واشنطن - مصر اليوم
قبيل 54 عاما تقريبا وتحديدا في سنة 1967 كانت الشابة المصرية ليلى بنس، تجلس مع والديها وشقيقاتها الثلاث، وهم يتناولون الإفطار، قبل أن تدوّي صافرات الإنذار في المكان لأجل الحث على ترك المنزل والهروب بسبب بدء غارة جوية.قضت الأسرة ساعات في حالة من الرعب والفزع، قبل العودة إلى المنزل ثانية، لكنه كان قد تحوّل لكومة رماد بعد أن سقطت عليه إحدى القنابل، لتتغير حياة الأسرة البسيطة الهادئة، وتكون تلك القسوة مُحركًا للوصول إلى أعلى المراكز الاقتصادية في العالم.
ليلى بنس مستشارة الأوراق المالية في الولايات المتحدة، التي وقع الاختيار عليها مؤخرًا لترأس قائمة فوربس كأفضل مستشاري إدارة الثروات في 2021، تحكي أنّ حياتها لم تكن سهلة على الإطلاق بل محفوفة بالعثرات.وتقدمت نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، بالتهاني إلى ليلى، لاختيارها كأفضل مستشاري إدارة الثروات لعام 2021 بالولايات المتحدة الأميركية، مؤكدة أنّ شعار "مصر تستطيع" يتحقق دومًا مع كل إنجاز يحققه خبراء مصر حول العالم.
رؤية المنزل محطما وفقدان كل شيء، وهي في الثانية عشر من عمرها كان الوقود الذي حركها، فوالدها عاشق الأرقام والحسابات ومدير أحد البنوك المصرية، كان ملهمًا لها، لتسير على دربه وتكون واحدة من أنبغ العقول المصرية التي استطاعت أن تتبوأ مكانة عالية في الاستثمار.تشير مستشارة الأوراق المالية بالولايات المتحدة، "اضطررت للسفر إلى الزقازيق بعد هدم المنزل للإقامة مع جدتي، غير أن والداي استقرا في السويس واستأجرا شقة لظروف عمل الوالد، الذي قرر هو الآخر بعد فترة ترك السويس والسفر إلى القاهرة لنمكث فيها عامين تقريبًا قبيل السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية".
تعد السيدة المصرية ليلى بنس واحدة من أنجح وأهم المخططين الماليين في أميركا، وتتمتع بخبرة تعدت الـ40 عامًا في مجال الاستثمارات المالية والتدفّق النقدي، الأمر الذي أكسبها كفاءة متميزة في مجال إدارة الثروات.قرر الأب بعد نصيحة عدد من الزملاء في نيويورك التقدم بطلب للهجرة والاستقرار هناك، ولكن قبيل شهر من السفر كُسرت ساق الوالد، فاضطرت ليلى ووالدتها إلى السفر، خشية انتهاء فترة تأشيرة الدخول الممنوحة لهما قبل أن يشفى الوالد.
تضيف "بنس" عن تلك الفترة القاسية من حياتها، "اضطررت أنا ووالدتي إلى الإقامة في غرفة واحدة مع عائلة في بويرتو ريكو بسبب عدم وجود الأموال الكافية للمعيشة، قبل أن يعود الأب بعد عام ونصف تقريبًا من سفرنا.. في تلك الفترة تقدّمت إلى المدرسة، ولصعوبة الحياة كان عليّ أن أجد فرصة للعمل كبائعة لـ"النقانق السريعة" على إحدى العبارات بعد الساعة الخامسة، لتوفير بضعة دولارات في اليوم أساهم بها في المسكن والطعام.
تحكي عن تلك الفترة، "كنت أذهب إلى المدرسة في البرد الشديد، كنت لا أشعر بأذني وأطرافي أحيانًا، وأنا في انتظار االحافلة في البرد القارس. وبعد الخامسة كنت أذهب إلى العبّارات البحرية التي تنقل العاملين من جزيرة ستاتن عبر ميناء نيويورك إلى أمكان عملهم المختلفة وأبيع له النقانق".تضيف "أفضل مستشارة ثروات في العالم"، "تلك الفترة علمتني كيفية تقديم الخدمات للزبائن بالشكل الأمثل، وبأن المِحن مهما عظمت فهي التي تخلق النجاح، فقد واجهت تحديات كثيرة. شعرت بالإحباط أحيانًا غير أنني كنت أقوى على كل الصعاب وأتغلب عليها، لأن هدفي هو الوصول لأعلى المراتب".
أكملت ليلى دراسة الثانوية ثم تقدمت لدراسة الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، وبصوت يملؤه الحماس والقوة، أوضحت لـ"سكاي نيوز عربية"، "بدأت الاستثمار في الأموال بـ20 ألف دولار فقط، ولم تكن تسعني الدنيا حينها من الفرحة، ليزداد هذا الرقم ويصل الآن لمعدل استثمار وصل إلى 2 مليار دولار".توضح ليلى عن شعورها حينها، "لم أستطع النوم في تلك الليلة من الفرحة. تلك السيدة جمعتني بها علاقة عمل استمرت لـ17 عامًا حتى توفيت، لم أستطع تصديق أن هناك من وثق في وأعطاني هذا الرقم للاستثمار".
وأعربت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج عن فخرها بليلى كنموذج مشرف للمرأة المصرية المهاجرة بالخارج، قائلة، "السيدة ليلى تستحق الكثير فهي تعشق مصر وتترجم هذا الحب والانتماء إلى دعم لوطنها في مجالات المال والأعمال والاقتصاد، لذا فهي سباقة دومًا في المشاركة بسلسلة مؤتمرات مصر تستطيع لطرح خبراتها من أجل الاستفادة منها".
عقود مضت وما زالت بنس مستشارة الثروات الأفضل في الولايات المتحدة الأميركية، وتمتلك شركتها آلاف العملاء وتتحكم في أكثر من ملياري دولار من الأصول المالية تحت إدارة الشركة، ليتم اختيارها أكثر من مرة من أفضل السيدات الاقتصاديات المؤثرات على مستوى العالم.تدير المصرية المكرمة من عدة هيئات دولية، مؤسسة "بنس" لإدارة الثروات الواقعة في مدينة نيويورك بيتش بولاية كاليفورنيا، ويتولي زوجها منصب منصب كبير مراقبي الاستثمارات في المؤسسة.
يقول عنها أليسون زيمرمان، مدير إحدى المؤسسات التي تقدم أبحاثًا كمشورة للشركات بشأن كيفية بناء بيئة عمل أفضل للنساء، إن نجاح ليلى جاء على الرغم من كل التحديات التي ما زالت النساء تواجهها في القطاع المالي، مضيفًا، "إحدى التحديات الرئيسية هي أن نرى النساء بحاجة دائما إلى اثبات حسن أدائهن في الوقت الذي يُرقى الرجال مهنيا بالاستناد إلى قدراتهم المحتملة".وعن مصر تردف "بنس"، "التقيت بوزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم وشاركت في مؤتمر "مصر تستطيع" ورأت كيف تغيرت مصر خلال السنوات الأخيرة، منوهة "مصر تطورت في كل شيء.. انبهرت في آخر زيارة لي منذ أن نزلت من الطائرة".
وتوضح مستشارة الأوراق المالية بالولايات المتحدة الأميركية، أنّ "مصر عليها أن تجعل الجميع يؤمن بأن هناك أهمية في الاستثمار في البورصة المصرية، وعلى الشركات مساعدة المصريين في ذلك لكي تكون البورصة جذّابة للاستثمار الخارجي".وأنهت المتصدرة لقائمة مجلة "فوربس"، "كنت أنوي زيارة مصر قبل فترة قصيرة ولكن ظروف جائحة كورونا ألغت جميع المخططات.. ولكني أحاول كثيرًا مساعدة المستشفيات الخيرية المصرية، وتقدم لهم العون والدعم، كما حدث مع الدكتور مجدي يعقوب فقمت بعقد اتفاقات مع عدد من الشخصيات الاقتصادية، ليساعدوا المستشفى ويتبرعوا بالأموال، كما اتفقت مع عدد من العملاء الاقتصاديين على زيارتهم لمصر دومًا والترويج للسياحة".
قد يهمك ايضا
الخدمات المالية تتصدر ترتيب القطاعات الأكثر تداولا في البورصة المصرية