المدرب الالماني يواكيم لوف

احرزت المانيا كأس العالم اعوام 1954 و1974 و1990 واحتلت الوصافة والمركز الثالث في ثماني مناسبات، لكنها لم تكتسب

لقب المنتخب المشبع لرغبات عشاق اللعب الاستعراضي، الى ان حطمت بفوزها التاريخي على البرازيل 7-1 الثلاثاء في نصف

نهائي مونديال 2014 الكثير من الحواجز النفسية مع عشاق المستديرة.
ضربت المانيا ديناصورين بحجر واحد، فحطمت هالة البرازيل كافضل منتخب في التاريخ بفوز ساحق في عقر داره يحتاج جمهور

المنتخب الاصفر الى عقود لنسيانه، وجاء فوزها على خصم رئيس ينافسها على زعامة الكرة العالمية.
صحيح ان البرازيل غاب عنها هدافه نيمار لكسر في الفقرة القطنية الثالثة من ظهره وقائدها قطب دفاعها ثياغو سيلفا الموقوف،

لكن المانيا بدورها لم تدخل المونديال بافضل حالاتها.
غاب عن تشكيلة المدرب يواكيم لوف لاعب يعتبره البعض بانه ثالث الارجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو من

حيث جودة اللعب، وهو لاعب وسط بوروسيا دورتموند ماركو رويس لاصابته قبل النهائيات، وافتقد "ناسيونال مانشافت" ايلكاي

غوندوغان، مارسيل شملتسر والاخوين سفن ولارس بندر، هذا فضلا عن الشكوك حول لياقة لاعبي الوسط سامي خضيرة،

باستيان شفاينشتايغر ومسعود اوزيل والحارس مانويل نوير والقائد فيليب لام.
في ثماني سنوات من ادارة المدرب يواكيم لوف تذوقت المانيا الفوز بنكهات مختلفة، لكن طعم الاهداف الخمسة التي قضت مضاجع

البرازيليين في 29 دقيقة من الشوط الاول لا مثيل لها في تاريخ اللعبة.
يمكن تبرير خسارة البرازيل الى ما لا نهاية، ضعف المهاجم فريد، سوء ادارة المدرب لويز فيليبي سكولاري، ضغط الجماهير،

استبعاد رونالدينيو وكاكا وروبينيو وباتو، لكن الملحمة الالمانية في بيلو هوريزونتي تحتاج الى الكثير من الوقت لهضمها من جهة

البرازيليين وتحليلها فنيا ونفسيا.
يقول طوني كروس افضل لاعب في المباراة ومسجل هدفين: "كانت تأدية مؤثرة. هذا افضل اداء لالمانيا منذ بداية مشاركتي معها.

بدأنا نعتقد بامكانية الفوز منذ الدقيقة الاولى، اذ لاحظنا ان البرازيل مترددة في اتخاذ القرارات فاستفدنا من ذلك".
وتابع لاعب وسط بايرن ميونيخ الذي سيحرز منطقيا جائزة افضل لاعب في البطولة بحال تتويج المانيا: "بعد ان سجلنا الهدف

الاول، كرت سبحة الاهداف. هل كان يتوقع احد ان نفوز 7-1؟ بالطبع لم يكن احد ليصدق ذلك، لكن اعتقد اننا كنا رائعين، هذا

كل ما يمكنني قوله".
من يستعيد تصريحات الالمان قبل انطلاق النهائيات وتحديدا مطلع حزيران/يونيو الحالي لا يصدق ان المنتخب الذي تعادل مع

الكاميرون 2-2 وديا سيلحق اقسى هزيمة في تاريخ البلد الذي يتنفس كرة القدم.
اعترف مدرب المانيا يواكيم لوف بعد مباراة الكاميرون ان عليه حل بعض المشاكل التي يعاني منها منتخبه قبل التوجه الى

البرازيل لخوض نهائيات مونديال 2014: "كان بالامكان الملاحظة اننا افتقدنا الى الحيوية، لم نكن موفقين في تمريراتنا وارتكبنا

الكثير الكثير من الاخطاء. هذه امور يجب ان نعمل عليها ونسبة نجاحنا في ترجمة الفرص ليست مثالية".
وتابع "لقد خسرنا الكرة في الكثير من المناسبات وتركنا الكثير من المساحات بين خطي الوسط والدفاع في القسم الاخير من

المباراة".
وتطرق لوف انذاك الى مستوى مسعود اوزيل الذي واجه صافرات استهجان الجمهور الالماني في اذار/مارس الماضي خلال

خروجه من الملعب في المباراة التي فازت بها بلاده على تشيلي (1-صفر)، قائلا: "مسعود اوزيل لم يكن في افضل ايامه ويحتاج

الى اسبوعين اخرين (لكي يتعافى تماما من اصابة عضلية تعرض لها مع ارسنال) وبعدها سنرى مسعود القوي مجددا في كأس

العالم".
رأي قلب دفاع ارسنال بير ميرتيساكر الذي كان اساسيا في الدور الاول كان اكثر صراحة "لم نلعب بشكل جيد لفترات طويلة في

المباراة. سنواجه المشاكل ضد اي منتخب في العالم اذا واصلنا فقدان الكرة بهذه السرعة".
اما توماس مولر صاحب خمسة اهداف حتى الان وعشرة في مونديالي 2010 و2014 فرأى بدوره ان امام منتخب بلاده الكثير

من العمل للقيام به قبل اسبوعين على بدء مشواره في مونديال البرازيل، مضيفا "لم نقدم صورة جيدة عن انفسنا. في الواقع، لقد

صعبنا الحياة على انفسنا".
ماذا حصل في نحو شهر، وكيف انقلبت الاية لتصبح المانيا صاحبة النتيجة الاكثر صخبا في تاريخ المونديال والعرض الاكثر

جاذبية؟. اتخذ المدرب لوف خيارات صعبة، وحتى الثلاثاء، لم تقدم المانيا كرة فيها الكثير من الالهام، فباستثناء سحق البرتغال 4

-صفر التي ودعت من الدور الاول، عانت كثيرا في الدور الاول وانتقد مدربها لاستخدام بنديكت هوفيديس في مركز الظهير

الايسر وفيليب لام في الوسط، ثم انهالت عليه الملاحظات لاصراره الاعتماد على اوزيل الضائع في الوسط، وذلك بعد التعادل

المحرج مع غانا بعد ان كانت متأخرة 2-1.
تجاوزت المانيا محنة لن تنساها امام الجزائر في ثمن النهائي، فانتظرت حتى الوقت الاضافي لتخترق شباك رايس مبولحي (2-

1)، لكن مباراة فرنسا كانت المؤشر الاول الى واقعية المانية عند الامتحانات الكبرى.
حرك لوف رقع الشطرنح، تاركا شفايشنتايغر المرهق امام الجزائر اساسيا، فسحب ميرتيساكر معتمدا على جيروم بواتنغ وماتس

هوملس في قلب الدفاع، ليسجل الاخير هدف الفوز برأسه، ثم اعاد لام الى مركزه الاساسي على الجهة اليمنى من الدفاع.
تساءل المحللون كيف سيخوض لوف مباراة البرازيل، هل سيمنح المتألق اندري شورلي الفرصة اساسيا بدلا من ميروسلاف

كلوزه في الهجوم او كريستوف كرامر بدلا من خضيرة او "شفايني"؟. تبين ان لوف كرر التجربة الفرنسية بتشكيلة منسوخة عن

ربع النهائي.
هل كان شفاينشتايغر مرهقا او جاره خضيرة؟ ضغطهما في الدقائق الاولى كان بطوليا، ونجح لاعب الوسط المدافع لريال مدريد

الاسباني في هز الشباك من المرات النادرة. لمع اوزيل كما لم يلمع من قبل، وكانت اعصابه جليدية امام المرمى فتبادل التمريرات

على بعد امتار قليلة من الحارس جوليو سيزار مع رفاقه وكانه برازيلي الصنع كاشفا الثغرات الفظيغة في دفاع سكولاري.
تقبل لوف الانتقادات وعدل اسلوبه الدفاعي من خلال تمركز لام وهوملس وهوفيديس، لكن في المقابل اصر سكولاري على

اشراك فريد احد أسوأ مهاجم في تاريخ البرازيل.
اخيرا حصل الالمان على حقهم واثبتوا انه بمقدورهم العزف على الاوتار البرازيلية التي مزقوها باستعراض قل نظيره، لكن

المهمة لم تنته بعد فهناك نهائي الاحد حيث تنتظرهم معركة جديدة لا شك بانهم سيدخلونها بعضلات مفتولة مدججين بسباعية سبعت

البرازيل على امل ان ينتابهم الشعور ذاته عند صافرة النهاية من اجل فك نحس دام 24 عاما!.