الصحافي حاتم البطيوي

كشف الصحافي المغربي المقيم في لندن حاتم البطيوي مشواره في بلاط صاحبة الجلالة؛ مؤكدًا أنَّ وعيه بممارسة الصحافة بدأ يتبلور عندما كان في قسم المتوسط الثاني من السلك الابتدائي؛ حيث كان متابعًا جيدًا لمجلتي "المزمار" و"مجلتي"، وأعدّ خلال تلك المرحلة مجلة حائطية بعنوان "القمرة"، كانت تضم عددًا متنوعًا من مواضيع الثقافة العامة يتم تحديثها بانتظام، ساهمت في إغناء الحياة الثقافية في مدرسته "بن خلدون"، كما ساهم أيضًا مع زملائه في رسم الجداريات التشكيلية التي شكلت أحد معالم موسم أصيلة الثقافي الدولي منذ انطلاقه العام 1978.

وأضاف البطيوي، خلال حوار مع صحيفة "الأيام" المغربية الأسبوعية، أنَّه عقب حصوله على شهادة البكالوريا حاول دراسة الصحافة والإعلام في باريس، ولذلك سافر مع صديقه محمد أولاد محند، ولكنهما فشلا في  ذلك بسبب عدم تسجيلهما في السفارة الفرنسية في الرباط لحصولهما على منحة دراسية في باريس، ولكن صديقه رفض الواقع وقرَّر أنَّ يبقى في باريس واستطاع بعد ذلك أنَّ ينجح نجاحًا شديدًا.

وعاد البطيوي إلى المغرب مرة أخرى، وعند عودته حاول أنَّ يلتحق بالمعهد العالي للصحافة في الرباط لكنه لم ينجح في ذلك أيضًا.

وكان نتيجة ذلك الإصرار الشديد من البطيوي أنَّ يلتحق بالصحافة، وأقسم أنَّ يصبح صحافيًا كبير في أحد الأيام، ولكنه قدم أورقه ليلتحق بكلية الحقوق واستطاع في فتره دراسته وأثناء سفرياته للخارج أنَّ يجري عدة لقاءات صحافية مع عدد من المثقفين والمشهورين وكان ينشرها عند عودته في عدة صحف من دون مقابل مادي أحيانًا "وساعدني والدي كثيرًا في تطوير معرفتي ونموي من خلال حثي على القراءة".

ويضيف البطيوي: "ثم شاءت الأقدار أنَّ ألتقي الصحافية العراقية إنعام كجه جي العام 1983، وبفضلها تعرفت على العديد من الشعراء والمثقفين والصحافيين الذين شكلت باريس مربط خيلهم، وللحق هي المرأة التي جعلتني مغرمًا بالصحافة، ومن هنا جاءت رغبتي في دراسة الإعلام بباريس، ولكن بلد الجن والملائكة رفضتني لأجد نفسي في لندن".

واستطاع البطيوي بعد ذلك الالتحاق بجريدة العرب الدولية العام 1987، وذلك عندما كان مع وزير الثقافة محمد بن عيسى وعثمان العمير والصحافي حسونة المصباحي، وأثناء وجوده معهم أخبروه بأنه تقرَّر التحاقه صحافيًا في لندن في جريدة الشرق الأوسط، لاسيما وأنَّ بنعيسى تحدث مع العمير بشأنه وشغفه للصحافة، فقرَّر العمير استضافته للتدرب داخل مكاتب جريدة الشرق الأوسط، وبذلك مرّ خلال العام 1989 في مطار طنجة متجهًا إلى بلاد الضباب ليتلقي أهم بدايات مشواره الصحافي.

وكانت بداية البطيوي في المغرب مع تغطية محاكمة ضابط المباحث محمد مصطفى ثابت الذي اغتصب وهتك عرض العشرات من النساء مستغلاً نفوذه الأمني في الدار البيضاء، ثم تم تكليفه بمتابعة قضية الحاج ثابت؛ حيث أقام طوال فترة المحاكمة في مدينة الدار البيضاء، واستفاد من هذه القضية استفادة كبيرة؛ بسبب التناقضات الكثيرة التي مرّ بها مع المصادر الصحافية أثناء الكشف عن ملابسات القضية، من خلال موضوعه الذي نشره بعنوان "الإعدام لوحش الدار البيضاء واعتقال مدير عام المباحث".

وأضاف البطيوي بعد ذلك موضوعًا عن توقيف مدير الاستعلامات العامة حسن الصفريوي "علمت خبر الاعتقال من شخص مقرَّب من عميد الشرطة المركزي الراحل عبدالسلام البقالي، خلال دردشة جمعتني به، وعلمت اسرارًا أخرى تفتحت معها شهيتي للنشر، وبالفعل اكتفيت يوم 15 آذار/مارس 1993 بنشر خبر تحت عنوان "الشرق الأوسط تتابع قضية وحش الدار البيضاء/ تكهنات حول تغيير في جهاز الأمن المغربي" ثم قرَّرت نشر الخبر المتعلق بالصفريوي في اليوم التالي".

وتلقى البطيوي بعد نشر هذا الخبر اتصالًا من مدير مكتب الشرق الأوسط في الرباط، طلحة جبريل، مؤكدًا أنه تلقى اتصالًا من وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري، يلومه بشدة على هذا الخبر وعدم التأكد من مصداقيته قبل النشر، مضيفًا أنَّ أمر توقيفهم وارد جدًا، وطالبه بعدم الكشف عن مصدرمعلوماته، فعاش أيامًا وأسابيعًا في قلق شديد ولكنه رفض أنَّ يكشف مصدره "وبالفعل حاول بعض زملاء الصفريوي المقربين استدراجي للحديث عن المصادر فكان جوابي مقتضبًا، وهو ما أثار غيظهم".

ثم أخبره أحد أصدقائه المقربين أنه كان في لقاء مع بعض رجال الشرطة، وتركّز حوارهم بشأن الخبر، وأنهم هدَّدوا بإنَّ وجدوا البطيوي لن يتركوه "ينفد بجلده"، بحسب وصفهم، مما جعله يعيش أيامًا في رعب وقلق، ذكرته بتلك الأيام التي استدعي فيها للمرة الأولى إلى مخفر الشرطة في أصيلة.