وارسو - جاد منصور
اكتشفت الالاف من العناصر الشخصية التي تتعود لليهود الذين قتلوا على يد النازيين في معسكر اوشفيتز بعد عقود من تخزينها بعيدا عن الأعين في صناديق من الورق المقوى، وتشمل المجموعة 16 ألف قطعة تتوزع بين المجوهرات والساعات والفرش وأنابيب التبغ والولاعات وأجزاء من أدوات المطبخ وأغمدت السكاكين وأزرار ومفاتيح وغيرها من الاشياء.
وعثر على هذه الأشياء لأول مرة في عام 1967 على يد علماء الاثار الذين نقبوا عن مخلفات غرف الغاز في معسكرات الابادة والمحرقة الثالثة، وبعد ذلك وضعوها في 48 صندوق من الورق المقوى وخزنت في أكاديمية العلوم البولندية في العاصمة وارسو حيث ظلت طي النسيان لأكثر من 50 عامًا.
وصرح المتحدث باسم متحف اوشفيتز باول ساويسكي " لا يوجد أي معلومات عن الأشخاص الذين امتلكوا هذه الأشياء ولا يوجد أي معلومات شخصية عليها أيضا، ولكن يدل العثور عليها بالقرب من أنقاض غرف الغاز والمحرقة الثالثة انها تعود لليهود الذين قتلهم النازيون الالمان في غرف الغاز، وقد قيل لهؤلاء الأشخاص انهم سيعادون الى وطنهم لذلك أخذوا قطعهم الشخصية معهم"، وتابع : " وكانت معظم الأشياء التي عثر عليها يمكن وضعها في الجيوب أخذت منهم قبل أن يدخلوا الى غرف الغاز، على بعضها نقوش هنغارية وعبرية وبولندية."
وأنشئ معسكر أوشفيتز على يد الألمان النازيين في بولندا بعد احتلالها على 1940، وحدثت الابادة الجماعية للسجناء في شهر أيلول/سبتمبر في عام 1941، وسرعان ما اصبح الموقع الأشهر لحلول هتلر الاخيرة المجنونة، فبين عامي 1942 و أواخر عام 1944 حرق عشرات الالاف من اليهود في غرف الغاز المروعة في المخيم، وكان النازيون يقسمون اليهود الى مجموعتين بمجرد وصولهم الى المعسكرات، احدى المجموعات تضم الاشخاص القادرين على العمل والأخرى الأشخاص الغير قادرين وهؤلاء كانوا يؤخذون مباشرة الى غرف الغاز ويبادون، ويعتقد أن 1.1 مليون سجين في معسكر أوشفيتز توفي كان من بينهم 90% من اليهود.
وكانت غرف الغاز والمحرقة الثالثة دخلت مجال الخدمة مع النازيين في صيف عام 1943، وكانت غرف الغاز تصمم تحت الارض بسقف من الخرسانة المسلحة وطبقة من التراب تغطيها، ويصب فيها غاز زيكلون بي على شكل كريات من خلال ثقب في السقف، وكانوا يأخذون الناس الى الطابق الأرضي حيث تحرقهم الأفران الكبيرة.
وفجر النازيون الهاربون في كانون الثاني/يناير من عام 1945 مبنى الاعدام في المخيم قبل أن يستطيع الجيش الاحمر تحريره، وقال مدير متحف أوشفيتز بيوتر ساوينسكي " ان الاشياء التي عثر عليها خلال أعمال التنقيب ليست فقط شهادة كبيرة لتاريخ المخيم والإبادة الجماعية على يد الالمان، ولكنها تحرك الشهادة الشخصية للضحايا"، وأضاف " في معظم الحالات كانت هذه المتعلقات الشخصية التي استخدمها اليهود الذين اقتيدوا الى غرف الغاز." وعرض موظفو المتحف الالاف من هذه الممتلكات الشخصية بعد أن عرضوا عن فيلم وثائقي قديم حول الحفريات التي جرت عام 1967، واسترسل " انا أنظر لاكتشاف هذه المجموعة الكبيرة لمتعلقات عاشت أكثر من نصف قرب مثل العثور على كنز جاليون المفقود، احاول فقط ان اتخيل لماذا أودعت هذه الاشياء في الصناديق بعد العثور عليها."
وتابعساوينسكي : "أجريت الحفريات في صيف عام 1967 بالقرب من غرف الغاز والمحرقة، ومن المفترض أنه جرى تحليلها ودراستها أو ربما كتب شخص ما عنها ورقة بحثية واسعة، فهذه عبارة عن مجموعة فريدة من نوعها، ولكن بعد بضعة أشهر حدث انقلاب حقيقي في السياسة تحديد في عام 1968 وصعدت السلطة الشيوعية المعادية للسامية."
وأكد ساوينسكي: "لعل هذا هو السبب في اغلاق المشروع، فكان ذلك وقت صعب لنبش موضوع المحرقة." وسيبدأ المتحف في اعادة تصنيف المجموعة ومحاولة تحديد أصحابها.
وصرح المتحدث باسم المتحف باول ساويسكي " سوف يستغرق البحث وقتا طويلا للبحث في المجموعة بأكملها، واليوم سنبدأ عملية التوثيق والبحث في العناصر وفحص حالتها، اما تحديد مالكيها بالتفصيل فسيكون صعبا، فلا يوجد اثار تؤدي الى معرفتهم، ولكن ربما بعض الاشياء التي ستصادفنا في عملية التوثيق يمكن أن تشير الى المالكين."