الرياض - مصر اليوم
أكد نائب الرئيس الأول لشركة "بوينغ العالمية" مارك آلن، أنه على الرغم من أن هناك تراجعًا أو تباطؤ في الاقتصاد العالمي، مازال الناس يسافرون من منطقة لأخرى، وينتقلون عبر الطائرات، ليس ذلك فحسب بل ثقة الناس في السفر جوًا مازالت كبيرة، لأنه الطريقة الأسرع والأسهل في عملية التنقل حول العالم، ما أدى إلى نمو سوق الطيران بشكل مستمر.
وأضاف آلن في حواره مع "الشرق الأوسط"، الذي أجري في الرياض، أن المملكة العربية السعودية تمتلك أخر ما توصلت إليه تقنية الدفاع في طائرات F15 على مستوى العالم، إضافة إلى طائرات الإنذار المبكر، ومروحيات الأباتشي المتقدمة. وتحدث بثقة كبيرة عن فرص واعدة للعمل مع المملكة من خلال مبادرات عدّة مختلفة، ستوفر الوظائف للشباب السعودي، وتعمل على نقل التقنية المتقدمة والبنية التحتية الخاصة بصناعة الطيران والفضاء إلى السعودية.
وبشأن صفقات بوينغ مع إيران، قال "ما يمكنني قوله في هذا الشأن، هو أننا نعمل على اتباع سياسة الحكومة الأميركية في هذا الموضوع". وإن أكثر التحديات التي تواجه صناعة الطيران تتمثل في تطور التقنية، بشكل مستمر ومن غير انقطاع أو اضطراب، إلى جانب وجود الكم الهائل من البيانات، لافتًا إلى أن الشركات التي ستكون ناجحة بعد 40 عامًا، هي التي ستعرف كيف تتعامل مع هذه البيانات، والاستفادة منها في التطوير والابتكار.
وتوقع رئيس بوينغ العالمية أن تكون صناعة الفضاء هي ميدان المنافسة المقبل، كاشفًا عن توجه كبير نحو هذه الصناعة ما يدل على أهميتها، وقال "نعتقد أنه خلال الـ25 سنة المقبلة ستكون فرص التجارة الفضائية قريبة للواقع وهذا العمل جداً مربح". ولم يغفل مارك الحديث عن منافستهم شركة إيرباص، وأهم مناطق النمو لشركة بوينغ، إلى جانب الجديد في الطائرات الحديثة وأرقام الصفقات والطلبيات.
وتابع "وضع شركة بوينغ قوي على مستوى العالم في الوقت الراهن، سواء في قطاع الطائرات التجارية أو منظومات الدفاع والفضاء والخدمات المصاحبة لهذه المنظومات، ونحن في الشركة فخورون بتواجدنا القوي والمستمر على مستوى العالم في جميع هذه المجالات، فلو نظرنا إلى مستوى الطائرات التجارية من الواضح أن عدد المسافرين في تزايد، وهذا يزيد من الطلب على الطائرات من شركات الطيران، سواء لتجديد الأسطول أو الاستبدال، أما فيما يخص المنظومة الدفاعية فإننا نلاحظ الكثير من الطلب على أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا الدفاع في الولايات المتحدة، وفي العالم، وهذا يساعدنا على الانتشار دوليًا، كما أن التكنولوجيا الموجودة تساعدنا على تحليل البيانات ومعرفة الاحتياجات، وتقديم الخدمات التي يحتاجها العملاء بشكل مستمر ومن دون انقطاع".
وتحدث آلن عن تأثير التباطؤ الاقتصادي العالمي على عمليات الشركة، قائلًا "لو نظرنا إلى إحصائيات الأعوام السابقة فسنلاحظ وجود نمو في عدد المسافرين بنسبة 5.5 في المائة عالميًا، وهذه الزيادة تساعد ليس فقط شركة بوينغ في التوسع والانتشار، أيضًا تستفيد منها شركات الطيران وتحقق لهم المزيد من الأرباح". وتطرق في الحديث إلى المساهمة في تحقيق رؤية 2030 ، قائلًا "الابتكار في المنتجات والخدمات والعمليات، يعدّ أحد المرتكزات الرئيسية لدى بوينغ، وعلى مر الأعوام والعقود الماضية، غيرت بوينغ مفاهيم كثيرة في السفر التجاري بشكل جذري في المملكة، وبدأنا على سبيل المثال منذ أكثر من 70 سنة بطائرة الدي سي 3 داكوتا والتي قدمها الرئيس الأميركي آنذاك للملك عبد العزيز، ثم بعد ذلك قامت الخطوط السعودية باستخدام طائرة 707 النفاثة، وكانت السعودية بذلك أول من استخدم طائرة نفاثة في خطوطها في الشرق الأوسط، بعدها جاءت 747 التي غيرت مفهوم السفر لمسافات أطول، وبعدد أكبر من الركاب، ثم 737 التي تعد إحدى أفضل الطائرات لقطع المسافات المختلفة داخلياً ودولياً، وواصلنا الشراكة من خلال طائرة 777 الغنية عن التعريف من ناحية العمليات، وتوفير الوقود وخفض تكلفة الصيانة والتي ساعدت شركات الطيران على تحقيق أرباح وكانت نقلة نوعية في عالم الطيران".
وواصل حديثه قائلًا "إن نقطة تحول علاقتنا مع السعودية، كانت من خلال حصولها على آخر التقنيات، طبعًا هذا ما يخص الجانب التجاري، أما في الجانب الدفاعي، عندما ننظر لطائرة F15 فإننا فخورون بأنها كانت العمود الفقري للقوات الجوية الملكية السعودية، وتسلمت المملكة عددًا من نسختها الحديثة F15SA، التي تُعد أحدث طائرة مقاتلة من نوعها في العالم، وفيما يخص الفرص الموجودة في المملكة ورؤية 2030، فنحن لدينا فرص كبيرة ونعمل مع المملكة من خلال مبادرات مختلفة، ستوفر الوظائف للشباب السعودي، وستعمل على نقل التقنية المتقدمة والبنية التحتية الخاصة بصناعة الطيران والفضاء إلى السعودية، في الوقت الراهن بدأنا عدة محادثات ومناقشات مع عدد من الشركاء والعملاء المحليين والحكومة السعودية لتحقيق بعض أهداف هذه الرؤية، وإذا ما نظرنا إلى تاريخ علاقة بوينغ مع المملكة سنجد الكثير من المبادرات موجودة على أرض الواقع، مثل إنشاء بوينغ لأربع من شركات التوازن الاقتصادي هي السلام لصناعة الطيران، وشركة الإلكترونيات المتقدمة، والشركة السعودية لهندسة النظم، وشركة المعدات المكملة للطائرات المحدودة، ولدينا ثقة تامة بأننا سنكون شركاء رئيسيين لتحقيق رؤية المملكة الطموحة والواعدة".
وبشأن التنافس مع الشركات الأخرى، خصوصًا "إيرباص"، قال "بلغ عدد الطائرات التي سلمناها خلال عام 2016 ، 748 طائرة، وهي أعلى من العدد الذي سلمه منافسونا، فخورون جداً بفريق عمل بوينغ الذي يعمل بروح واحدة في ظل منافسة قوية، وهذا يساعدنا على أن نكون في المقدمة، مع العلم أن الطلب المتزايد على الطائرات في العالم ما زال كبيرًا ومستمرًا في النمو، وهو ما يمثل تحديًا للفريق وكيف يمكننا مواكبته، وفيما يخص السعودية لا ننسى أن بداية العام 2016 سلمنا أربع طائرات في وقت واحد للخطوط السعودية، وهو أمر نادرا ما يحدث في صناعة الطيران، وفي هذه الجزئية نشكر الخطوط السعودية على خططهم التوسعية واستقطاب آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا الطائرات".
وكشف أن أكثر التحديات التي تواجه صناعة الطيران، هي تطور التقنية بشكل مستمر، مضيفًا "نحن كمصنعين نواكب هذا التطور والاستمرار فيه لئلا تحدث فجوة، هناك أيضاً تحدي الوقت الذي نقضيه للوصول للتقنية الحديثة، ومن المهم جداً التركيز على الكيف وليس العدد، وهو ما يساعدنا في بوينغ على صناعة الطائرات بجودة أعلى، كذلك أحد التحديات وجود هذا الكم الهائل من البيانات، وبرأيي أن الشركات التي ستكون ناجحة بعد 40 عامًا، هي التي ستعرف كيف تتعامل مع هذه البيانات والاستفادة منها في التطوير والابتكار".
فيما يخص مناطق النمو الحالية للشركة، قال "إذا ما نظرنا لمجال الدفاع، نتلقى بشكل مستمر عقوداً عبر وزارة الدفاع الأميركية وعدد من الدول حول العالم، في الوقت الراهن هنالك مناطق مختلفة للنمو، فهناك طلب كبير في العالم على المركبات الطائرة غير المأهولة (من دون طيار)، إضافة إلى ذلك هناك صناعة الفضاء ونحن فخورون، بأننا المورد الرئيسي لشركة ناسا، ونلاحظ اليوم وجود توجه كبير نحو صناعة الفضاء والكثير من المنافسين دخلوا هذه الصناعة وهو ما يدل على أهميته، ونعتقد أنه خلال الـ25 سنة المقبلة، ستكون فرص التجارة الفضائية كبيرة ومُربحة، فيما يخص الجانب التجاري، النمو يعتمد على عوامل من أهمها الناتج المحلي الإجمالي للدول، ونسبة المسافرين وعددهم، وإنشاء المطارات، ونقاط السفر إلى جانب أسعار الوقود، كل هذه لها دور في النمو، ونلاحظ أن النمو بشكل عام مستمر وبشكل كبير في آسيا والشرق الأوسط، والتنافس والتطور كبيران في مجال الطيران، ونرى زيادة في الطلب على الطائرات ونحن سنستمر في مواكبة هذا الطلب وصناعة الطائرات التي يطلبها عملاؤنا بأعلى معايير الجودة".
وأعلن أنه خلال العاميين المقبلين، سيكون هناك تقدمًا كبيرًا في كيفية استخدام التكنولوجيا الجديدة في بناء الطائرات، وتابع "دشنا أخيرًا طائرة TX التدريبية التي تُعتبر تنافسية بشكل كبير، لأن طريقة بنائها مختلفة تماماً عن الطرق التقليدية لبناء الطائرات، واستخدمنا تكنولوجيا متقدمة في بناء هذه الطائرة، ومن المهم التأكيد على أن تقنية الصناعة التي نستخدمها توفر علينا المال والجهد والوقت، وهذا لا يساعدنا على التوفير فقط، بل يحسن كفاءة المنتج، وهناك الكثير من الدراسات والأبحاث التي تتحدث عن الطائرات الأسرع من الصوت وهو أمر جميل لو تحقق، هذه ليست فقط رؤيتي، هناك الكثير من الشركات والأبحاث التي تجري لتحقيق هذه الأمور، وعليه أؤكد أننا في بوينغ ملتزمون ببناء التقنيات المستقبلية، وأن نكون الأوائل والرواد فيها".
وقيّم آلن أداء 787 للتشغيل، قائلًا "الطائرة تعمل بشكل ممتاز والطلبات مستمرة وتحقق المطلوب منها من خلال توفير الوقود، والأمان، وقد فتحت آفاقا ونقاط سفر جديدة للمسافرين وشركات الطيران بتكلفة تشغيلية مناسبة، بحسب معلوماتي عدد الطلبات حتى الآن بلغ 1200 طائرة، سلمت أكثر من 500 طائرة منها منذ العام 2011، والتقنيات التي تمت إضافتها متقدمة جداً وتساعد شركات الطيران والمسافر سيلاحظ فرقا في تجربة السفر على هذه الطائرة، كما أن قدرة الاعتماد والموثوقية والكفاءة عالية جداً وهو ما يريح شركات الطيران، ونحن دورنا ليس فقط بيع الطائرات بل نتشارك مع الشركات من حيث مساعدتها على كيفية تشغيل الطائرات، بكفاءة وسرعة عالية، إضافة إلى صيانتها". وأما عن طائرة 777x، فهي النسخة الأحدث من طراز 777 وفيها أكبر جناح مُركب للطائرات، تتصف بالمرونة العالية، كما توفر الوقود بتكلفة تشغيلية أقل، وتمتلك قمرة قيادة متطورة، ومن مميزات جناح الطائرة أن طرف الجناح قابل للطي، وذات قدرة وأداء عاليين، وبالنسبة للطلبات عليها فهي كبيرة وتتجاوز 300 طلب حتى الآن.
واستطرد حديثه قائلًا "من المفيد هنا التوضيح أن عام 2016 يعتبر ثان آمن عام للسفر في تاريخ الطيران، طبعًا هذا بخلاف أن الطيران يعد الوسيلة الآمنة الأفضل للسفر حتى الآن، وأؤكد هنا أنه ليس فقط شركات الطيران التي تركز على الأمان، الجميع يهتم بذلك، ونحن في بوينغ نقدم سلامة المنتج قبل أي اعتبار آخر". وتابع "بشأن مصير صفقات الشركة مع إيران، أننا نعمل على اتباع سياسة الحكومة الأميركية في هذا الملف، وأؤكد أننا نعمل مع الحكومة الأميركية لتحقيق المصلحة العامة للشركة بما يخدم صناعة الطيران". وتابع "تم تدشين ماكس – 9 في عام 2017 وكانت لحظات التدشين مثيرة لموظفي الشركة وعائلاتهم، ونعمل بشكل مستمر ومتواصل لدخول أول طائرة من هذا الطراز للخدمة هذا العام، وهو أمر مهم وأساسي لنا".
وانتقل بالحديث إلى انخفاض أسعار النفط وأثره على إلغاء بعض الصفقات من قبل المشترين، قائلًا "دعني أشير هنا إلى أن الانخفاض في أسعار النفط موجود منذ عامين تقريباً، وتأثيراته مختلفة منها الإيجابي والسلبي، الوضع حالياً مستقر، وعند أي ارتفاع في الأسعار فإن شركات الطيران تطلب شراء الطائرات التي لا تستهلك الوقود كثيراً، من ناحية أخرى فإن الزيادة في الطلب على الطائرات تعتمد على زيادة أعداد المسافرين، وهو ما يساعد على تغطية التكاليف التشغيلية، وبالنسبة للشركات المصنعة هذا التغير يحدث زيادة في الطلبات على الطائرات الجديدة، أو استبدالا للأساطيل الحالية بأخرى ذات كفاءة تشغيلية أكبر وهذا يخدم أهداف الشركات المُصنعة".
وأوضح أن "بوينغ" السعودية ملتزمة بتحقيق الأهداف الوطنية السعودية، من خلال توفير الوظائف للشباب السعودي، ومستمرون في هذا الاتجاه، ولدينا شراكات كبيرة مع الجامعات السعودية، مثل برنامج الخريجين السعودي الذي من خلاله نختار أحد الشباب السعوديين من خريجي الجامعات الأميركية للعمل في مصانعنا في الولايات المتحدة، لمدة عام ثم العودة للمملكة بخبرات عالمية والعمل في شركتنا في السعودية بدوام كامل، وهو في الحقيقة برنامج قيادي لأنه يخرج قياديين ونقوم به بشكل سنوي، كما أننا شركاء مؤسسون لجامعة الفيصل وهي إحدى الجامعات المهمة لتطوير المواهب السعودية. وفي إطار التزامنا بدعم الأبحاث والبرامج الخاصة التي تركز على تطوير المواهب في المملكة في مختلف المجالات، لدينا شراكة مهمة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) فقد أصبحنا عضوا في برنامج جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية للتعاون الصناعي، الذي يهدف لتسهيل التعاون الصناعي محلياً ودولياً، حيث تقوم بوينغ بعقد شراكات مع أكاديميين وطلاب من الجامعة من أجل دعم جهود الأبحاث والتطوير، وفي الواقع، الشركة السعودية لمساندة الطائرات العمودية مثال آخر ناجح وجيد على توجه بوينغ لدعم الرؤية والاستثمارات الوطنية في السعودية، ونقل التقنية وتطوير المواهب والبنية التحتية الخاصة بصناعة الطيران والفضاء والطائرات العمودية، هذه الشركة الجديدة ستساعد على تقليل تكلفة صيانة وتشغيل الطائرات، لأنها تدار داخل المملكة وبأيدي شباب سعوديين، وهذا يزيد الكفاءة والاعتماد والموثوقية للمنتجات التي تساعد الحكومة السعودية على توفير الوقت والجهد والمال".
واختتم حديثه قائلًا "إنني أسافر ثلاثة أيام ونصف اليوم كل 5 خمسة أيام، ولا يمكن لأي شخص القول بإنه يقضي وقتًا كافيًا مع عائلته، وعلى سبيل الطرافة أحياناً أنسى أين كنت في الأسابيع الماضية من كثرة السفر، ففي الأسبوعين الماضيين زرت ثماني دول مختلفة"، وأضاف "ما يمكنني قوله لأي شاب طموح هو أن عليه معرفة ما هي أهدافه في الحياة، أي أن يكون لديه هدف واضح، والأهم أن يكون مرتاحًا في كيفية تحقيق هذا الهدف، لا بد أن تكون نفسك، ولا تحاول تقليد الآخرين، هذا بداية الطريق لتكون قائدًا، كما أن العمل مع فرق مختلفة يحقق نتائج أكبر مما لو كنت بمفردك، بالنسبة لي عملت مع فرق كبيرة وصغيرة على مستوى الحكومة الأميركية عندما كنت قاضياً أو في شركة بوينغ دائماً، من الجميل العمل مع فريق لديه طموح، وسعيد اليوم بالعمل في شركة بوينغ، باختصار الأشخاص الذين يتحلون بالشغف عادة ما يكون النجاح حليفهم".