القاهرة ـ سهام أحمد
كشف أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة بنها،الدكتور زكريا الحداد، أن الفساد الذي يعاني منه القطاع الزراعي الآن هو نتيجة سياسات النظام السابق الفاشلة, وفي مقدمتها سياسة التجريف الاقتصادي, التي أدت إلى التخلف، مما يستوجب سرعة التخلص من توابع هذا النظام السلبية، من خلال خلق مجتمع يتمتع بالوعي الكامل على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعي، إلى أن البحث العلمي يعانى العديد من المشاكل، التي أدت إلى ضعف إنتاج العلم، موضحًا أن الزراعة المصرية لم تشهد تحديثًا منذ عهد محمد علي، ما يستوجب وضع برامج تعتمد على دعم وزارة الزراعة بالتكنولوجيا الحديثة لمواكبة العصر.
ولفت الحداد إلى أن استمرار تدهور الجانب الزراعي داخل مصر يأتي في المقام الأول نتيجة استخدام الفلاح لأساليب زراعية عقيمة كانت سائدة منذ عهد الفراعنة، وكذلك لعدم تطبيق الأساليب الحديثة للزراعة، مؤكدًا أن التطور الذي حدث فقط اقتصر على إحلال الجرار الزراعي مكان الحيوانات، ولم تدخل الميكنة الزراعية الحقيقية، ولم تحقق أية نهضة زراعية.
وكشف عن تقدمه ببعض المشاريع التي يمكن أن توفر لمصر عائدات تصل إلى 150مليار جنيه بعد ست سنوات من الآن، إلى جانب توفير 7 مليارات دولار تستورد بها مصر غذاء، و20 مليار جنيه توفير في مخصصات الطاقة التي تستخدم في الزراعة، مطالبًا في الوقت ذاته بعدم اللجوء إلى استصلاح أراضي جديدة إلا بعد إصلاح الحالية وحل مشاكلها، لأن الإنتاج الزراعي الحالي لا يتعدى الـ50% .
وفيما يتعلق بإمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح قال :"يمكننا تحقيق ذلك إذا قمنا بإتباع أساليب العلم والتكنولوجيا الحديثة، فبعض الدول تصل تزرع مليون فدان، تربح من ورائها أكثر من 5 مليار دولار، في حين أننا نزرع سبعة ملايين فدان، تستهلك 54 مليار متر مكعب من المياه، وتعطي 8 مليارات دولار فقط، والفارق بيننا وبينهم هو استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة، والجميع يلقي باللوم علي المزارع والفلاح المصري، في حين أن الفلاح يستجيب لكل ما هو جديد ويحاول تطبيقه ولكننا لم نقدم له هذا الجديد، ففي قضية تغذية الحيوان، لدينا مشكلة رغم أن حلها موجود وهي إصابة الحيوانات والمواشي بالجوع صيفًا حيث تخلو الأراضي الزراعية من غذاء الحيوان مع أن الدول الأخرى استطاعت التغلب علي هذه المشكلة باستخدام السيلاز، أي الذرة والمخلفات الزراعية التي تمت معالجتها، وهو ما يؤكد أننا نستطيع الاستغناء عن مساحات كبيرة من البرسيم وزراعتها قمحًا".
وانتقد الحداد الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها الحكومة ممثلة في وزارة التموين، خلال موسم توريد القمح الماضي، الأمر الذي تسبب في خسارة الدولة لنحو ملياري جنيه تقريبًا، ولخص تلك الأخطاء في السماح باستيراد القمح من الخارج مع قرب موسم توريد القمح المحلى لشون بنك التنمية والائتمان الزراعي وهيئة السلع التموينة، والسماح بتداول ونقل القمح المستورد خلال نفس الموسم بين المحافظات، بالإضافة إلى السماح بقبول توريد القمح حتى لو كان مخالفًا للمواصفات الموضوعة، وهو ما أدى إلى توريد أقماح من روسيا وأوكرانيا وفرنسا تخالف المواصفات التي يتمتع بها القمح المحلى.
وأضاف أستاذ الاقتصاد الزراعي أن مصر تمتلك 13.2 مليون فدان مائي، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها تنتج نحو مليون طن سمك، منهم 120 ألف طن من البحر، والباقي يتم إنتاجه من البحيرات الداخلية، مثل المنزلة والبرلس وبحيرة ناصر، والمزارع السمكية التي تنتج نحو 700 ألف طن، كاشفًا عن دراسة هولندية تم إعدادها بالتعاون مع وزارة الري، أكدت تلوث الإنتاج السمكي في مصر بكميات كبيرة من الرصاص المسبب للسرطان".
وتطرق الحداد إلى ملف سد النهضة، حيث قال إن الحكومات المتتالية تعاملت مع مشكلة سد النهضة وكأنهم مجموعة من الهواة، ولم يتناولوا الموضوع بالأهمية المفترض التعامل بها معه، محذرًا من خطورة استكمال تنفيذ السد بشروط أثيوبيا، نظرًا لأن ذلك سيفقد مصر 2.5 مليون فدان، ويرفع فاتورة الغذاء لـ 30 مليار دولار، بالإضافة إلى تشريد أكثر من 3.5 ملايين فلاح بأسرهم، بجانب اختفاء السياحة النهرية