القاهرة – محمد فتحي
القاهرة – محمد فتحي
أوضح مدير الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة المصريّة في 6 أكتوبر سابقًا اللواء عبدالحميد خيرت، أنّ وزارة الداخليّة أعدت خطة محكمة لتأمين الاستفتاء على
الدستور المزمع التصويت عليه خلال 14 و15 كانون الثاني/يناير الجاري، مؤكدًا أنّ نجاح عملية التصويت تمثل "حياة أو موت" للبلد، كونها أول استحقاقات ثورة 30 حزيران/يونيو، والتي تؤكد أنّ مصر ماضيّة في تنفيذ خارطة الطريق التي وضعتها رغم ما تواجهه من مؤامرات خارجيّة وارتكاب جرائم "إرهاب" ضد المدنيين، وأنّ أي دعوات لاحتجاجات أو تظاهرات سيكون عليه علامات استفهام.
وأكدّ خيرت، في مقابلة خاصة لـ"مصر اليوم"، أنّ ما وصفه بـ العنف الذي يمارسه "الإخوان المسلمون" في الشارع المصري، هو إستراتيجيّة يستهدفون من خلالها إحداث أكبر حالة من الفوضى للوصول إلى المصالحة، مستشهدًا على ذلك بما قاله خيرت الشاطر للدكتور سيف عبد الفتاح أثناء زيارة الأخير له في السجن، بأن التصعيد في الشارع هو الحل.
ولفت إلى أنّ الخطأ الذي وقعت فيه جماعة "الإخوان المسلمين" الآن ومنذ قيامها في الثلاثينيات من القرن الماضي، هو أنها علت من شخص محمد مرسي على حساب التنظيم نفسه، وهو ما لم يحدث من قبل، مشيرًا إلى أنّ خيرت الشاطر المتورط الأول في ذلك الخطأ، عندما اتخذ قرار الترشح للرئاسة قبل استبداله بمحمد مرسي ضد إرادة التنظيم الدولي الذي كان يرفض خوض "الإخوان" سباق الرئاسة.
وأوضح أنّ "التنظيم الدولي كان لديه خطة تمكين من مصر، كان مخططًا إتمامها في 2020، بالترشح للرئاسة بعدما يكون التنظيم في مصر توغل داخل أجهزة ومؤسسات الدولة بالكامل للسيطرة عليها، إلا أنّ قرار الشاطر قضى على هذه الخطة وكشفها مبكرًا". واستطرد بأن "الإخوان لم يكونوا يومًا رافضين للتوريث في عهد الرئيس الأسبق مبارك، بل على العكس، أبدت قياداتهم الموافقة والدعم لترشح جمال مبارك، لأن ما يهمهم هو مصالحهم الشخصيّة ومخططاتهم، بصرف النظر عن الأشخاص".
وأشار إلى "أنّ ما دفع الأميركان والغرب لاختيار الإخوان لتنفيذ مخططهم بإعادة تقسيم الشرق الأوسط، هو أنّ الإخوان لا يعترفون بالوطنيّة والأرض والقوميّة، لكنهم لا يعترفون إلا بالجماعة والتنظيم، وهو ما يفسر وصول الإخوان للسلطة في دول الربيع العربي بتونس ومصر وليبيا" مشيرًا إلى رصد الأمن المصري للعديد من اللقاءات والاجتماعات بين قيادات "الإخوان المسلمين" ومسؤولين أميركيين قبل ثورة كانون الثاني/يناير وبعدها. واستطرد بأن "أحد اللقاءات التي جمعت الإخوان بالأميركيين قبيل اندلاع ثورة يناير بأشهر قليلة، سأل فيه الأميركان عن المعوقات التي تحول دون وصول الإخوان للحكم في مصر، فأجابوا أنّ الجيش والشرطة هم العائق الرئيسي، وربما الوحيد في ذلك، وهو ما يفسر محاولات إضعاف وهدم وزارة الداخليّة منذ اندلاع ثورة يناير تحت مسميات إعادة الهيكلة وغيرها".
ولفت إلى أنّ "الإخوان منذ وصولهم إلى الحكم في شخص محمد مرسي، حرصوا على إبعاد الكثير من القيادات الشرطيّة خاصة في جهازي الأمن السياسي، متمثلاً في أمن الدولة، الذي يمتلك أرشيفًا معلوماتيًا كاملاً لتنظيم الإخوان بأشخاصه ودور كل منهم في التنظيم، إضافة إلى جهاز الأمن الجنائي، وهو المسؤول عن رصد الأسلحة التي كانوا يدخلونها إلى البلاد في إطار أحداث حالة الفوضى والعنف وإظهار أنّ القائمين على الدولة فقدوا السيطرة عليها".
وأكدّ أنّ مستندات جهاز الأمن السياسي التي تحمل شعار "سري للغاية" محفوظة في أمان لم تطالها يد الحرق أو التخريب، وأنّ ما تم تداوله من مستندات عقب اقتحام مبني الجهاز في 2011 ، هي أوراق لا تحمل أهمية كبيرة، أما المهم منها، فهو في أرشيف خاص لا يمكن الوصول إليه، مؤكدًا أنّ هذا الأرشيف المالك الوحيد له هو الشعب ولا يملك وزير الداخلية إصدار أمر بالتصوير منه أو حتى اطلاع أي فرد عليه.
وأشار إلى أنّ مرسي لم يتعامل بذكاء مع مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجهاز الأمني ، مؤكدًا أنّ القطاع الوحيد الذي اهتم بزيارته ودعمه هو قطاع الأمن المركزي الذي كان يمثل له العصا التي سيضرب بها معارضوه، مشيرًا إلى مقولته الشهيرة لرجال الأمن المركزي "مصر لن تنسي دوركم العظيم في ثورة يناير".
وأوضح خيرت أنّ "إعلان الإخوان جماعة إرهابية قضى على أيّة فرصة لها لكي تحافظ على القليل مما تبقى منها، لذا فهو قرار يعنى موتًا للتنظيم في مصر، وما يحدث من تفجيرات إرهابيّة ومظاهرات وشغب وتخريب دليل ذلك"، مشيرا إلى أنّ هناك الآلاف من أعضاء حزب "الحرية والعدالة" حرّروا محاضر بتخليهم عن عضويّة الحزب الذي يمثل الذراع السياسي لـ"الإخوان".
وأكدّ أهميّة الحسم في المواجهة الأمنيّة مع ما يرتكبه "الإخوان" من عنف في الشارع، موضحًا أنّ الهتاف الشعبي الذي أصبح يتردد مؤخرًا "الشعب يريد إعدام الإخوان"، يعني أنّ هذا الشعب اسقط تنظيم "الإخوان" سياسيًا ولم يسقط محمد مرسي فقط، وألا يمكن استبدال هذا الأخير بشخص آخر من الجماعة ذاتها، وهو ما يعني أنه في حال عدم الحسم الأمني، فإن الشعب قد يلجأ لتنفيذ أحكامه بيده، وهو ما يمثل خطرًا شديدًا على المجتمع الذي ينبغي أنّ يعلو فيه القانون على أي فرد أو مصلحة.
وأشار إلى أنّ ما تشهده جامعة الأزهر هو سوء إدارة في مواجهة الأزمة ، مؤكدًا أهمية إصدار قرار حكومي بإغلاق المدينة الجامعية التي يقطنها طلبة "الإخوان"، وفصل الطلاب المثيرين للشغب فصلاً نهائيًا، ورأى أنّ قرار الإغلاق أكبر من رئيس جامعة الأزهر. أوضح أنّ ما يحاول الإخوان تصديره للخارج هو تشويه صورة الأزهر الذي يمثل الإسلام الوسطي الذي تباهي به مصر، ليظهروا أن هذا الأزهر مصدرًا لعناصر تعتنق العنف والقتل والدماء، في إطار حملتهم الشعواء للإساءة لمؤسسات الدولة المصريّة العريقة".
واختتم خيرت بأنه يؤيد إجراء الانتخابات الرئاسيّة أولاً، لأن ذلك سيعضد من مسيرة مصر نحو بناء مؤسساتها، ويدحض أي محاولات لإشعال فتنة، أو دعوات لموجة ثوريّة جديدة، حسب قوله.