الدكتور عمرو حسنين

كشف الدكتور عمرو حسنين رئيس شركة "ميريس" للتصنيف الائتماني، أن أي دولة لديها مخاطر يواجهها المستثمر، وهنا يأتي دور التصنيف الإئتماني في قياس مخاطرة الاستثمار تلك، سواء في دولة أو منشأة أو بنك.

وأوضح الدكتور عمرو في حديث خاص إلى موقع "مصر اليوم"، أنَّه يتم تحديد درجة التصنيف الإئتماني على أساس عوامل كمية ونوعية، تتلخص الكمية منها في المؤشرات والأرقام الخاصة باقتصاد الدولة، وحجم الإيرادات بها وقدرتها على سداد مديونياتها، ومدى حجم المديونية بالنسبة إلى الإيرادات ومصادر السداد، فإذا كانت مصادر السداد أكبر من المديونية فلا مشكلات في التصنيف الائتماني.

أفضل تصنيف مصري
ولفت الدكتور عمرو إلى أنَّ هناك عوامل نوعية تتمثل في القدرة المؤسسية والبناء المؤسسي القوي الذي يمكن من خلاله تنفيذ القرارات، أو مدى قدرة مؤسسات الدولة على التحكم في مقتضيات الأمور بها، وهي لا تقل أهمية عن العوامل الكمية.

وأضاف أنَّ أفضل تصنيف وصلت إليه مصر "BB+"، فى الفترة من ٢٠٠٨ حتى ٢٠١١، قبل أحداث ٢٥ يناير، ثم تراجع التصنيف بمقدار ٦ درجات، والآن بدأ في الصعود على استحياء، لأن التراجع أسهل كثيرًا من الارتفاع.

وأشار الدكتور عمرو إلى أنَّ الشروط المطلوب الوفاء بها كثيرة، مثل زيادة الإيرادات، بينما حدث اقتراض كبير في الفترة الأخيرة لسداد المديونيات، لذا أصبحت هناك مشكلات، كما أن ارتفاع الاحتياط النقدي يواجه التزامات عديدة.

كيفية تخطي المرحلة الحالية
وأوضح رئيس شركة "ميريس" أنَّه يجب العمل على تنمية الإيرادات، وبالفعل الحكومة تسعى لتحقيق ذلك عن طريق المشاريع القومية التى ستؤدى فى النهاية إلى زيادة الإيرادات، بجانب العمل على تقوية البناء المؤسسي، لذا أقدمت الحكومة على إجراءات إصلاح اقتصادى غير مسبوقة، وهذه الإصلاحات تضمنت تحرير سعر الصرف الذى أدى إلى أكبر تخفيض لسعر العملة المحلية فى تاريخ البلاد، والسير نحو هيكلة الدعم والقضاء على بيع السلع بغير سعرها الحقيقى، ومنها الطاقة، والبنزين، ومشتقات البترول، والمترو، وكان ذلك مطلبًا قديمًا، لكن الحكومات السابقة فضلت عدم التطبيق.

كما تضمنت كذلك العمل على تفعيل دور مؤسسات الدولة التى حدث فيها تراجع بعد الأحداث التى شهدتها البلاد، بخاصة أن الموظف الحكومى أصبح متخوفًا وقلقًا من إصدار قرارات قد تؤدى إلى إلحاق الضرر به فى النهاية، بما أثر على قياس القدرة المؤسسية للدولة، وتُقاس هذه القدرة بـ٣ مؤشرات، منها سيادة القانون، ومواجهة الفساد، وفعالية الحكومة، بمعنى قدرتها على الوفاء بوعودها تجاه المواطنين، بخاصة في مجالات الصحة والتعليم والمرافق، وهناك عوامل لا يمكن التحكم بها مثل العوامل المتعلقة بالجغرافيا السياسية، مثل أحداث إيران والولايات المتحدة والصين، التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط على سبيل المثال.

تقييم الاقتصاد المصري
وقال الدكتور عمرو" إنَّ الاقتصاد المصري قوي وعميق ومتنوع، وهو ليس ضعيفًا أو سيئًا، والمطلوب تحويل الاقتصاد غير الرسمى إلى الرسمى ودمجه، ويتم ذلك عن طريق سيادة القانون والبناء المؤسسى، بما يضمن تحسن تصنيف مصر خلال أيام، لأنَّ ذلك يؤدى إلى مضاعفة الناتج القومى الإجمالى".

وأردف الدكتور عمرو أنَّ الناتج المحلى الإجمالى لمصر يزيد على ٢٥٠ مليار دولار، وبالتالى يمكن مضاعفته إلى ما يزيد على ٤٠٠ مليار دولار في حالة دمج الاقتصاد غير الرسمي.

وأضاف أنَّ مقارنة مصر بدول أخرى، نجد أن الناتج المحلى الإجمالى للكويت لا يتخطى الـ١١٠ مليارات دولار، وكذلك قطر ١٥٠ مليار دولار، أما السعودية فالناتج فيها يبلغ ٦٠٠ مليار دولار، ويعتمد على البترول فقط، وليس متنوعًا، كما هو الحال في مصر، وبالتالى فإن الاقتصاد المصري يحتاج فقط حسن إدارة وترشيدًا ليحقق أعلى المؤشرات.

واستطرد الدكتور عمرو أنَّه يوجد أكثر من مؤسسة عالمية للتصنيف الائنمانى، والثلاثة الكبار هم "موديز"، و"فيتش" و"ستاندرد آند بورز"، ولا فروق جوهرية فى التقييم، وإنما الاختلافات فى وجهات النظر، وبالتالى التصنيف قريب من بعضه، وحاليًا تصنيف مصر عند "B".

ولفت إلى أنَّ القطاع المصرفي يتبع تصنيف الدولة أو أقل بدرجة، ولا يمكن تصنيفه أعلى من الدولة، وبالنسبة للقطاع المصرفي فهو جيد وتقييمه "ممتاز.

وأشار الدكتور عمرو إلى أنَّ التعديلات التشريعية التي تم إدخالها مؤخرًا، "إيجابية"، لكن لا يمكن تقييمها بشكل كامل، إلّا فى حالة سيادة القانون بشكل أوسع وأشمل، وبالتزام الجميع بالقوانين، موضحًا أنَّ الاستثمار فى الأذون والسندات عبارة عن أموال ساخنة تدخل وتخرج، والعبرة بالاستثمار الحقيقي في مجالات الزراعة والصناعة والتعدين والنقل البري والبحري، لأن مصر تتمتع باقتصاد متنوع ومقومات جغرافية عالية.

 واختتم رئيس شركة "ميريس" حديثه أن إقبال المستثمرين الأجانب على شراء السندات المصرية مؤشر جيد يدل على ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، سواء المقبلون على شراء السندات عالية المخاطر أو المنخفضة المخاطر.