قصة طفل توفى بسبب تناول بقايا طعام

بينما بدرية منهمكة في نبش القمامة، وقعت عينا طفلها، ذو السنتين ونصف السنة، على بقايا طعام، فسارع لتناوله، بمرور الوقت شعر الطفل بآلام حادة، وعندما توجهت به إلى مستشفى المطرية التعليمي لإسعافه توفى، وفي محاولة للهرب من المساءلة، تركته في صندوق سيارة وفرت هاربه.

ملامحها شاحبة، بدينة إلى حد الإفراط، قضت حياتها في نبش القمامة لجمع ما يصلح منها من البلاستيك، هكذا سارت حياة بدرية محمد قبل أن تتورط في جريمة قتل ابنها دون دراية منها، بعدما تركته يتناول أطعمته فاسدة من بقايا القمامة، وحينما قررت التخلص من جثته، توصل رجال الأمن إلى هويتها، وسلموها للنيابة العامة لاستجوابها بتهمة الإهمال، وإخفاء الجثة.

لم تكن حياة صاحبة الـ33 سنة هانئة، نشأت بين أسرة محدودة الدخل في منطقة الخصوص بحي "الزرايب"، عملت مع أسرتها في تجارة بقايا القمامة، وحينما بدأت تنضج رشح لها والدها أحد شباب المنطقة للزواج منها، فتمت الزيجة وأنجبت 6 أولاد، وظلت تكافح في عملها حتى نفد صبرها من تحمل مسؤولية أولادها، وعائلتها بالكامل، إضافة إلى سوء معاملتها، لذلك صممت على الطلاق والهروب من منزل العائلة، معتمدة على نفسها دون أن تلتفت لحال أولادها بعدما بلغ أصغرهم الـ12 سنة.

استغلت "بدرية" خبرتها في مجال تجارة القمامة، وتوجهت نحو عزبة "الصفيح" في منطقة المطرية، واستأجرت غرفة في أحد منازل الحي، واشترت عربة "كارو" لتسير بها في كل ركن به قمامة تنبش فيه عن "بلاستيك" يمكن بيعه لترزق بنصيب من المال يساعدها على العيش، "طول عمرها بتاعت أكل عيش، وبتعرف تجيب الجنيه" قالتها إحدى جيرانها، وواصلت، "كانت بتطلع من صباح ربنا ترجع آخر الليل، وإيجارها 100 جنيه شهريًا، وبتعرف تنزه عن نفسها".

ظلت حياتها تمر برتابة، حتى أتمت زيجتها الثانية من أحد شباب العزبة، وأنجبت منه ابنين وابنة، لكن زوجها اعتاد أن يغيب عنها بالأيام، ومع ضيق الظروف، وعدم مقدرتها على سداد إيجار المسكن تركته واتخذت "الكارو" مأوى لها وللأولاد، تسير بها طوال النهار تجمع القمامة، وعند حلول الليل تبيع البلاستيك، ومن ثم تضع العربة بأي ركن بالعزبة وتنام حتى الصباح وبجوارها أبناؤها.

يوم الواقعة

كعادتها تخرج بدرية وطفلها، يوميًا لنبش القامة، بينما هي كذلك، كان طفلها يأكل بقايا أطعمه فاسدة، عثر عليها وسط القمامة؛ وبمرور الوقت شعر الطفل بحالة إعياء شديدة، فتوجهت نحو مستشفى المطرية التعليمي، لكن قبل وصولها كان عمره قد انتهى، وأخبرها أحد الأطباء،" الطفل ميت نتيجة حالة تسمم"، في تلك اللحظة تذكرت الأم الوجبة التي تناولها طفلها من إحدى صناديق الزبالة، فأخذت تفكير مليًا حتى قررت حمل الطفل داخل بطانية خضراء اللون ووضعه داخل الصندوق الخلفي بإحدى السيارات المتواجدة أمام المستشفى وفرت هاربة.

واكتشف مالك السيارة، "أحمد.ع- 38 سنة" جثة الطفل، وأبلغ قسم شرطة المطرية على الفور، وبإجراء التحريات توصلت كاميرات المراقبة المحيطة بالسيارة عن هوية والدة الطفل، وألقت القبض عليها وسلمتها للنيابة المختصة التي أمرت بحبسها 4 أيام على ذمة التحقيقات بالقضية، فيما تبين لرجال الأمن أن الطفل لم يتم قيده بدفتر المواليد "ساقط قيد".

اتهامات بالإهمال وإخفاء الجثة

بالكاد سيكون لوالدة الطفل، عقوبة ينص عليها القانون، إذ ثبت تورطها في وفاة الطفل، فمن جانبه يوضح المحامي عمرو عبد السلام، أن جريمة الإهمال الأسرى باتت ظاهرة اجتماعية تُهدد أمن وسلامة الأسرة نظرًا لغياب دور الرقابة، وتوفير الحد الأدنى من الرعاية الكاملة للأبوين تجاه أبنائهم، مما يؤدي إلى وفاه الأطفال وتعريض حياتهم للخطر.

وأضاف "عبد السلام"، أن الأم في هذه الواقعة قد تواجه عقوبة بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين، عن تهمة تعريض حياة الطفل للخطر، حيث أنها تعتبر جنحة نصت عليها المادة 285 من قانون العقوبات، "على أنه كل من عرض حياة طفل لم يبلغ سنه 7 سنوات كاملة للخطر، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين".

وأشار إلى أن المادة 96 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996، والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 الخاص بالطفل تنص على، "يعاقب كل من عرض طفلًا لإحدى حالات الخطر بالحبس مدة لا تقل عن 6 شهور، وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه، ولا تجاوز خمسه آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

وأبرز عبد السلام، مادة أخرى متعلقة بجرائم الطفل، وأوضح أن المادة 238 من قانون العقوبات نصت على أنه "كل من تسبب بالخطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئ عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه، يعاقب بالحبس مده لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".

وأكد أن المتهمة، ستواجه جريمة أخرى بإخفاء جثة طفلها وعدم إخطار جهات الاقتضاء عقب وفاته، مشيرًا إلى أنها جريمة عقوبتها تصل للحبس مدة لا تزيد عن سنة طبقًا لنص المادة 239 من قانون العقوبات، والتي تنص على أنه "كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة".