واشنطن ـ رولا عيسى
أكّد الكاتب كيفين روشبي، في روايته لجولته البرية الأخيرة، أنّه "في عام 1901 جلس عالم البيئة الرائد جون موير لكتابة خلاصة وافية عن البرية في الولايات المتحدة والأماكن التي تعلم أن يحبها والأماكن التي أصبحت أول حدائق وطنية محمية في العالم"، وكتب موير "أدرك الناس أن الذهاب إلى الجبال يعد بمثابة الذهاب إلى الوطن، وتفهموا أن الحياة البرية ضرورة"، وأضاف روشبي أنّه "عندما زرت أميركا لأول مرة قمت بزيارة الحدائق الوطنية وحصلت على بعض الذكريات، ولكن انتابني شعور بالقلق أيضا بشأن الحياة البرية ما دفعني للتساؤل عن روح جون موير؟، الآن أجلس على متن قارب متجها عبر بحيرة ريدفيش في وسط إيداهو، برفقة مرشدة تسلق جبال سوتوث "سارة لوندي" والتي أتمنى أن توضح لي أن البرية الأمريكية الحقيقية لا زالت موجودة، ومررنا على مجموعة من القمم كجزء من منطقة برية مساحتها 130 كم"، وتوضح سارة أنّها "ليست حديقة وطنية، وليس هناك طرق أو علامات أو ممرات للمشاة، إلا أن هذا هو الطريق الوحيد للوصل إلى منطقة واربونيت النائية".
وأضاف روشبي أنّه "سألت سارة، هل يمكن أن نحظى بمعسكر ناري"، لكنها أجابت بالنفي موضحة أنّ "هناك بعض القيود بشأن ذلك في الوقت الراهن لأنها ستترك علامة في المكان، كما أن الناس اعتادوا على إقامة المخيم في نفس الأماكن واستخدام ما تبقى من الخشب الجاف وبعد فترة من الوقت ستلاحظ أثر ذلك"، وأردف روشبي "داخليًا شعرت بالانزعاج لأن إقامة المخيم الناري هي جزء من فكرتي عن تجربة الحياة البرية، لقد أقام جون موير المخيمات النارية واستخدمها للتدفئة، لكني تساءلت ماذا لو قمنا بصيد السمك، من الطبيعي أن نستخدم النار للطهي، أرى أنه يجب علينا صيدها ثم إطلاق سراحها، وصلنا على رأس البحيرة بواسطة قارب وتعد طاولت النزهة أقصى مظاهر التحضر هنا، وفي اليوم الأول استخدمنا ما لدينا من طعام وإمدادات في مخيم في الغابة حتى التقينا راندال مرشد تسلق الجبال، وحاولنا تسلق لوح من الجرانيت ارتفاعه 200م، ويعتمد تسلّق الغرانيت المصقول على التوازن، ركزت للغاية على ما هو أمامي أثناء التسلق حتى وصلنا إلى القمة، حتى ذهلت بالمشهد البانورامي الذي رأيته، وامتدت عيني إلى مساحات شاسعة من الطرق وخطوط دقيقة، وفي صباح اليوم التالي تسلّقت برفقة سارة نحو 2500 متر وشاهدنا الثلوج ، وجدير بالذكر أن هذا المكان لا يخلو من فصل الشتاء حتى إذا اخترت الحضور في يوليو/ تموز، وأغسطس/ أب، ويمكنك اكتشاف فوائد البرية عندما اصطدنا سمك السلمون مع البقع الملونة على جلده، وعندما غربت الشمس وانخفضت درجة الحرارة تراجعنا إلى الخيام مرة أخرى، وبعد ساعات عندما استيقظت في الليل سمعت أصوات كسر الجليد وانزلاقه، وعندها خرجت من كيس النوم الخاص بي ووجدت المخيم يغطيه الضباب البارد مع الغبار والثلوج، وحينها حاولت تجري رقص الجاز لأظل دافئًا".
وأشار روشبي إلى أنّه "هل هذا ما أسماه المستوطنون الأوائل الموت الأبيض الذي قتل شخصية داني ما كان في رواية جاك لندن "Smoke Bellew"، ولكن عندما تشرق الشمس تجلب معها الدفء، وبعد ساعة عندما بدأنا التسلق إلى أعلى وجدنا أنفسنا أسفل السماء الزقاء والغيوم الرقيق ووصلنا إلى ارتفاع 3 آلاف متر وشاهدنا قمم سوتوث، ولا توجد أي علامة على محاولة أي إنسان تسلّق هذه الجبال، وأخبرتني سارة أن القليل من المتسلقين يقومون بذلك، وسلط سد نهر كولورادو الضوء في الخمسينيات على التهديد لكثير من المناطق البكر وغير المحمية للبرية في هذه الأماكن التي لم يزرها أحد، وبالتالي لم يكن هناك طرق للسيارات ولا شيء يشجع الأشخاص على دخولها ما لم يكن مستعد للسير والاكتفاء الذاتي، الأن هناك نحو 765 منطقة وأحدث إضافة لها هي جبال الغيوم البيضاء في إيداهو، وحينها سألت سارة، هل يمكن أن نموت في هذه البرية "، وأجابت سارة "كمرشدين نحن نحمل أجهزة إرسال ويتحدث معظم الناس عن وقت توقع عودتهم وإن لم يظهروا يبدأ البحث عنهم، ولكن ربما يتعرضون للموت بالفعل".
وأوضح روشبي أنّه "بعبارة أخرى تحتاج إلى معرفة قدراتك والمعدات المناسبة، أشعر بالسعادة لأن سارة فحصت معداتي، وأضافت سجادة سميكة وسراويل مقاومة للماء وقبعة وقفازات، وزجاجات مياه ساخنة مع توفير مياه شرب غير مجمدة في الصباح وهو أمر هام للغاية، وفي هذا اليوم اتخذنا الطريق إلى بحيرة مثالية حيث سبحت هناك في الشمس وتناولت سمك السلمون، ومررنا على بحيرة "Redfish"، والتي تشير إلى وجود الأميركيين الأصليين قبل 10 آلاف عام، حيث تم اكتشاف السكان الأوائل الذين عاشوا حول قمم سوتوث في منتصف القرن الـ 18، وبمرور الوقت وصلنا إلى المخيم الثالث في "Feather Lakes" في حافة واربونيت، وكانت الحرارة تقل بسرعة كبيرة، ووضعت خيمتي فوق سطح من الغرانيت وشاهدت الدفء الأخير من أشعة الشمس، واصطففنا جميعا وحدقنا فيها في مشهد مذهل، وفي اليوم التالي التقينا اثنين من الصيادين في الطريق، ثم قفزنا في آخر قارب عبر بحيرة ريدفيش، وفي تلك الليلة بناء على نصيحة سارة حجزت في فندق سوتوث حيث المقصورة الدافئة كمكان مثالي لإنهاء الرحلة، وأخبرتني سارة أن هناك العديد من الينابيع الساخنة بجوار النهر، انتهت تجربي مع البرية الأميركية بترف البرك الساخنة الطبيعية بجوار نهر السلمون، ولم يكن هناك أي لافتات سواي أنا وطائر يجلس على الأشجار، وكنت أسمع صوت تدفقه غلى مياه النهر رغم أنه لم يصطاد أي من السلمون الواضح أمامه في النهر، وأخيرا بعد عدة زيارات إلى الولايات المتحدة، اكتشفت الأرض التي ألهمت جون موير".
وتحدّث روشبي عن أفضل 5 مناطق برية أميركية من اختيار سارة لوندي مرشدة سوتوث، "Frank Church Wilderness" في إيداهو، وتعد من أكبر المناطق البرية والمفضلة لي، ويعد الجزء الأوسط من نهر السلمون بمثابة أسطورة، و"Wrangell St Elias Wilderness" في ألاسكا، فإذا كانت جميع البراري تتطلب درجة من المعرفة والخبرة، إلا أن هذه المنطقة تحتاج إلى المغامرة حيث تتسع إلى 15 ألف ميل مربع من الجبل، وجبال "Breadloaf Mountains Vermont"، وتمتلئ هذه المنطقة بغابات الدب الأسود والغزال الأميركي وتمتلئ أنهارها بسمك السلمون، وتظهر المنطقة بعد ميلين من "Norske Trail"، ومنطقة "Bob Marshall Wilderness" في مونتانا، وتمثّل تحد حقيقي لمهاراتك في الهواء الطلق فهي منطقة صعبة وتعد أعلى المناطق كثافة في وجود الدببة خارج ألاسكا، ومنطقة "Gila Wilderness" في نيو مكسيكو، وأصبحت هذه أول منطقة برية أميركية في عام 1924، وتحتاج للحصول على تصاريح للتخييم وصيد الأسماك ولا توجد طر، وتضم المنطقة الكثير من الجبال التي يزيد ارتفاعها عن 3 آلاف متر، وعدد قليل من الذئاب الرمادية المكسيكية المهددة بالانقراض.
وتقدّم رحلة الذهاب من خلال شركة "Visit the USA" كرحلة شاملة لمدة 4 أيام، بما في ذلك جبال سوتوث والتي تبدأ بسعر ألف دولار، وتبدأ الرحلات اليومية من 145 دولار، وتنطلق رحلات الطيران من مطار هيثرو إلى بويز مع تغيير واحد بحوالي 700 جنيه إسترليني والعودة مع شركات "American" أو "United" أو "Delta"، ويمكن زيارة مواقع "visittheUSA.com" و "visitidaho.org" ، وتوفر شركة "Holiday Extras" إمكانية الوصول إلى المطار وإمكانية الدخول إلى الصالة