دمشق ـ جورج الشامي
جلس الفتاة السورية الصغيرة امام طاولة لبيع أرغفة الخبز ولا تغيب عنها الابتسامة وسط مشاهد الدمار في أحد شوارع مدينة دير الزور السورية التي شهدت قتالاً عنيفًا خلال هذا الأسبوع والبيوت من حولها مهدمة، والجدران حافلة بالثقوب نتيجة طلقات الرصاص والقذائف. ونشرت وكالة "رويترز" للأنباء صورة حافلة بالمشاعر للفتاة، وكان مصور الوكالة خليل الشاوي التقط هذه الصورة التي تعكس بصيصًا من الأمل النادر، الذي يقول إن الحياة يمكن أن تعود إلى طبيعتها رغم استمرار العنف والدمار. وتُعد مدينة دير الزور في شرق سورية بمثابة إقليم النفط الرئيسي في البلاد، وكانت قد شهدت قتالاً عنيفًا ومناوشات بين جنود الجيش السوري الحر والقوات الحكومية خلال هذا الأسبوع. يذكر أن المنطقة المحيطة بالمدينة الآن تقع تحت سيطرة مجموعة متفرقة من القبائل التي تضع يدها على حقول النفط، والتي تستغل حاليًا حالة عدم الاستقرار وتقوم بتهريب عدد من براميل النفط الخام إلى تركيا. وظهر تسجيل فيديو على النت، خلال الأسبوع الماضي، قامت بنشره جماعة موالية للنظام السوري، ويبدو فيه أحد أفراد المقاومة السورية وهو ينزع قلب جندي حكومي ميت ويأكله. ويُعتقد بأن التسجيل لأبو صخر وهو الرجل الذي أسس "لواء الفاروق" في حمص، وهو يقف فوق جثة جندي سوري تابع للنظام داخل خندق وهو يصيح معاديًا الرئيس السوري بشار الأسد. واستخدم أبو صخر سكينًا في شق صدر الجندي ونزع منه عضوين ووقف أمام الكاميرا وهو يقسم بالله مخاطبًا الأسد إنه سيأكل قلوب وأكباد جنود بشار الأسد. ثم قام بعد ذلك بقضم القلب. وتقول شبكة سورية لحقوق الإنسان تتخذ من لندن مقرًا لها إن هناك 7543 امرأة من بينهن 2454 طفلة و257 طفلاً لقُوا مصرعهم على يد قوات الحكومة السورية. ويُتوقع أن توافق، الأربعاء، الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار للجامعة العربية يدعو إلى فترة انتقالية سياسية في سورية، ويدين بشدة نظام بشار الأسد، بسبب تصعيده القتال من خلال استخدام أسلحة ثقيلة، كما يدين الانتهاك الفاضح لحقوق الإنسان. ويصوت، الأربعاء، على القرار أعضاء الجمعية العامة، البالغ عددهم 193. وقررت المجموعة العربية الحصول على موافقة الجمعية العامة على قرارها كي تعكس مدى فزع المجتمع الدولي لمعدل القتل المتزايد في الصراع، والذي وصل إلى 70 ألف قتيل، كما يعكس فزعه من الفشل في وضع حد لهذا الصراع. ويُعرف أن قرارات الجمعية العامة على عكس قرارات مجلس الأمن الدولي يتعذر وضعها موضع التنفيذ، إلا أن موافقة الجمعية العامة على القرار سيكون بمثابة رد على عجز مجلس الأمن بسبب انقساماته العميقة، حيث قام حلفاء سورية باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد الأسد. وبعث السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي شوركين برسالة يحث فيه أعضاء الأمم المتحدة بالتصويت بلا على القرار الجديد، الذي وصفه بأنه متحيز لطرف واحد، وأنه سوف يأتي بنتائج عكسية في الوقت الذي توصل فيه كل من وزيري خارجية أميركا وروسيا إلى عقد مؤتمر دولي للتوصل إلى حل للخروج من الأزمة. وقامت سفيرة الأرجنتين لدى الأمم المتحدة ماريا كريستينا بيرسيفال بمطالبة دولة قطر الراعي الأول للقرار بالتخفيف من لغة الترحيب بالائتلاف الوطني السوري المعارض، وعدم استخدام عبارة "الاعتراف الدولي العريض" لوصف الائتلاف بأنه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري. وقالت السفيرة في خطابها الذي ألقته نيابة عن مجموعة دول أميركا اللاتينية إنها تعارض أيضًا لغة الترحيب بقرارات جامعة الدول العربية بشأن الحل السياسي للوضع في سورية، لأن أميركا اللاتينية لم تشارك في تبني تلك القرارات. وطالبت أيضًا بضرورة وضع عبارة واضحة تدعو إلى "وقف مزيد من العسكرة للصراع". ورفض الوفد القطري إجراء التغيرات المطلوبة، الأمر الذي يضع دعم مجموعة دول أميركا اللاتينية للقرار موضع شك. ووافقت الجمعية العامة على قرار للجامعة العربية في آب/ أغسطس الماضي بعدد 133 صوتًا مقابل 12 صوتًا مع امتناع 31 عن التصويت، وكان القرار يدين سورية، ويأسف لعجز مجلس الأمن، ويطالب سورية بالمبادرة بوقف العنف مع التأكيد على أن التعجيل بمرحلة التحول السياسي تمثل أفضل فرصة لحل الأزمة سلميًا. أما القرار الجديد فهو يستخدم لغة مشابهة، ويضع خريطة طريق وفقًا لما تم الاتفاق عليه في جنيف في حزيران/ يونيو الماضي من خلال تشكيل حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات، وإقامة نظام سياسي ديمقراطي تعددي، ولكنه لم يتم الاتفاق بعد على كيفية تنفيذ ذلك الأمر الذي يتطلب تخلي الأسد عن السلطة. ويدعو القرار إلى إجراء حوار سياسي جاد بين السلطات السورية والمعارضة السورية، ولكنه يدين استخدام النظام السوري للأسلحة الثقيلة، كما يعرب عن عميق أسفه إزاء تهديد السلطات السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية، كما يشير كذلك إلى مزاعم استخدام تلك الأسلحة في الصراع أخيرًا. ويطلب القرار من سورية مراعاة القوانين الدولية التي تحظر استخدام مثل هذه الأسلحة، والامتناع عن نقلها إلى أي كيان غير دولي. يُذكر أن سورية تعترف بامتلاكها مثل هذه الأسلحة، ولكنها تقول إنها لن تستخدمها ضد شعبها.