الهيدروجين الأخضر

رصدت دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، والتى جاءت تحت عنوان "الدولة المصرية تعزز تواجدها في سوق الهيدروجين الأخضر"، الخطة الوطنية للهيدروجين، جاء فيها أن صناعة الطاقة تمر بمرحلة فريدة من نوعها خلال القرن الحالي، وسط تحديات ثلاثة ذات طابع خاص؛ الأول هو هيمنة الوقود البترولي والأحفوري على تغذية الصناعات ووسائل النقل؛ حيث تقترب نسبة استهلاك النفط عالميًا من 100 مليون برميل يوميًا، وفي ارتفاع مستمر، رغم جائحة كورونا والعوامل الأخرى والأزمة الروسية الأوكرانية الحالية، كما تدل على ذلك حركة الأسواق العالمية من عمليات العرض والطلب حاليًا.

وأضافت الدراسة أن التحدى الثاني جدية المحاولات العالمية للتعامل مع التغير المناخي بإحلال طاقات خضراء مستدامة بدلًا من الوقود الأحفوري أو التقليدي الذي يُعتبر مصدرًا أساسيًا للانبعاثات المؤدية للاحتباس الحراري، بينما التحدي الثالث والأخير بناءً على التجارب التاريخية لعمليات التحول من طاقة إلى أخرى جديدة، مشيرة الى أنه من المتوقع بروز مرحلة هجينة عند منتصف القرن الحالي ، حيث سيستمر استهلاك النفط خاصة بعد معالجته لسحب ثاني أكسيد الكربون منه؛ وهو الأمر الذي سيؤدي إلى استمرار استهلاك النفط الأخضر، ولكن بانخفاض الطلب عليه ومن ثمّ انخفاض سعره، كما يتوقع استمرار استهلاك الغاز الطبيعي، خاصةً بعد سحب ثاني أكسيد الكربون منه أيضًا، لكن في الوقت نفسه يبرز وقود جديد صديق لمرحلة صفر انبعاثات.

وتابع :" يُعتبر الهيدروجين من أهم البدائل القوية للنفط إذا تم تطوير تكنولوجيا استخلاصه من مصدر ما، حيث إنه من المتوقع أن يسيّر كل شيء في المستقبل القريب، والهيدروجين غاز عديم اللون والرائحة، ويتوافر بكميات لا تنضب في أنحاء العالم كافة، وعُرف كوقود منذ زمن بعيد، وتم استخدامه في سفن الفضاء منذ الستينيات، كما أكدت العديد من التقارير أن المشكلات التي عانت منها سفينة أبوللو تعود إلى تسرّب الهيدروجين من خلايا الوقود التي تسيّر المركبة".

ولفتت الدراسة الى أن  الهيدروجين  يستخدم عن طريق حرقه عوضًا عن البنزين في محركات السيارات، أو بطريقة أخرى عن طريق مزجه مع الأكسجين في خلايا الوقود لتوليد الكهرباء وتسيير السيارات، وأنه رغم توافر هذين النوعين من التكنولوجيا حاليًا؛ إلّا أن النوع الثاني لاقى اهتمام أكبر من النوع الأول، وينتج العالم حاليًا أكثر من 90 مليون طن من الهيدروجين سنويًا، كله ناتج من الوقود الأحفوري، الذي يُصدر الانبعاثات في الهواء، فصناعة الهيدروجين تستهلك اليوم 5٪ من إنتاج الغاز الطبيعي و2٪ من إنتاج الفحم، وتعمل على توليد حوالي 800 مليون طن سنويًا من الانبعاثات، وعلي سبيل المقارنة ما يعادل الانبعاثات السنوية لأكبر اقتصادات أوروبا وهو اقتصاد ألمانيا.

وأوضحت الدراسة أن مصر تمتلك أكبر مصادر للطاقات المتجددة من الرياح والشمس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يؤهلها لأن تكون واحدة من أكبر منتجي الطاقة النظيفة، وهو ما سيساعد في إنقاذ البيئة في المنطقة، حيث كانت مصر تخطط لتصل نسبة مشاركة الطاقات المتجددة من إجمالي الطاقة المستهلكة في البلاد 20 ٪ بنهاية عام 2022، إلا أنها نجحت بالفعل في ذلك الأمر قبل نهاية عام 2021، وهو أيضًا ما أكده إطلاق مصر لاستراتيجية تغير المناخ 2050 والتي ستُمكن الدولة المصرية من تخطيط وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة ودعم تحقيق غايات التنمية المستدامة وأهداف رؤية مصر 2030 باتباع نهج مرن ومنخفض لانبعاثات الكربون.

ولفتت الدراسة الى أن الإنتاج المرتقب للهيدروجين الأخضر في مصر يأتي في سياق الاهتمام الدولي المتزايد بالوقود البديل، وذلك من أجل تقليل الآثر البيئي وإبطاء التغير المناخي؛ ويصير ذلك قابلًا للتحقيق من خلال تمكين مصر من توليد واستخدام الهيدروجين الناتج عن الطاقة المتجددة، بدلًا عن الوقود الأحفوري، حيث يُعد الاقتصاد الأخضر هو طوق النجاة للدول لمواجهة مخاطر تغير المناخ والتحديات البيئية المتزايدة، موضحا أنه في ضوء استراتيجية مصر للمضي قدمًا في تفعيل آليات وأدوات التنمية المستدامة والحفاظ على الرفاهية التي تحققت بفعل سنوات التنمية الاقتصادية السابقة؛ كانت مصر نموذجًا إفريقيًا في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر عبر العديد من المشاريع والتي من أهمها إنتاج الهيدروجين الأخضر، ويحظى الهيدروجين الأخضر في مصر باهتمام كبير ومتزايد، خاصة مع توافر إمكانات الطاقة المتجددة.

وذكرت الدراسة أنه تزامنًا مع استعدادات مصر لاستضافة الدورة رقم 27  لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ   COP27 ، المقرر عقدها في نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ، أعلنت الحكومة إطلاق خطة وطنية للهيدروجين بقيمة تخطت 40 مليار دولار في الأشهر القادمة، إدراكًا منها لأهمية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا وتخزينهما وتجارتهما، في إطار استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية؛ ومن المتوقع أن تصل تكلفة مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، دون بنية تحتية إضافية نحو حوالي 20 مليار دولار

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

وزيرة البيئة المصرية تكشف موقف الاستعدادات لاستضافة مؤتمر تغير المناخ COP27

مصر والاتحاد الأوروبي يؤكدان عزمهما على تعزيز التعاون لمواجهة تغير المناخ والتدهور البيئي