جهاز طبي لمعالجة مرض "التوحد"

لا تتوقف إبداعات طلاب وطالبات غزة، بالرغم الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع، ويتنوع هذا الإبداع ما بين فنون ونجاحات واختراعات مفيدة بشكل كبير للحياة العملية فيه، وآخرها اختراع جهاز طبي لمعالجة مرض "التوحد" الذي يعتبر من الأمراض الموجودة في غزة بشدة، وآليات علاجه قليلة جدًا بسبب الحصار المفروض على القطاع.

ونجحت الطالبة ريم البطش (22 عامًا)، من كلية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية في جامعة "القدس المفتوحة"، بابتكار جهاز طبي وأطلقت عليه اسم "دارلينغ رايفر"، قادر على التخفيف من آثار مرض "التوحد" لدى الأطفال ويمنحهم فرصةً للتأهيل في المجتمع.

وعن بداية فكرة الاختراع، أبرزت البطش لـ"مصر اليوم"، أنّ الفكرة راودتها بعد بحث أجرته والدتها عن أطفال مصابين بـ"التوحد" لنيْل درجة الدكتوراه، وخلال دردشاتها وجلساتها العلمية مع والدتها، تكونت فكرة لديها أنّ الأساليب الأجهزة العلاجية المستخدمة في بعض المراكز الصحية لعلاج الأطفال المصابين بالمرض؛ تقليدية وتستغرق جهدًا ووقتًا.

وأضافت، أنّ الأطفال في تلك المراكز يخضعون على برنامجٍ إرشادي يستمر نحو خمسة أعوام لتأهيله نحو الاندماج في المجتمع، لافتة إلى أنّ بعض العائلات توقفت عن إرسال أطفالهن المتوحدين إلى المراكز العلاجية بعد إتباع نمطٍ غذائي معين لوحظ من خلاله تحسن حالة الأطفال بنحو 80%.

وتابعت أنّ خمسة أعوام مدة طويلة؛ ولكن مع الاختراع الجديد من الممكن اختصار هذه المدة الطويلة لسبعة أشهر فقط، حيث من الممكن أن يُحدث تأثيرًا فعالًا على الأطفال الذين يعانون التوحد، بالتزامن مع إتباع نظامٍ غذائي مناسب، وزادت أنّ التوحد: اضطراب في النمو العصبي للطفل يظهر تدريجيًا بعد عمر ستة أشهر، ويثبت في عمر عامين أو ثلاثة، ومن أعراضه ضعف التفاعل والتواصل الاجتماعي للطفل، ويعد ثالث أكبر مرض يصيب الأطفال في العالم.

وأشارت إلى أنّ الأبحاث والدراسات العلمية أكدت أنّ أطفال "التوحد" يعانون من تشكل مادة "الأفيون" المخدرة في أجساد أولئك الأطفال؛ مما يجعلهم أكثر خمولًا وكسلًا ويُصابون بفقدان التركيز والإدراك بشكل مستمر، فضلًا عن أنهم يعانوا من صعوبة وعُسر في الهضم نتيجة تشكل تلك المادة المُخدرة في دمائهم.

واسترسلت ريم، أنّ فكرة الجهاز تعتمد على تنظيم المواد الغذائية المناسبة للطفل؛ لإزالة تراكم السموم و"الأفيون" من أجساد الأطفال المصابين؛ ليندمج الطفل مع أقرانه تدريجيًا ويزداد تفاعله مع بيئته المحيطة، فضلًا عن أنّ الجهاز سهل الاستخدام ويمكن استخدامه في البيت حيث من الممكن أن تستعمله أم الطفل المريض المصاب بكل سهولة، مبرزة أنّه من الممكن أن تأخذ أم الطفل المصاب عيِنة من بوْل طفلها وفحصه على الجهاز؛ فيما تعطي الشاشة مؤشرًا من خمس خانات تبين كل منها نِسب العناصر الغذائية الموجودة في تلك العينة.

ولفتت إلى أنّ الاختراع يمكن توصيله بالهواتف الذكية، حيث من خلال تطبيق خاصٍ بالهواتف النقالة العاملة بأنظمة تشغيل "أندرويد" لتعالج تلك البيانات الرقمية وتعطي مؤشرًا حقيقيًا عن نسب العناصر الغذائية المعدنية المتواجدة في أجساد أطفال التوحد وتوصي بزيادة أو نقصان تلك المواد بشكل صحي.

وشددت على أنها استغرقت عامين للوصول إلى هذا الاختراع بعد أن تمت تجربته على خمسة أطفال مصابين بالتوحد؛ لينتهي أنّ التغذية السليمة للطفل المتوحد تساعده في التخلص من السموم في جسده، ويمنحه قدرًا أكبر من التركيز وتعزيز الإدراك لديه.

ونوهت ريم إلى أنّ اختراعها يتكون من لوحتين إلكترونيتين وصمامات ميكانيكية ومادتين كيميائيتين في داخل الجهاز؛ لتحليل عينة بول الطفل المراد فحصه، كما عبرت عن شكرها البالغ إلى والدتها التي وفقت جانبها حتى تمكنت من النجاح في تحقيق هدفها التي ساعدتها بشكل كبير في الأبحاث والدراسات وتقديم النصائح لها.

وأردفت، أنّ أكبر المعوقات التي واجهتها؛ الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي الذي كانت بسببه تعمل على الاستيقاظ في ساعات متأخرة من الليل؛ لاستكمال تجاربها وأبحاثها ، فضلًا عن فترة الحرب الأخيرة التي توقفت بسببها لأكثر من شهرين نتيجة الأحداث التي كانت في القطاع.

وبيّنت أنّ تسمية  اختراعها بهذا الاسم "دارلينغ ريفر" أو "نهر دارلينغ"؛ يعود إلى اسم نهر في أستراليا دائم الجفاف ولا يمكن له ري ضفافه؛ إلا بهطول المطر، مشددة على أن اختراعها لن يعمل بشكلٍ صحيح؛ إلاَ إذا أعطى أرقامًا صحيحة لتغذية الطفل بشكل سليم.

وتطمح ريم إلى أنّ يساعد اختراعها في علاج الأطفال "المتوحدي"ن حتى يكونوا معافين بشكل تام ولا يكون هناك أي عائق في حياتهم المستقبلية، كما تطمح إلى ترويج اختراعها ليس على مستوى فلسطين فقط؛ بل على المستوى العربي والدولي أيضًا، وتحلم أن يتم الترويج لاختراعها بشكل جيد وأن يسجل باسمها براءة الاختراع.