القاهرة - سعيد فرماوي
أسرت مقبرة الملك توت عنخ آمون مخيلة العالم عندما اكتُشفت منذ نحو 100 عام في الصحراء المصرية، فقد عثر على العديد من الكنوز داخل المقبرة، لكن دراسة جديدة وجدت أن الخنجر الذي عثر عليه بالقرب من مومياء الملك الشاب صُنع من حجر جاء من خارج هذا العالم، وظهر الخنجر المزين بشكل بعقد ومغطى داخل غمد ذهبي، وصُنع نصله من الحديد من نيزك، واستخدم باحثون من المتحف المصري في القاهرة وجامعة ميلان للفنون التطبيقية وجامعة بيزا تكنولوجيا المسح الضوئي بالأشعة السينية لفحص المعدن المصنوع منه الخنجر، واكتشف الباحثون أن الخنجر الذي حوفظ عليه بحالة جيدة في ما عدا القليل من التآكل عند دفنه مع صاحبه احتوى على مستويات عالية من النيكل والكوبالت والفوسفور.
وتمكن الباحثون من مطابقة التركيب الكيميائي للنصل مع تركيب نيزك "كارجا" الذي وجد عام 2000 على هضبة مرسى مطروح في مصر التي تبعد 150 ميلا إلى غرب الإسكندرية، ويعد الخنجر واحدا من العناصر الأكثر تميزا في مقبرة الملك توت عنخ آمون نظرا للأعمال المعدنية التي ظهرت به، كما أنه وجد داخل تابوت الفرعون الشاب، وصنع مقبض الخنجر من الذهب المنقوش بدقة، في حين زين الغمد بشكل الأزهار والريش ورأس حيوان ابن آوي.
وذكر الباحثون في دورة Meteoritics and Planetary Science بقيادة الباحث دانيلا كوملي من كلية الفنون التطبيقية في ميلان " تؤكد دراستنا أن المصريين القدماء يعطون قيمة كبيرة للحديد النيزكي لإنتاج الأشياء الثمينة، وتشير جودة التصنيع العالية للخنجر مقارنة ببقية القطع الآثرية الأخرى من الحديد النيزكي إلى اتقان الحدادة بشكل كبير في عهد الملك توت عنخ آمون". وعُثر على الخنجر الذي بلغ طوله 13 بوصة بجانب الفخذ الأيمن لمومياء الملك توت عنخ آمون، وذكرت الهدايا الملكية الحديدية في الفترة التي سبقت عهد الملك توت عنخ آمون في المحفوظات الملكية المصرية عام 1400 قبل الميلاد، وأفيد أن "توشراتا" ملك ميتاني وهي مملكة في شمال سورية والأناضول أرسل عناصر حديدية لأمنحتب الثالث الذي يعتقد أنه جد توت عنخ آمون، وعُثر على حبات خرز صغيرة في مقبرة جيرزة في مصر تعود إلى عام 3200 قبل الميلاد في الأيام الأولى من تاريخ مصر القديمة وصنعت أيضا من الحديد النيزكي.
وأفاد الدكتور كوملي وفريقه أن هذه النتائج تتيح معلومات مهمة عن استخدام الحديد وعلاقته بالسماء في النصوص القديمة التي وجدت في مصر وبلاد ما بين النهرين، وورد في النصوص عبارة "حديد من السماء" التي ترجمت من النصوص القديمة، واستخدم في عهد الأسرة الـ19 في مصر القديمة في عام 1300 قبل الميلاد، وتعني كل أنواع الحديد. وأضاف الباحثون " ويعني إدخال مصطلح المركب الجديد أن قدماء المصريين في أعقاب شعب عريق آخر في منطقة البحر الأبيض المتوسط كانوا على علم بسقوط هذه القطع النادرة من الحديد من السماء بالفعل في القرن الـ13 قبل الميلاد، وتوقعوا الثقافة الغربية منذ أكثر من 2000 عام".