القاهرة - مصر اليوم
يسيرون كالملائكة فلا تكاد تسمع لهم حسا، ولا تشعر بوجودهم من الهدوء الذي سيطر عليهم، تحمل نظراتهم مودة وطمأنينة، حتى امتلأت أعينهم بالحب فلم تجد الكراهية طريقا إلى قلوبهم، لا يطمحون لمال أو جاه، يطمعون فقط بالدفء وحسن المعاملة، حتى بخل عليهم الكثيرون بذلك، ليخرج البعض عن إنسانيته ويجرد نفسه منها ويتعامل بكل وحشية مع أولئك الضعفاء الذين لا حول لهم ولا قوة، في مقابل القليل من السخرية والكثير من الضحك.
من حباظة لمعاق "حباظة" فتى من مصابي متلازمة داون، قاده قدره المتعثر إلى الوجود في أحد شوارع مصر القديمة، حيث يسير شباب هائمون على وجوههم، قرروا بدء يومهم بفقرة كوميدية بطلها "حباظة"، فأخذوا يتبادلون أدوارهم في ضرب وإهانة الفتى وهو لا حول له ولا قوة، لا يملك سوى الاستسلام لضرباتهم الموجعة على جسده الممتلئ، أصوات ضحكاتهم علت المكان في السابعة صباحا.
تصادف هذا المشهد مع وجود الشاب "محمد يسري"، في أحد المطاعم بالمنطقة لتناول الفطور برفقة أسرته، ولاحظ الشاب اقتراب مجموعة من الصبية بكلبهم غير الأليف، الذي يسيرون به في الطرقات لتخويف وترويع المارة، ولسوء حظ حباظة، اجتمع الصبية عليه، وأخذوا في تخويفه بكلبهم الذي أطلقوه على الفتى ليركض في مشهد سادي أضحك أولئك الصبية الذين تجردوا من إنسانيتهم.
من حباظة لمعاق حباظة إلى معاق الشرقية، الذي تناوب بعض الرجال على ضربه بقسوة، حتى انكمش في كرسيه بكل استسلام وضعف، يصرخ وتنهال دموعه في مشهد تقشهر له الأبدان، إلا أن ذلك لم يحرك شيئا داخل نفوس أولئك الرجال الذين تناوبوا على ضربه في مشهد يثير الغضب داخلك تجاه أولئك الجناة.
وأظهرت مقاطع الفيديو التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وحشية بعض المصريين في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وكيف استغل البعض براءتهم في الاستخفاف بهم والسخرية مقابل فرض سيطرتهم ونفوذهم، وإظهار قوتهم في التعامل مع الغير، إلا أن ذلك لم يظهر سوى وحشية وسادية وضعف رجال لم يقو إلا على ملائكة بلا قوة.
لكن في وسط الظلام، يظهر وميض أمل، فنشر الشاب محمد يسري مشهد حباظة الذي أوجع قلب مواقع التواصل الاجتماعي، وعلق عليه قائلا: "أنا كنت هقوم اتخانق وادافع عن الولد واللي حاشني جوز اختي لأنه ممكن يتعمل عليا حفلة أكبر من اللي بتتعمل على الولد الغلبان، واللي سكتني إن معايا ستات وأطفال وخفت عليهم من البهدلة، مسكنا الاستاف بتاع المطعم هزأناهم لأن اللي حصل حصل على ترابيزاتهم وتحت عنيهم حتى محاولوش يمنعوا ده يحصل على مطعمه، وأنا حاولت أوصل قسم باب الشعرية امبارح عشان أقدم بلاغ في اللي حصل بس مع الأسف أنا مليش صفة عشان أقدم البلاغ".
وأضاف: "أرجوكم شيروا البوست عشان الولد اللي في الصورة ده واللي معاه يتجاب والكلب معاه ده يتحجز في الرعاية البيطرية أو أي جهة مختصة، الحفلة دي شبه يومية على حباظة، الولد اللي معاه الكلب ده معتاد التصرف كده وعمل كده بعقرب في مرة من المرات في وجود ناس تانية، اللي تعبني ووجعني لما خلصت الحفلة القذرة دي قمت طبطبت عليه وأخذته في حضني واديته فلوس وكانت دموعه على خده".
قد يهمك ايضا
بيانات رسمية تكشف ارتفاع إيرادات قطاع السياحة في تونس إلى 44 % خلال 8 أشهر