حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت غير مجدية

كشفت دراسة حديثة، نشرتها صحيفة بريطانية، أن محاولة حماية الأطفال من جميع المخاطر المتعلقة، بالإنترنت قد تكون "غير مجدية"، نظرًا إلى أنهم يمارسون حياتهم على الإنترنت بشكل سري، وحذرت الدراسة من أن أكثر من ثلث الأطفال، في بريطانيا من الذين يبلغون من العمر 15 عامًا، أصبحوا الآن "مستخدمين مفرطين للإنترنت"، حيث يستغرقون أكثر من 6 ساعات يوميًا، خارج المدرسة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.

ويأمل الباحثون في أن تشجع هذه النتائج، السلطات على وضع تدابير استباقية، لمساعدة الشباب على أن يعيشوا حياة تكنولوجية آمنة، وأشارت الدراسة التي أجراها معهد سياسات التعليم البريطاني (EPI)، إن الشباب في المملكة المتحدة هم أيضًا من أكثر الفئات استخداما لمواقع التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك" و"انستغرام" و"سناب شات"، حيث أن 95% من البالغين في سن 15 عامًا، يستخدمون الشبكات الاجتماعية قبل أو بعد المدرسة في عام 2015.

وأضافت النتائج أن "هذا النشاط في تزايد، نظرًا لاعتماد الأطفال على استخدام الإنترنت، في غرف نومهم أو من خلال الهواتف الذكية"، كما أن زيادة شعبية تطبيقات التراسل الفوري، يعني أن المناقشات عبر الإنترنت غالبا ما تكون في مجموعات خاصة وليس في المنصات العامة.

وقال الخبراء المشرفون على هذه الدراسة، إن تركيز السياسة العامة يجب أن يكون على جعل الأطفال قادرين، على معرفة مخاطر الانترنت، والتي قد تشمل تأثيرًا سلبيًا على صحتهم النفسية والتعرض للبلطجة الإلكترونية.

فضلاً عن إجراء الحياة عبر الإنترنت على انفراد، "الطريقة التي يتصل بها الشباب مع وسائل الاعلام الاجتماعية تتغير بسرعة بسبب سرعة وتيرة الابتكار التكنولوجي، مثل تطوير البث المباشر"، وأضافوا إن تقييد الاستخدام يمكن أن يمنع الأطفال من اكتساب المهارات الرقمية والمرونة العاطفية للحفاظ على سلامتهم، بينما أكدت الحكومة على ضرورة مساعدة الأطفال على التعامل مع مخاطر الإنترنت.

وأشار التقرير إلى دراسة سابقة أجراها مكتب الإحصاءات الوطنية في عام 2015 تبين أن هناك "ارتباطا واضحا" بين الوقت الذي يقضيه الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي ومشاكل الصحة العقلية، حيث أن "12% من الأطفال الذين لا يقضون وقتا طويلا في مواقع التواصل الاجتماعي لديهم أعراض مرضية نفسية، بينما يرتفع الرقم إلى 27% لدى أولئك الذين يستغرقون 3 ساعات أو أكثر في اليوم في تصفح الإنترنت والشبكات الاجتماعية".

كما وجد التقرير أيضًا أن "المستخدمين المفرطين للإنترنت"، كانوا أكثر عرضة بمرتين للتحرش عبر الإنترنت، مقارنة مع المستخدمين المعتدلين، وان ثلث أطفال المملكة المتحدة عانوا من التسلط عبر الإنترنت أو تعرضوا للإفراط في استخدام الإنترنت، أو تبادل المعلومات الخاصة والمحتوى الضار - مثل المواقع التي تروج لإيذاء النفس.

وتابع التقرير: "يستخدم الشباب مجموعة من آليات التكيف للتعامل مع المخاطر عبر الإنترنت، مثل حظر مستخدمي الإنترنت الآخرين، وتغيير إعدادات الخصوصية أو أخذ استراحة من الإنترنت، العديد من الأطفال لا يختارون التحدث مع والديهم أو المعلم"، وتشير دراسة مكتب الإحصاء الوطني إلى أن أكثر من نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و15 سنة، يقضون ثلاث ساعات أو أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي في يوم عادي.

ولكن الخبراء وراء الدراسة قالوا إن هناك دلائل على وجود تأثير مفيد لوسائل التواصل الاجتماعي، على الرفاه العاطفي لدى الشباب وأشاروا إلى عدم وجود دليل، على وجود صلة مباشرة بين استخدام الإنترنت وضعف الصحة العقلية، وأبرزت البحوث التي أجراها برنامج التحصين الموسع أن أولئك الذين يقضون فترات طويلة من الزمن على مواقع الشبكات الاجتماعية كانوا أكثر عرضة لأعراض الصحة العقلية، وأن الاستخدام المفرط للإنترنت مرتبط بالاكتئاب.

وقال الباحثون "إن شبكة الإنترنت تمكن الشباب من التواصل مع الآخرين، لتحسين مهاراتهم الاجتماعية، وتطوير طباعهم وقدراتهم والتعاون في مشاريع المدارس"، كما يمكن للذين يعانون من مشاكل نفسية أن يبحثوا عن الدعم على شبكة الإنترنت، إما من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال المجموعات الإلكترونية.

وقالت مديرة الصحة النفسية في برنامج التحصين الموسع إميلي فريث، إن "هذا التقرير يسلط الضوء على الطرق التي يمكن من خلالها لوسائل التواصل الاجتماعي، أن تكون ذات تأثير إيجابي على الشباب، عند استخدامها بشكل معتدل".

وأضافت فريث "وبينما نجد صلة سلبية بين الاستخدام المفرط لوسائط التواصل الاجتماعي والرفاه العقلي للشباب، لا يوجد دليل على أنه السبب المباشر لهذه المشاكل"، وتابعت إن البحث يركز على "أهمية تزويد الشباب بالمهارات التي تساعدهم على مواجهة المخاطر الناشئة على الإنترنت".وهذا يعني حمايتهم من الانترنت، بل وضع تدابير استباقية تركز على بناء القدرة على الصمود - وهو نهج حيوي في مساعدة الشباب على قيادة حياة الكترونية آمنة.

وقال الدكتور برنادكا دوبيكا، من الكلية الملكية للأطباء النفسيين: "في حين أن هذه التقنيات يمكن أن تكون مفيدة جدا، لكنها تمثل مصدر للقلق حيث ان عدد كبير من الشباب من مستخدميها المفرطين في المملكة المتحدة، في ضوء الارتباط مع مشاكل الصحة العقلية"، وأضافت :"سوف ندعم الدعوة إلى مزيد من العمل بشأن القدرة على الصمود والتعليم، وكذلك الحاجة إلى البحث من أجل فهم أفضل لتأثير وسائل الإعلام الاجتماعية على حياة الشباب".