صورة لأحد العناكب القافزة

تُعرف العناكب باسم "الراقصات الصغيرة"، حيث تستخدم الرقص لجذب الإناث إلى التزاوج، إلا أن العناكب لديها قدرة نادرة أخرى وهي رؤية الألوان الساطعة، وكشف تحليل جديد لمجموعتين من العناكب القافزة من أميركا الشمالية وأستراليا أنهم يستخدمون آليات مختلفة تمامًا لذلك، حيث فحص باحث من جامعة سينسيناتي مجموعتين من العناكب القافزة التي يمكنها رؤية الألوان، وهي عناكب "Habronattus" من أميركا الشمالية وعناكب "Maratus" من أستراليا، وكلاهما ليسوا أكبر حجمًا من الخنافس.

وذكر عالم الأحياء الأميركي، نيت مورهاوس، أنه من النادر رؤية الألوان الزاهية في معظم العناكب، حيث أنه عادة ليس لديهم حساسية بصرية فيما وراء إدراك اللون الأزرق والأخضر والبني، إلا أن جماعات معينة من العناكب القافزة تحيد عن هذا النمط، أنهم لا يمتلكون فقط قدرة فريدة  على رؤية اللون الأحمر والأصفر والبرتقالي كما يعرض الذكور هذه الألوان على أجزاء من جسدهم التي يستخدمونها في رقصات التودد من أجل التزاوج"، وتبيّن أن عناكب
"Habronattus" لديها مرشح للون الأحمر على شبكية العين والذي يتيح لهم رؤية الألوان الأحمر والأصفر والبرتقالي، بينما طورت عناكب "Maratus" أنواعًا إضافية من المستقبلات الضوئية بعضها حساس للأزرق وبعضها حساس للون الأحمر، ما يتيح لهم رؤية الألوان دون الحاجة إلى مرشح، ولتحديد ذلك استخدم الباحث في الدراسة التصوير الطيفي المصغر لقياس مدي الخلايا المستقبلة للضوء في شبكية العين والتي تمتص الضوء بشكل مختلف ونظام النمذجة البصرية والذي يعتمد على نماذج رياضية لتقدير كيف ترى شبكية العين اللون، وعرض مورهاوس النتائج في مؤتمر جمعية علم الأحياء المقارن 2017 في نيو أورليانز في وقت سابق من هذا الشهر.

وأضاف مورهاوس "إنه اكتشاف رائع، حيث تطورت مجموعتان مختلفتان من العناكب القافزة بشكل مختلف، فكل منهم لديه القدرة على رؤية الألوان ذات الطول الموجي الكبير مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر، ولكن وصلت كل مجموعة منهم إلى حلول مستقلة لرؤية اللون"، وقام عالم الأحياء الدكتور يورغن أوتو بدراسة وتصوير العناكب الطاووس منذ سنوات، ونشر صور لهذه المخلوقات المذهلة عبر فليكر وفيسبوك، وتعتبر لقطاته من أكثر اللقطات المنتشرة عبر يوتيوب، وتجسد اللقطة ذكر العنكبوت ملوحا بقدميه في محالة للفت نظر الأنثى، والتقط المصور توماس شاهان صور لعناكب Habronattus الملونة من أمريكا الشمالية، وفي حين تبدو عناكب Habronattus و Maratus متشابهه إلا أنه ليس لها علاقة ببعضها البعض، ويوضح الباحثون أن ازدواجية الجينات يمكن أن تثري الخلايا المستقبلة للضوء لدى عناكب Maratus.

وأوضح مورهاوس أن "هذه الخلايا الإضافية المستقبلة للضوء محتمل أن تكون نتاج ازدواجية الجينات التي تطورت لاحقا لتصبح أكثر حساسية لمجموعة مختلفة من الألوان على غرار طريقة البشر وغيرها من القرود العليا التي تطورت لترى اللون، وفي مكان ما في تطور الرئيسيات الجين المسؤول عن البروتين الذي يعطينا حساسية اللون الأخضر تم تكراره في نسختين، واحد من هذه الجينات يسمى الجين المتحول وليس له تأثير على الأخر، وهذه النسخة من الطفرات أدت في النهاية إلى أن تصبح واحدة من النسخ تصبح حساسة للون الأحمر، وربما يكون ذلك ما حدث في عناكب Maratus"، ويعتقد أن العناكب طورت رؤية الألوان من أجل التزاوج ورصد الفرائس التي تتغذي على الحشرات الصغيرة، ويوضح مورهاوس " نعتقد أن البحث عن الغذاء بشكل أكثر فاعلية هو السبب الرئيسي لتطور رؤية الألوان"، كما تعد الألوان البنية والسوداء في العناكب تمويه ضد الطيور والأنواع الأخرى من الفرائس، وتحتفظ العناكب بالعرض البراق عند المواجهة مع نظرائهم من العناكب، ولا تتيح الدراسة الجديدة نظرة جديدة لهذه المخلوقات فقط لكنها يمكن أن تؤدي إلى تطورات تكنولوجية جديدة، وأفاد مورهاوس أنه "إذا قمنا بزيادة معرفتنا بشأن المجموعات الإضافية التي أصبحت أكثر تطورا في رؤية اللون، نحن في موقف استثنائي لفهم سبب تطور رؤية اللون في المقام الأول ونتائج ذلك على سلوكيات الإشارات وبيئة هذه الأنواع، وربما نستلهم تقنيات جديدة  لاستشعار اللون".