عماد الدين أديب

 كشف الإعلامي المصري عماد الدين أديب، عن خوف الرئيس الأسبق حسني مبارك، من محاولات تمرير مشروع توريث نجله جمال، موضحًا أن مبارك كان يعلم جيدًا خطورة هذه الخطوة، ولم يكن راضيًا عنها، ولم يفصح عما بداخله بسبب ضغوط أسرية كانت ترغب في انتقال السلطة إلى نجله، لافتًا إلى أن رئيس جهاز المخابرات الأسبق اللواء الراحل عُمر سليمان، أكد له قبل أحداث 25 يناير/كانون ثان بأيام قليلة أن نظام مبارك زور انتخابات برلمان 2010، وأنه لا يد لأمين تنظيم الحزب الوطني المنحل أحمد عز، في تزوير الانتخابات البرلمانية عام 2010.

وأضاف أديب، أن المصالحة بين جماعة الإخوان والدولة توقيت، ويلزمها أمورعدة أهمها الخلاص النهائي من الجماعة في الخارج والداخل، وتجفيف منابع تمويلها، وتخلي القوى الدولية عنها، فضلاً عن إصدار الولايات المتحدة تشريعًا يدرجها في "قائمة الإرهاب"، مشيرًا إلى أن الرئيس السابق محمد مرسي كان يعتبر مكتب الإرشاد رئيسه المباشر.  

ووصف أديب الرئيس عبدالفتاح السيسي بالشهيد الحي، لأنه يسدّد فاتورة تأخرت 70 عامًا، ويعلم تداعياتها الخطيرة، لكن يؤمن بأهمية العمل من أجل الوطن الذي يحلم بالعبور به إلى بر الأمان، وأن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة خير دليل على أن السيسي فضل مصلحة الوطن على شعبيته، لافتًا إلى أن السيسي كان جريئاً لحد كبير للغاية ويحسب له عدم اهتمامه بنفسه.

وقال "إن السيسي إذا كان يبحث عن الشعبية ما فكر مطلقًا في تنفيذ الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، ولا اتخذ أي قرارات يمكن أن تسبب ضيقا للشارع، ولم يقترب من الدعم مطلقًا، ولا سعر الصرف، ولم يتجه لإقامة مشروعات عملاقة، لكن أراد اتجاها آخر وهو بناء مصر قوية دون أمراض، فاتخذ القرارات التي تمكنه من ذلك، وهو يعلم جيدا أنها تؤدي إلى خفض شعبيته، لما لها من تداعيات في الشارع، ويحسب له عدم اهتمامه بنفسه، ولا تأييد الناس له قدر رغبته الجامحة في استقرار وتقدم الوطن، وهو يدرك تبعات ما يفعله ولا يبالى بشيء غير العبور بمصر إلى بر الأمان".  

وأشار أديب إلى أن عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك شهد استقرارًا نسبيًا، بسبب طول مدة حكمه، فهو لاعب شطرنج حريص لا يهمه الربح بقدر تمسكه بعدم الخسارة، والدليل أنه أكثر رئيس تعامل مع الإخوان بأقل الخسائر عن طريق جهاز أمن الدولة، الذي اتسم بالمكر الشديد واستطاع إيجاد صيغة لإدخالهم في السياسة دون أن يكونوا مؤثرين في عملية الحكم، كما اعتبر الرئيس الراحل أنور السادات أفضل رئيس أجاد السياسة الخارجية، فكان صاحب عبقرية سياسية في استشراف الواقع ورؤية المستقبل، ويشهد له التاريخ بأنه داهية من بين خمسة رؤساء عباقرة فى الخمسين عاماً الأخيرة على مستوى العالم، بينما يبقى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر صاحب حلم أكبر من قدرات الظروف والأدوات المتاحة له، ما أضره ودفع نتيجة حلمه، أما الرئيس محمد مرسي لم يدرك أنه رئيس لكل المصريين، وظل يتعامل مع مرشد الجماعة باعتباره رئيسه المباشر، وهذا خطأ تاريخي قاتل، رغم أنه رجل طيب.

وحول موضوع التوريث أكد أديب أن مبارك التزم بالصمت تمامًا بسبب وجود ضغوطات عائلية قوية عليه، خاصة أنها جاءت بعد أن أصبح ضعيفًا، ما جعله لا يتحدث أبدًا في الأمر، حتى بات لا ينفي ولا يؤكد التوريث، و"أجزم أنه لو خرج مبارك ونفى بشكل قاطع رفضه لمشروع التوريث، وقال إن ابنه لن يرشح نفسه كرئيس لتفادي كل ما حدث، لأن مظاهرات يناير/كانون ثان 2011 تفاقمت بشكل هائل بسبب الكلام حول التوريث، ولو هذه النقطة ما كانت لتنجح أي مظاهرات ضده".

واعتبر أن حكم الإخوان شهد سوء الإدارة وعدم فهم قانون الفعل، ورد الفعل الذي يحكم مصر، ولم يفطنوا إليه، وغاب عنهم أن القواعد الأخرى التي تنطبق على الحكم فى الخارج لا تنطبق هنا، وجاءت الجماعة بخبرة صفرية، واهتمت بتمكين أنفسهم وأهملوا مكونات الأمور في مصر، ولم يلتفتوا إلى المؤسسات السيادية.

ورأى أديب أن صورة مصر في الخارج أضعف نقطة في ملف السياسة الخارجية، وباتت تمثل الإساءة البالغة لنا، بسبب نجاح جماعة الإخوان في تسويق أهدافها، عن طريق شركات إعلامية ضخمة، وتدفع تكاليفها تركيا وقطر، وتعمل على تشويه مصر في الوقت الذي عجز فيه أصحاب تلك المهمة عن توصيل وجهة نظرهم بالدليل والحجة والمنطق.