شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة " صفوف المصريين في حرب "التحرير"، التي أعادت الأراضي المصرية المغتصبة من أيادي العدو المحتل.
ولم تكن "حكايات الغريب" مجرد روايات تؤرخ بطولات المقاتلين على خط النار في حرب التحرير، لكنها حكايات تسرد واقعًا عايشه المناضلون لاستعادة الكرامة المصرية، التي تجسدها صفحات النصر، لاسيّما أنَّ أدبيات الحروب العسكرية تؤكّد أنَّ إتخاذ قرار الحرب المفاجئ أدهش العالم، نظرًا لعدم التكافؤ الواضح بين الجيشين المصري والعدو المحتل الإسرائيلي، لكن بسالة المصريين، بما فيها جرأة القيادة السياسية، واتّساقها مع القيادة العسكرية أنجزت المستحيل.
وتؤرخ ملحمة الإنتصار مهام الكتيبة "13 صاعقة"، وأسلحة الدعم الخاصة بها، أنَّ "تحركات هذه الكتيبة بدأت من منطقة غرب القناة إلى مناطق العدو، بالتزامن مع توقيت بدء عملية تحرير سيناء، في 6 تشيرن الأول/أكتوبر 1973، حيث تولّت مسؤولية تعطيل القتال ضد إحتياطات العدو المدرعة، في مواجهة فرق المشاة، عبر تنظيم كمائن في المناطق المختلفة، التي تعترض طريقها، والتخلص منها، لاستعادة الكفاءة القتالية وحرمان العدو من الدخول في معركة رؤوس الكباري للقوات".
وشهدت التحركات تدمير 10 دبابات و4 عربة مدرعة وتعطيل 3 دبابات، ومع بداية الضربة الجوية تم عبور سريات الصاعقة من الكتيبة 13 لتنظيم كمائن متعددة على المحور الأوسط لمنع إحتياطات العدو، لواء مدرع في منطقة المليز، من التدخل في عبور القوات.
وفي يومي 13 و14 تشرين الأول/أكتوبر 73، تولّت الكتيبة أعمال تطوير الهجوم، بعد إعادة تجميعها، من مهمة تنظيم الكمائن، بغرض تأمين وصول مفرزة متقدمة أثناء الهجوم، حيث تمكنت هذه القوة من إرباك وشلِّ قوات العدو في المنطقة ونجحت في تدمير عربتين مدرعتين وقتل أفراد العدو فيها.
وأكّدت الحكاية الثانية، التي يسردها "البطل الغريب"، أنَّ التعامل المباشر مع قوات العدو يستلزم مهارات قتالية خاصة، لا تتوافر إلا في رجال الصاعقة، الذين تولوا مهام التصدي لزحف العدو، بطريقة حاسمة، وبما سمح لباقي الوحدات والكتائب بالتحرك لتحقيق هدف النصر المراد، ومن ضمن هذه الكتائب كانت الكتيبة "73 صاعقة"، التي تمركزت عند بدء العملية الهجومية ضمن تشكيل المجموعة "129 صاعقة"، لدعم التحرك من منطقة التمركز غرب القناة إلى مناطق العبور المحددة.
وقامت هذه الكتيبة بمهمة القتال التعطيلي، بعدما اشتبك الأبطال بالقواذف المضادة للدبابات مع عناصر العدو المدرعة، التي حاولت الاقتحام والتصادم مع العنصر البشري المصري، بسلاحه الخفيف.
وعن دورها في تدمير العدو غرب القناة، فتمّ تكليف هذه السرية، ليلة 16/17 تشرين الأول/أكتوبر 1973، لعمل كمائن تأمين "جسر سرابيوم" لمنع تحرك العدو، إضافة إلى قيامها بتفتيش المناطق المحيطة به، حيث تمكنت هذه السرية من إمداد القوات المصرية بالمعلومات الكافية عن العدو في المنطقة، واشتبكت معه ودمرت دبابة و4 عربات مدرعة ومدفع 106 مليمترات، فضلاً عن قتل وإصابة عدد من أفراد العدو الموجودين داخل المباني.
وبعد أن شعر العدو أن الموقف لا يسير في صالحه، على الرغم من أنه يقاتل بدبابات وعربات ضد أفراد ليس معهم سوى تسليحهم الشخصي، طلب معاونة نيرانية من مدفعياته، ليخفف عنده حدة هذا الموقف، ليضطر قائد السرية الإرتداد، لاستكمال الذخيرة، ومعاودة الهجوم.
وقامت الكتيبة، في أيام 16 و17 و18 تشرين الأول/أكتوبر بالتحرك في اتجاه مناطق الدفرسوار، لمحاصرة المطار، والتعامل مع العدو في المنطقة، ومطاردة قواته في "أبو سلطان"، وصد هجماته المضادة في اتجاه قواتنا، بواسطة الكمائن المتتالية.
وبعد ساعات من المعارك المتواصلة، تمكنت القوات من تنفيذ المهام بنجاح، ودمرت 7 دبابات و10 عربات مدرعة وقتل وإصابة أفراد من العدو
ويشرد "الغريب" بذهنه، ويوجه نظره ساعات إلى "القناة"، ويقول "عمليات الإغارة والهجوم على العدو تعدّ إحدى أهم مراحل المعركة الحاسمة لانتزاع كرامة الوطن بعد أن ظنّ العدو أنّ احتلاله للمنطقة الشرقية لمصر بداية النهاية لفرض سيطرته على باقي الأراضي المصرية".
وجاءت أهمية المهمة التي قامت بها الكتيبة "203 صاعقة"، والتي شملت الإغارة على النقط القوية للعدو، بالتعاون مع وحدات فرعية من المشاة، والاستيلاء على النقاط القوية للعدو، حيث قامت فصيلتان صاعقة بعبور قناة السويس، عند منطقة تل الفضة، وتولوا تنظيم كمائن على طرق اقتراب إحتياطات العدو، على الطريق الموازي لقناة السويس والطريق العرضي "سهل الطينة"، ومنعها من معاونة النقطة القوية للعدو جنوب بور فؤاد، ونجحت بالفعل الكتيبة في ذلك الهدف ودمرت 4 دبابات وعربتان مدرعتان وقتل 17 فردًا وأسر طيار.
وهاجمت الكتيبة، بعد عبور القناة، إحدى النقاط القوية للعدو، وتحديدًا عند العلامة 10، واستولت عليها بالتعاون مع كتيبة مشاة، وبعد إقتتال عنيف نجحت الكتائب المصرية في التمركز داخل النقطة، وأسر باقي أفراد العدو، البالغ عددهم 8، والاستيلاء على عدد كبير من الأسلحة وأجهزة الإشارة والمعدات الفنية.
ويتكأ "البطل الغريب"، في جلسته ليسرد "عملية اقتحام قناة السويس تعتبر إحدى أهم وأنجح البطولات التي سجلتها القوات المصرية، في معركة النصر المجيدة ، لأنها كانت النقطة الأساسية والركيزة التي انطلقت بعدها شرارة التقدم، وتحقيق أهداف ملموسة على أرض الواقع، هذه المهمة الصعبة أوكلت إلى الكتيبة 256 صاعقة، التي تولت، ومعها أسلحة دعمها، اقتحام قناة السويس من القطاعين شمال وجنوب القنطرة بـ14 قاربًا مطاطيًا، مع تنظيم كمائن قطع شرق مدينة القنطرة شرق، لتحقيق هدف وقف حصار المدينة، ومنع إحتياطيات العدو من التدخل في معركة اللواء 90 مشاة".
وكانت هذه الكتيبة مسؤولة عن منع قوات العدو الموجودة في مدينة القنطرة شرق من تنفيذ الارتداد المنظم، مع قيامها بتطهير المدينة، بعد تنفيذ مهمة الكمائن.
وعبرت هذه الكتيبة قناة السويس، يوم النصر، لمعاونة أعمال قتال الفرقة 18 مشاة في تحرير مدينة القنطرة شرق، عبر تنظيم الكمائن، إذ اشتركت في الاستيلاء على المدينة مع نهاية الـ 8 من تشرين الأول/ أكتوبر 1973.
وتذكر الحقائق التاريخية التي سجلتها صفحات النصر أنّ الكتيبة عبرت بواسطة السرايا الخاصة فيها، تحت ستر نيران المدفعية والطيران، ومع وصول السرية إلى الشاطئ الشرقي للقناة، فوجئت بوجود مركبة للعدو تحاول التأثيرعليها بالنيران، فتم تخصيص مجموعة للتعامل معها، وتمكنت من تدميرها، والوصول لمنطقة عملها، حيث اتّخذت أوضاعها.
ومع الضوء الأول ليوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، حاولت أحدى دبابات العدو الهاربة من النقطة القوية المرور من منطقة جوار الكمين، إلا أنَّ الكمين دمرها، ونجح اللواء 90 مشاة في اقتحام معظم النقاط القوية، وأجبر العدو على الفرار.
وعليه تمَّ تكليف السرية في اليوم نفسه بتشكيل مجموعات قتالية لتتقدم في اتجاه عزبة الصفيح، ونجحت في تدمير العدو وتطهير العزبة، وعندما حاول العدو اللجوء إلى المباني قامت السرية بمطاردته وتطهير المنطقة، بعد قتال شرس.
وأعيد تجميع الخسائر تمهيدًا للعمل ضمن الإحتياطي، بعدها تمكنت القوات الجوية المصرية من إسقاط طائرة، وقامت مجموعة من السرية بأسر الطيار الذي فارق الحياة بعدها.
وصدرت الأوامر بدفع فصيلتين صاعقة من السرية لمهاجمة النقطة القوية وأتخذت اوضاعها القتالية، واقتحمت النقطة من الخلف مع أعمال المناورة بالنيران والقوات، وأجبرت العدو على تغيير اتجاهه إلى الدفاع، وبذلك تهيأت الفرصة للمشاة لاقتحام النقطة.
وكلفت السرية بمهمة أخرى لتنظيم كمين يستهدف قوات العدو حيث ظهر، ليلة 6 إلى 7 تشرين الأول/أكتوبر، مجموعة أفراد مترجلة للعدو، تقدر بحوالي 30 فردًا، مشكلة في قطارين، سيرًا على الأقدام، وعند اقترابهم من الكمين بدأ الاشتباك معهم، ولكن العدو تمكن من الفرار، بعد سقوط 6 قتلى منهم، ولجأ إلى مناطق المباني القريبة.
وقرّر قائد السرية مطاردة العدو، والإغارة عليه داخل المباني لتطهيرها منه، وتم دفع مجموعتين، إحدهما لاقتحام المباني، والأخرى لسترها بالنيران، ومنع العدو من الفرار، إذ نجحت السرية في المهمة، وأسرت 8 أفراد من أحد المباني، لينتهي بذلك تحرير مدينة القنطرة شرق.
وتجوّل "الغريب" في شوارع السويس إلى أن توقفت قدماه عند منطقة القنطرة، ليوضح ملمح هام لنجاح المصريين في عبورهم، الذي بدأ تحديدًا عقب مرحلة الخداع الإستراتيجي، التي نفذها الجيش المصري لتضليل العدو عن موعد أو وجود نوايا للجيش المصري لإسترداد أراضيه، حيث ظهرت الحاجة الماسة لمهام المجموعة "127 صاعقة"، والتي تولت في حرب أكتوبر، إعادة تمركز وحدتها الفرعية لتقوم بمعاونة أعمال قتال تشكيلات ووحدات الجيش الثالث الميداني، عبر شن الغارات ضد أهداف العدو الحيوية شرق القناة، بغرض إحداث أكبر خسائر ممكنة في قوات العدو.
وأوضح "البطل الغريب" في الراوية السادسة خطورة الدور الذي لعبته الكتيبة "33 صاعقة"، والتي كان منوط لها السيطرة على المجرى الملاحي لقناة السويس، وتمكين القوات من العبور إلى الناحية الشرقية، لبدء السيطرة على مواقع ونقاط إرتكاز العدو من المراحل الهامة والدقيقة، في الساعات الأولى من الحرب، وعليه خصصت الكتيبة "33 صاعقة" للقيام بهذا الدور، لاقتحام قناة السويس ضمن مجموعات العبور الأولى، واحتلال مصاطب الدبابات على الشاطئ الشرقي للقناة، وتأمين الساتر الترابي مع تنظيم الكمائن لمنع تقدم إحتياطي العدو وحماية الفاصل بين الفرقة السابعة المشاة، والفرقة 19 مشاة في المنطقة شرق الشلوفة، فضلاً عن توليها مهام عملية الإغارة على مربض نيران بطارية مدفعية 175 مليمتر، على طريق الشط /الإسماعيلية وتأمين مركز قيادة الفرقة السابعة مشاة في منطقة جنيفة، والعبور ضمن موجات العبور الأولى.
وشملت مهام الدفاع للخطوط الأمامية قاعدة "أصلية"، التي أدرجت في استيراتيجيات الحروب الناجحة، وهو ما نفذته القوات المصرية في حرب التحرير، حيث قامت الكتيبة "43 قتال" بتنفيذ مهمة معاونة أعمال قتال الفرقة 19 مشاة، التي تعمل على الجانب الأيمن للجيش الثالث الميداني، والتي اتّخذت أوضاعًا دفاعية على الضفة الغربية للقناة، خلف مباني الشركة العامة للبترول، عبر الإغارة على النقطة القوية في لسان بورتوفيق، والاستيلاء عليها، ومعاونة أعمال قتال الفرقة أثناء التطوير في اتجاه جبل أبو غلام.
وكان "القناصة" كلمة السر وراء تحقيق الأهداف المرجوة من أية معركة، هذا السلاح منوط بتحديد الأهداف المعادية، والتعامل معها بصورة مباشرة، والتي شملت مهمة الكتيبة "163 صاعقة"، ومرحلة عبور قناة السويس، لأنّها ذللت الصعاب أمام كتائب تنظيم الكمائن والمجموعات، وقامت بقنص الدبابات أمام مواجهة فرقة 19 مشاة شرق الشلوفة، لمنع تقدم إحتياطات العدو، وتلغيم مصاطب الدبابات وحرمان العدو من استغلالها.
ويعتبر "التأمين" نقطة محورية في استراتيجيات الحروب، ودون هذا العنصر تعتبر المواقع والمعارك المصيرية بلا فائدة، ولا تحقق أي انتصارات ، فعملية التأمين تسبق وتعقب العمليات وتتخلل تنفيذ المراحل المختلفة وعليه لزم علينا أن نوضح مهمه الكتيبة "233 صاعقة" أثناء حرب "أكتوبر"، في منطقة القطامية، ضد أيّ عدائيات، والعمل كإحتياطي قائد المجموعة.
وفي مرحلة الثغرة، كلّفت هذه السرية من الكتيبة، بتاريخ 21 تشرين الأول/أكتوبر، بتنظيم كمائن تعطيلية لعرقلة تقدم العدو في منطقة فايد، حيث دمرت 6 دبابات و4 عربات مدرعة، ثم كلفت بتدمير عربتين "جيب" للعدو، وقامت بأسر أحد الضباط وقتل وإصابة باقي الأفراد، إضافة إلى نجاحهم في الإستيلاء على وثائق وأسلحة العدو
مع تكليف سرية أخرى من الكتيبة بتأمين الأهداف الحيوية في منطقة مطار القطامية والسرية الأخيرة كلفت، في 23 تشرين الأول/أكتوبر، بالعمل كإحتياطي للجيش، ونظمت كمائن على المدق رقم 12، أثناء تحرك العدو في اتجاه مركز قيادة الجيش، ودمرت 5 دبابات أخرى وعربة مدرعة للعدو.
وكان "الساتر الترابي" فزاعة استخدمها العدو لإيهام المصريين بصعوبة الدخول في حرب، بل روج له عالميًا بدعوى أنّه نقطة صعبة لا يمكن تخطيها للدخول إلى الناحية الشرقية، إلا أنَّ "الكتيبة 33 صاعقة" ذلّلت هذه الصعوبة، واستطاعت أن تمهد الطريق للقوات الأخرى من الكتائب المختلفة لإقتحام هذا الساتر الترابي وقاموا بمهمة الدفع بسريتين لعبور قناة السويس، بالقوراب، وتنفيذ كمائن شرق القناة، في مهمة تأمين الساتر الترابي، في الفاصل بين الفرقة السابعة مشاة والفرقة 19 مشاة في منطقة شرق الشلوفة.
وتسللت الكتيبة، في 6 تشرين الأول/أكتوبر، في مهمة الإغارة على مربض نيران مدفعية 175 مم للعدو على طريق الشط /الإسماعيلية ولكنها لم تجد مدفعيته، نظرًا لانتقالها، وأثناء عودتها اصطدمت، برتل متحرك لدبابات العدو، حيث تمكنت من تدمير دباباتين.
وقامت فصيلتان من الكتيبة بالإغارة على مصاطب دبابات العدو أمام مواجهة اللواء 11 مشاة ميكانيكي، جنوب البحيرات، ولكنها وجدت المصاطب خالية وقامت القوة بتلغيم المصاطب، لحرمان العدو من استخدمها.
وفي مرحلة الثغرة كلفت سريتين من الكتيبة "33 صاعقة" بتنظيم مجموعات إقتناص دبابات العدو، وقامت بتنظيم الكمائن وتمكنت من تدمير دبابة في منطقة جبل أم كثيب، بجانب تكليف عناصر سرية الصاعقة لتنظيم مجموعات قنص الدبابات للعدو في منطقة جبل جنيفة، واستمرت هذه السرية بالتمسك بإماكنها حتى 23 تشرين الأول/أكتوبر، واشتبكت بعض وحداتها الفرعية الصغرى مع العدو ودمرت دباباتين له.
وأسند تفتيش مطار فايد إلى فصليتين من الكتيبة نفسها، وكذلك المنشأت في المنطقة، ومراقبة تحركات العدو في هذا القطاع، وتنظيم أعمال الكمائن على طرق تحرك العدو، وتمكنت هذه القوة من تنفيذ مهامها طوال الفترة 18 إلى 23 تشرين الأول/أكتوبر، إذ دمرت دبابة وعربة مدرعة للعدو، وكانت مهامها تتمثل في الإعداد والتحضير وقيام الكتيبة بتنفيذ أحدى المهام القتالية، التي تعتبر من أصعب المهام وأكثرها تعقيدًا وهي مهمة الإغارة على النقاط القوية في لسان بورتوفيق.
وأتمت الكتيبة عملية التجميع، واحتلت منطقة بورتوفيق، وتم فتح مركز قيادة ومراقبة الكتيبة، وأصبحت مستعدة لتنفيذ المهام، إعتبارًا من الضوء الأخير في 5 تشرين الأول/أكتوبر، وتحت ستر نيران المدفعية، بدأت مجموعات الكمائن في العبور، مع 9 قوارب مطاطية إلى اللسان، ووصلت هذه المجموعات للساتر، وتمكنت من لتعامل مع دبابتين للعدو، دمرت أحداهما وأصابت الأخرى، ثم قامت بعمل كمائن القطع خارج وداخل اللسان، وقامت برص حقلين بالألغام المضادة للدبابات، لمنع الدخول والخروج إلى اللسان.
وانتهت نيران المدفعية المعاونة للكتيبة، في 6 تشرين الأول/أكتوبر، وبدأ عبور السرية المعنية لمهاجمة النقطة القوية الرئيسية في اللسان، ورغم تأثير نيران العدو على السرية أثناء عبورها، واستشهاد قائد السرية، إلا أنَّ السرية تمكنت من الوصول للساتر الترابي، وحصار النقطة القوية بعد نجاح قواتنا الرئيسة في اقتحام قناة السويس.
وقرّر قائد الكتيبة تنفيذ حصار اللسان، عوضًا عن القيام بهجمات تؤدي إلى خسائر في قوات العدو، وبالفعل تمكنت الكتيبة من حصار النقاط القوية، وإجبار العدو على الاستسلام، في 13 من الشهر نفسه، حيث استسلم 37 فردًا، منهم 5 ضباط، واستولت القوات المصرية على 3 دبابات سليمة، ودمرت 4 دبابات، وحصلت على عدد كبير من الأسلحة والرشاشات والأجهزة اللاسلكية والمعدات وقتل وإصابة عدد كبير من أفراد الموقع، ورفع العلم المصري فوقه.
وعلى الرغم من تكليف الكتيبة "43 صاعقة"، في مرحلة الثغرة، باحتلال لسان بور توفيق، إلا أن ذلك لم يمنعها من دفع وحدات فرعية صغرى طوال فترة وجود العدو غرب قناة السويس، وتمكنت هذه المجموعات من الحصول المستمر على معلومات عن موقف العدو على مشارف مدينة السويس، إضافة إلى اشتراكها في منع العدو من دخول مدينة السويس، وبورتوفيق، بالتعاون مع فئات مختلفة من الجيش والشعب.
ولم يكن وصف "رجال المهام الخاصة" مجرد وصف يطلق على عناصر المقاتلين المدربين بعناية على اقتحام الخطوط الأمامية وتأمين الوحدات، والاستعداد في الكمائن لإصطياد الأعداء مهما بلغت قوتهم، إذ أنَّ دورهم في الحفاظ على الأرض لا يقل أهمية عن دور رجال المشاة المنوطين بهذه المهمة الأساسية.
والتزمت كتيبة "163 صاعقة" بتنفيذ المهام الخاصة في مجال إدارة العملية، حيث قامت سريتان من الكتيبة بعبور القناة، أمام مواجهه الفرقة 19 مشاة بمهمة تنظيم كمائن ومجموعات اقتناص دبابات، وتمكنت هذه العناصر من تلغيم مصاطب الدبابات شرق القناة، وحرمان العدو من استخدامها، إضافة إلى تدمير دبابة وعربة جيب، وأسر ضابط و3 جنود.
وقامت سرية من الكتيبة ومعها قيادة الكتيبة بعبور القناة، في مهمة تأمين هذه العملية ومنع إحتياطات العدو من التدخل في عملية انتقال مركز القيادة، وقامت سرية من الكتيبة، في 10 تشرين الأول/أكتوبر، بعد إعادة تجميعها بالتحرك برًا بمهمة تأمين وادي المر، والإغارة على مصاطب دبابات العدو التي تعوق تقدم اللواء الخامس مشاة.
ونجحت هذه السرية في تأمين الوادي وتمكنت من الإستيلاء على معسكر صغير للعدو خلف المصاطب، وتطهيره من الأفراد.
أما في مرحلة التطوير قامت الكتيبة بالتمركز في منطقة القطامية، للعمل كإحتياطي للجيش، وفي مرحل الثغرة كلفت سرية من الكتيبة، في ليلة الـ19 من الشه نفسه، بالإغارة على بعض التجمعات في منطقة شرق مشاش الحبارة على طريق السويس / القاهرة، وتمكنت السرية من تدمير 4 دبابات، و10 عربات مدرعة، إضافة إلى مقتل عدد كبير من أفراد العدو.
وكلفت سريتان من الكتيبة، في 21 تشرين الأول/أكتوبر بالإغارة على تجمعات دبابات للعدو، قدرت بـ20 دبابة في منطقة التبة الزلطية، ثم كلفت بتنظيم كتائب تعطيلية في مضيق الربلين، وتمكنت من تنظيم الكمائن مما أدى لحرمان العدو من استخدام المضيق طوال فترة بقاء السرية، من 28 تشرين الأول/أكتوبر حتى 18 تشرين الثاني/نوفمبر.
ولم تكن حماية النقاط التي انتزعها الجيش الثالث الميداني مهمة هينة، والتي تضمنت مهمة المجموعة 145، لمعاونة العملية الهجومية للجيش الثالث، بإبرار 143 صاعقة في منطقة ممر سدر الجبلية، لعرقلة تقدم إحتياطات العدو أطول فترة ممكنة، بما يحقق أنسب الظروف للقوات الرئيسة للإستيلاء على رؤوس الجسور وتأمينها وتطوير الهجوم شرقًا، على أن توضع الكتيبة تحت قيادة الجيش الثالث، في مواجهة الهجوم.
وكانت خطورة الدور الذي قام عناصر الكتيبة 143 صاعقة تكمن في أنّه أسند لها، مهام المواجهة المباشرة مع العدو، والتعامل المباشر، مع تقدم عناصره ناحية المدخل الغربي لقناة السويس، وحماية وتأمين المناطق، عبر الإبرار في 12 طائرة في المنطقة غرب المدخل الغربي لمضيق سدر، وذلك للقيام بمهمة الكمائن في المدخل الغربي، وإحداث أكبر خسائر ممكنة في اللواء المدرع الإسرائيلي المحتمل تقدمه، وتعطيلة لمدة 48 ساعة، ثم الارتداد والإنضمام إلى مفرزة اللواء الأول مشاة، على أن تقوم سرية أخرى من الكتيبة بدعم فصيلة "مولوتيكا" بالإبرار الجوي، بواسطة 6 طائرات في منطقة عين تيسار المالح.
وتضمنت مهام الكتيبة 93 صاعقة المسؤولة عن عملية الدفع بمجموعات استطلاع خلف خطوط العدو في جبل عتاقة، أثناء فترة إطلاق النار، وجمع المعلومات الدقيقة عن العدو وإرسالها إلى القيادة، مع توليهم مهمة تدمير مستودع رئيسي للوقود داخل مركز قيادة العدو في منطقة فنارة، ضمن الخطة الشاملة للقضاء على ثغرة الاختراق.
ودفعت الكتيبة 63 صاعقة بسرية صاعقة في منطقة الجبل الأحمر، للإغارة على منطقة تجمع العدو شرق الدفراسوار، مع تحرك الكتيبة "عداس" من منطقة الجبل الأحمر إلى منطقة الشط، للقيام بمهمة تأمين عبور الجيش الثالث، ومنع العدو من تطويق عناصر الجيش المصري، وفي حال نجاح العدو في الإستيلاء على المعبر تقوم الكتيبة بإنشاء قاعدة دوريات في منطقة محاجر السادات في الأدبية.
وتمثلت أهمية الكتيبة 113 صاعقة في أنها كلفت بالإبرار جوًا جنوب شرقي مطار فايد، في 18 تشرين الأول/أكتوبر، للقيام بمهمة تسلل، وعمل مجموعات لإقتناص دبابات العدو، وتمّ تنفيذ المهمة، وتدمير دبابتين ومدرعتين إضافة إلى قتل واصابة عدد من أفراد العدو.
وصدرت الأوامر للكتيبة 63 صاعقة، في تاريخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 1973، بالتحضير والتنظيم لعملية إبرار جوي، للإستيلاء وقطع ممر متلا، ومعاونة تقدم الجيش الثالث، حيث تمّ التنفيذ في الـ 6 من الشهر نفسه، ولنقص المجهود الجوي والتطور السريع في المعركة تمَّ وقف التنفيذ، وصدرت الأوامر للإستعداد الدائم لتنفيذ أية مهام أخرى.
وتحرّكت السرية الثالثة من منطقة التمركز في الجبل الأحمر إلى الجبهة، في 20 تشرين الأول/أكتوبر، للقيام بمهمة الإغارة على منطقة تجمع للعدو شرق الدفرسوار، وتم تنفيذ المهمة بالتسرب البري، عبر جسر الجيش الثالث، ولمسافة 12 كيلو مترًا، والنتيجة كانت تدمير 4 دبابات، والقضاء على طاقمها، ولم تحدث أية خسائر في أفراد السرية.
وصدرت الأوامر للكتيبة بالتحرك، في 23 تشرين الأول/أكتوبر، من منطقة التمركز في الجبل الأحمر إلى منطقة الشط، للقيام بمهمة تأمين معبر الجيش الثالث الموجود في منطقة الشط، ومنع العدو من تطويقه من الغرب، وفي حال النجاح ستقوم بتطويقه وإنشاء قاعدة دوريات في منطقة محاجر السادات والأدبية، وتكون جاهزة لتنفيذ أية مهام تكلف بها أثناء تقدم الكتيبة لتنفيذ المهمة.
واصطدمت بقوات متحركة للعدو عند منطقة الأدبية وقامت الكتيبة بالفتح والإستيلاء على الهيئات الحاكمة، واستطاعت إيقاف تقدم العدو في اتجاه القاهرة، واستمرت الكتيبة في تحسين أوضاعها الدفاعية، كما إستطاعت احتلال الهيئات الحاكمة في جبل عتاقة، لمنع العدو من استخدامها، ودفعت بدوريات لاستطلاع مواقع العدو، وجمع معلومات عنه.
وكلفت الكتيبة أيضًا ضمن خطة العمليات الشاملة بالإستيلاء على القاعدة البحرية في الأدبية وتحريرها والتمسك بها، ولكن لم تنفذ هذه العملية نتيجة انسحاب العدو في خطة الفصل بين القوات، ثم قامت الكتيبة بإلاستيلاء على الهيئات الحاكمة في منطقة جبل عتاقة، وقاعدة الأدبية بعد إنسحاب العدو منها، وبعد إتمام عملية الفصل صدرت الأوامر للكتببية بإعادة التجميع، والعودة لمنطقة التمركز في الجبل الأحمر، بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 1973.
وبدأت مرحلة وقف النيران مع عودة الكتيبة 93 صاعقة، في 22 تشرين الأول/أكتوبر من الجمهورية الليبية، أثناء حدوث ثغرة الاختراق، حيث كلفت الكتيبة بمهمتين، في أقل من 24 ساعة.
وتضمنت المهمة الأولى تكليف دروية من الكتيبة 93 صاعقة بالعمل كمجموعة إستطلاع في مؤخرة العدو، في منطقة جبل عتاقة، وتمكنت هذه المجموعة من تقديم معلومات دقيقة ومستمرة طوال الفترة من 22 أكتوبر حتى الـ 24 منه، أما المهمة الثانية فكانت تكليف الكتيبة 93 صاعقة بتدمير مستودع رئيس للوقود في مركز قيادة العدو، في منطقة فنارة، ضمن الخطة الشاملة للقضاء على الثغرة، وكانت قوة تنفيذ المهمة عبارة عن دوريتي صاعقة مدعمة بمهمة تدمير هدف في عمق دفاعات العدو يبعد بمسافة 60 كيلو مترًا على الحد الأمامى للثغرة، عند الكيلو 101.
وكان هناك نقص شديد في المعلومات عن الهدف، إضافة إلى كثرة تحصينات الهدف "المستودع"، وتم التخطيط لتسلل القوة إلى الهدف ليلاً، وإلقاء عدد من العبوات المتفجرة، المعدة بواسطة خبراء فنيين من المهندسين العسكريين، في فتحات التهوية داخل خزانات الوقود، حيث تمّ انفجار الهدف، بعد ارتداد القوة المنفذة.
وأسفرت هذه المعركة عن تحقيق خسائر للعدو، شملت تدمير 8 دبابات، و7 عربات مدرعة، وعربة جيب واحدة، ثم تدمير دبابتين وعربتين مدرعتين و4 دبابات للعدو.