عماد جاد عضو مجلس النواب المصري

أكد الدكتور عماد جاد ، عضو مجلس النواب المصري ، ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ، أن القرارات الاقتصادية الأخيرة التي أصدرتها حكومة المهندس شريف إسماعيل في 2 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ، والتي شملت تحرير سعر صرف الجنيه المصري ، ورفع الدعم عن العقود ، وما صاحب ذلك من ارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية ، في الوقت الذي يأن فيه المواطن المصري من تدني الأجور والمرتبات .

وأشار جاد إلى تدهور الحياة المعيشية وارتفاع نسبة البطالة ، وعدم رضائه عن أداء الحكومة ومجلس النواب ، ساهمت في تراجع شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسي ، وهو أمر لابد من الوقوف أمامه لبحث أسبابه وتداعياته ، لأنه مؤشر خطر.

وأضاف في تصريحات صحافية لـ"مصر اليوم" ، أن ما أقوله عن تراجع كبير في شعبية الرئيس السيسي ، ليس كلامًا مرسلًا وليس نابع من نتائج لاستطلاعات رأي تُجريها مراكز وهمية ، حتى لا نقف أمامه ولا نعيره إهتمامًا ، بل تفاجئت أمام استطلاع أجراه مركز "بصيرة" الذي يترأسه رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء السابق ، إذ نحن أمام مركز تابع لمؤسسات الدولة ، جاء فيه تراجع شعبية الرئيس السيسي  إلى نسبة 65 % بعد أن كانت 85 % أثناء الفترة الأولى من حكمه ، لذا علينا دراسة أسباب هذا التراجع ، لأنه سيدفع فاتورة الغضب الشعبي تجاه الأوضاع الراهنة هو الرئيس عبدالفتاح السيسي ، وليست حكومته .

وتابع جاد : "أعلم تمامًا أن الأزمات والمشكلات التي تُعاني منها مورثة ولها جذور عتيدة على مرّ التاريخ ، وليست وليدة الوقت الراهن ، بل ساهمت أوضاع البلاد خلال الأعوام الستة الأخيرة في تفاقمها ، فأنا سبق وأن أعلنت تأييدي للقرارات الاقتصادية ، وقولها صراحةً أنها جاءت متأخرة جدًا ، وحاول نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك اتخاذ أكثر من مرة ، إلا أنه تراجع في سبيل الحصول على استقرار سياسي وشعبي وعدم الدخول في صدامات ، لكن ما أود أن أوضحه أن النتائج المترتبة على هذه القرارات لم تكن مُدروسة ولم تعمل الحكومة على توفير البدائل لها".

وأردف : "دول عديدة اتخذت مثل هذه القرارات ، وكانت النتائج المترتبة عليها في صالحها ، بل فاقت توقعاتها ، تفاجئت حكوماتها ، أن الشعب أصبح أكثر تكاتفًا مع الدولة ، لأنها وضعت إستراتيجية هامة ، استندت فيها إلى وعي الشعب اعتمادًا على المصارحة والشفافية ، خلاف الوضع هنا ، تفاجئ المواطن في هذه القرارات ولم يكن مستعدًا لها ولا الحكومة التي اتخذتها لم تكن هي أيضًا لديها رؤية على كيفية التعامل مع النتائج المترتبة عنها ، فالمواطن المصري لا يشغله ما إذا كانت ضرورية لدفع البلاد من عدمه ، وما إذا كان سيجني ثمارها مستقبلًا أم لا ، بقدر ما يشغله توفير حاجته الأساسية من المأكل ، إلا أنه تفاجئ غياب سلع أساسية كالأرز والسكر وارتفاع البعض الآخر ، واختفاء عدد كبير من الأدوية من السوق" .

وحول مستقبل العلاقات المصرية الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب ، أكد جاد ، أن أمام القاهرة فرصة كبيرة لتطوير علاقتها مع واشنطن ودفعها إلى الأمام ، خلاف ما كان عليها الحال في عهد الرئيس السابق أوباما ، قائلًا : "نحن أمام إدارة أميركية جديدة تمتلك رؤية وسياسية معاينة تجاه محاربة التطرف الذي استشرى في المنطقة ودفعت شروره مختلف دول العالم ، إذن هناك توافق في الرؤى ، في القاهرة ، كذلك لديها رؤتها نحو محاربة التطرف ، وتخوض حربًا في مواجهته منذ ثلاثة أعوام ، ودفعت ثمنًا باهظًا بمفردها دون أي تعاون من واشنطن ، أما الآن فنحن أمام إدارة أميركية ترى أن مصر في حاجة إلى دعم وتعاون ومساندة ، وترى أن التنظيم الدولي لجماعة الإخوان ، هي الجماعة الأم لكل الجماعات المتطرفة في العالم ، بما فيها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ، والمعروف  إعلاميًا بداعش ، إذن هناك توافق كبير في الرؤى ، علينا أن نستثمر ذلك بما يصب في صالحنا".

وأضاف: "كما للقاهرة مصالح وأهداف تسعى إلى تحقيقها ، فأميركا أيضًا مصالح وأهداف تسعى إلى تحقيقها ، فالعلاقات بين الدول قائمة على المصالح المتبادلة ، وليس على مبدأ الود أو الحب ، التي لا مجال لهما في العلاقات الدولية ، بقدر ما هي موجودة في مجال الأعمال الخيرية ، لذا علينا أن نُحدد بوضوع أهدافنا ، وآليات تنفيذها ،  وبعدها نرى مصالح واشنطن ، وهل هذه المصالح تتفق معنا وبمقدرونا أن نساهم في تنفيذها ، وما المجالات والمصالح المشتركة بيننا والمتناقضة ، خلاف ذلك ستكون سياستنا  متخبطة وقراراتنا غير مدروسة".

وحول قرار أميركا بنقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس ، أوضح نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ، وأستاذ العلاقات الدولية ، أن هذا القرار لن يُنفذ أو سيتم تأجيله بعد الضغوط التي تمارسها المؤسسات الأميركية على الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وهو ما سيرضخ له في النهاية ، وسيوقع على القانون الذي يقضي بتأجيل النقل إلى 6 أشهر أخرى ،شأنه كشأن باقي رؤساء أميركا بما فيهم أوباما .

ولفت إلى أن قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس الشرقية ، ليس بجديد ، بل هو صادر منذ ثمانينات القرن الماضي ، ومرشحي الرئاسة كافة كان يتعهد أمام " اللوبي اليهودي" في واشنطن بتنفيذ هذا القرار حال فوزه وهو مافعله بوش الأب والأبن وأوباما ، وسيفعله ترامب.

وبين جاد ما إذا تم تنفيذ هذا القرار وهو أمر مستبعد قد يكون له تداعيات خطيرة على الولايات المتحدة ، إذ سنشهد موجة جديدة ولكنها أكثر حدة من العمليات المتطرفة ، وسنتفاجئ بظهور جماعات متطرفة جديدة ، وهو ما سيتضر بشكل كبير الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة التي ستكون أمام غضب شعبي داخلي ، وسيضر المصالح الأميركية في المنطقة ، وسيؤجج من حدة الإضرابات فيها ، لذا في اعتقادي أن هذا الأمر لن يحدث ، في مراكز صناعة القرار في واشنطن قبل أن تدعم أي قرار تدرس جيدًا النتائج التي ستترتب عليه.

وتوقع جاد أن تصدر الإدارة الأميركية الجديد ، تشريع بموجبه يتم اعتبار التنظيم الدولي لجماعة الإخوان  ، جماعة متطرفة ، وهو أمر سيقضي تمامًا على هذه الجماعة ، وسيضعفها كثيرًا في مصر والدول العربية التي تربي أنصارها فيها ، إذ ترى واشنطن أن جماعة الإخوان هي الجماعة الأم للجماعات المتطرفة كافة التي ابتلت بها دول المنطقة ،  ودفع شرورها مختلف دول العالم ، بما فيها تنظيم ما يسمى بـ"داعش" ، لذا ستكون خطوتها المقبلة بعد أن تتفرغ من معركتها مع تنظيم "داعش" .