التطرف في تركيا

اتهمت محكمة تركية ثلاثة صحافيين بمساعدة منظمة متطرفة وأمرت باعتقالهم على ذمة المحاكمة، في خطوة ربما تثير الغضب بين الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.

وأوقفت الشرطة المراسل البريطاني جيك هانراهان، والمصور البريطاني فيليب بندلبيري، والمساعد التركي لهما والسائق، وأخذتهم إلى قسم الشرطة الخميس أثناء عملهم في تغطية الاشتباكات الأخيرة بين قوات الأمن التركية والتيار الوطني الثوري للشباب وجناح الشباب في حزب "العمال الكردستاني" المحظور، في جنوب شرق مدينة ديار بكر، وتعرض الثلاثة للإدانة من قبل المحكمة الاثنين.

وكان تصرف الشرطة مع الصحافيين بناء على معلومات من شخص مجهول تفيد بعملهم لصالح تنظيم "داعش"، وأضاف المحامي أحمد آي: "هذا الاتهام لا أساس له من الصحة، ولا يوجد علاقة بين الأسئلة التي طرحت عليهم في الاستجواب وتنظيم داعش، ولم يسألهم أحد عما إذا كانت لهم علاقة بالتنظيم المتطرف أم لا".

وكشف المحامي أن الصحافيين اشتركوا سابقًا في تغطية الصراعات في أوكرانيا والعراق، مؤكدًا إطلاق سراح السائق، في حين بقى الثلاثة الآخرون رهن الاحتجاز من قبل المحاكمة، إلا أنه لم يتضح أي المنظمات المتطرفة التي اتهم الصحافيون بمساعدتها.

وانتقد نائب ورئيس البرامج الإخبارية في أوروبا كيفين ساتكليف، توقيف الصحافيين الثلاثة في بيان نشر الاثنين، وجاء في البيان: "وجهت الحكومة التركية اتهامات كاذبة لا أساس لها من الصحة بالعمل لصالح منظمة متطرفة ضد ثلاثة صحافيين في محاولة لترهيبهم وفرض الرقابة على تغطيتهم للأحداث، وقبل الاعتقال كان الصحافيون الثلاثة يغطون الأحداث في منطقة تركية جنوب شرق ديار بكر، ونحن ندين بأشد العبارات الممكنة محاولات الحكومة التركية لإسكات مراسلينا الذين يقدمون لنا تغطية حية عن الأحداث في المنطقة، ونحن نتواصل مع جميع الجهات المعنية للإسراع في الإفراج الآمن عن ثلاثة من زملائنا وأصدقائنا".
وطالبت العديد من جماعات حقوق الإنسان بما في ذلك منظمة "العفو الدولية" و"بن" الدولية ولجنة "حماية الصحافيين" بالإفراج الفوري عن الصحافيين المحتجزين.

وذكرت منظمة "العفو الدولية" في بيان نشر نهاية الأسبوع: "من المناسب تمامًا أن يغطي الصحافيون هذه الأحداث المهمة، ويعد قرار اعتقالهم قرارًا خاطئًا، في حين أن الإدعاء بمساعدتهم تنظيم داعش هو إدعاء بدون أدلة وإدعاء غريب".

وحذرت "العفو الدولية" من كون اعتقال الصحافيين يمثل استخدامًا تعسفيًا للقوانين في تركيا في مجال مكافحة التطرف، وأفاد الباحث في منظمة "العفو الدولية" في تركيا أندرو غاردنر: "يعد اعتقال ومحاكمة الصحافيين بمثابة صفعة لمعاقبة الصحافة المشروعة باستخدام قوانين مكافحة التطرف، وتستخدم السلطات التركية منذ فترة طويلة قوانين مكافحة التطرف لقمع المعارضة كما تستهدف الصحافيين، وبالفعل تحمل الصحافيون وطأة هذا القمع، إلا أن حقيقة استهداف الصحافيين الدوليين تعد علامة تنذر بحدوث مزيد من التدهور".

واتهم غاردنر الحكومة التركية بتكميم أفواه كل من يغطي أحداث العنف المتصاعد في الجنوب الشرقي الكردي، حيث العنف المفرط من قبل الشرطة وقتل المدنيين وسوء معاملة المعتقلين في الأسابيع الأخيرة، وأضاف غاردنر: "تصاعد العنف بين حزب العمال الكردستاني وقوات الأمن وهو ما أدى إلى حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، ويبدو أن هذه هي القصة التي تريد الحكومة حجبها".

واندلع الصراع مرة أخرى بين الحكومة التركية وحزب "العمال الكردستاني" في الآونة الأخيرة في ظل اتهام كل جانب للآخر بإنهاء اتفاقية وقف إطلاق النار التي عقدت عام 2012 كجزء من عملية السلام الهشة بين الطرفين.

وأطلقت أنقرة ضربات جوية ضد المسلحين الأكراد واتخذت إجراءات صارمة ضدهم داخل البلاد، حيث اعتقلت الكثيرين منهم بتهمة التطرف، كما أغلقت المواقع الكردستانية للأنباء وحسابات "تويتر" أيضا، فضلًا عن طرد العديد من الصحافيين الأتراك الذين غطوا القضية مثل الصحفي ميهفيس ايفين الذي يكتب في صحيفة "ديلي ميليت" وطرد منها، واكتسبت تركيا سمعة سيئة في الأعوام الأخيرة باعتبارها أكثر دولة تسجن الصحافيين في العالم.