القاهرة : مصطفى الخويلدي
أكد وكيل وزارة الأوقاف السابق، مستشار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أستاذ الثقافة الإسلامية في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور سالم عبد الجليل، أن "فكرة تجديد الخطاب الديني نشأت في وزارة الأوقاف منذ ما يقرب من 15 عامًا، وبالتحديد بعد أحداث 11 سبتمبر /أيلول2001، عندما تحدّث عنها الرئيس السابق للولايات المتّحدة الأميركية، بوش الابن، ثم تحدّث عنها الرئيس الأسبق حسني مبارك في مصر، وتبنّت وزارة الأوقاف منهجًا لتجديد الخطاب الديني بدأ بتأليف الكتب، ثم تدريب الأئمة على هذا الموضوع، وظهرت الكثير من الإنجازات، سواء بحثية أو تدريبية للأئمة، وعندما جاء وقت حصاد الثمار، اندلعت ثورة يناير ، فضاعت كل الجهود التي بُذلت وتحطّمت مع خروج عناصر التيار الديني من مخابئهم وسيطرتهم بشكل قوي على الخطاب، مما جعل الخطاب الديني وما أنجزتهُ الأوقاف يتراجع بشكل كبير جدًا، وللأسف لملمة الموضوع حتى الآن لم تحدث، والجهود التي بذلت هي إعلامية أكثر ما هي تدريبية، وأنا لدي نظرية في تجديد الخطاب الديني، بأنّه ما لم يتجدّد فكر الإمام القائم بالخطاب الديني فلن يتجدّد الخطاب نفسه، فهناك "100 ألف مسجد" بهم 100 ألف إمام يخطبون في الناس، فإن لم يتجدّد فكر هؤلاء الأئمة فإنك لن تحصل على تجديد للخطاب الديني بشكل واقعي".
وكشف سالم عبد الجليل، في مقابلة خاصّة مع "مصر اليوم" أنّ "الخطبة الموحدة، إيجابية جدًا إذا استغلّت بشكل صحيح فأنا لست ضد الخطبة الموحدة ولست ضد كتابتها إنما ضد توحيد الخطبة توحيدًا عشوائيًا دون حسن اختيار للموضوع وضد كتابتها عشوائيًا دون حسن صياغة للموضوع، فلو تم اختيار موضوع مناسب للواقع ومناسب لظروف الناس بشكل عام يبني في الأئمة قيمًا وأخلاقًا وسلوكيات طيبة ويحضر هذا الموضوع بشكل جيد ويرسل بهِ إلى الإمام قبل الجمعة بفترة كافية ليذاكره بشكل جيّد وقتها سأضمن أن 100 ألف مسجد سيخطبون بشكل صحيح، من غير الخطبة المكتوبة أنا عندي 80% من المساجد، الخطابة فيها ضعيفة، و60% من المساجد هي التي بها أئمة مؤهلون، و40% من المساجد يخطب فيها السلفيون من غير المؤهلين".
وأوضح سالم عبد الجليل، بشأن "أزمة الطلاق" التي أثيرت أخيرًا، أنه "يجب أولاً تحديد هل هي أزمة طلاق؟ أم زواج، أم أزمة اقتصاد أخلاق تعليم.. إلخ، فنحن لم نعد الأزمات، فهي ليست واحدة، الطلاق جزء من هذه الأزمات، فلديك اليوم عنوسة من الذكور والإناث يتجاوزون الملايين، وبعض الدراسات قالت إنهم تجاوزوا الـ 9 ملايين من الذكور والإناث، فالنتيجة "أزمة زواج"، كما يوجد أزمة أخلاق أعتقد لا يختلف أحد عليها والسوشيال ميديا خير دليل على ذلك، فمجرّد الاختلاف معاك في الرأي يعطيك تصوراً لأخلاقيات الناس السيئة للغاية، لديك أزمة اقتصادية لا أحد ينكر ذلك في ناس بالفعل فقراء لا يملكون قوت يومهم ويوجد آخرون من مستوري الحال ولا يشتكون لكنهم يعانون، فالفقر موجود في مصر وليس فقط في مصر ولكن في العالم كله أو كثير من بلدان العالم، فيوجد أزمات عديدة والطلاق هو أحدها".
وأفاد عبد الجليل، أنّ المسؤولية تقع على الجميع ولا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال فليست الأوقاف معفاة ولا الأزهر، ولا التعليم ولا الإعلام يستطيعون التنصّل من المسؤولية ولا حتى الأسرة، فكلّنا مطلوب منا بذل جهد كبير في هذا الإطار والسير في خط متوازٍ وليس العكس، وبلا استثناء جميعنا مطالبون بذلك الأمر، وقتها أعتقد أنه لن نقوم بحلّ الأزمة بشكل مطلق وعندما شرع الله الطلاق كانت هناك حاجة بشرية إليه وفي حاجة إنسانية للطلاق، فلا يجب أن يختار الشاب فتاة كي يتزوجها وبعد شهر أو أكثر يرى أنه لا يستطيع أن يكمل باقي حياته معها أو العكس نتركهم يقتلون بعضهم فالطلاق في ذلك الأمر حل، فمثلما شرع الله الزواج شرع الطلاق ولكننا لم نتثقف نحو الزواج و الطلاق هذه هي الإشكالية والأزمة"، منوّهًا إلى أنّ "نسب الطلاق تسير في نفس المنوال التي كانت عليه وأصبحت في منحى سيئ جدًا، ومع ذلك تظل مصر نسبتها 40% متوسطة، فهي ليست متدنية ولا مرتفعة، فمثلا في تونس النسبة تتجاوز 65%، مع أنها دولة مقننة الطلاق، وأقامت له منظومة رسمية يسير عليها الناس هناك، أما بلجيكا فنسبة الطلاق فيها بالرغم من أنه لا يقع إلا بالمحاكم وصل إلا 71%، فالأمر ليس في توثيق الطلاق أو خلافه، ولكن في التثقيف والتوعية المستمرة والتعليم، وتحمّل الآخر، وتعليم القرآن، لأنه وضع إطارًا للطلاق، كما أن الكثير يجهل تعاليم القرآن التي قالت "عاشروهن بالمعروف"، ولا يعرفون سوى "واضربوهن"، وكأنهم لم يسمعوا عن "عاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا"، فعندما يكره الرجل زوجته فيجب عليه أن يقرأ هذه الآية وقتها يقول عسى أن تكون هي سببًا في دخولي الجنة، كما أن القرآن وضع حلولاً كثيرة للتعامل آخرها الطلاق، فقال تعالى بالوعظ أولاً، ثم الهجر ثانياً، ثالثاً الضرب غير المبرح، ثم وجود المصلحين قبل أن نلجأ إلى التفريق بينهما، فهذه الإجراءات التي قالها الله في كتابه يجب التثقيف فيها وتقطع من الأمور الشائكة بين الزوجين بنسبة كبيرة جدًا، ولكن في يومنا هذا نرى الأزواج يحلفون بأيمان الطلاق في الأمور العبثية التي لا دخل للمرأة بها، فضعف الزوج هو من يدفعه بحلف يمين الطلاق في الأمور العبثية التي تتعلق بخروجها من المنزل، ولكن يجب عليه أن يتريث لأن الأمور بين الزوج والزوجة تكون بالرضا والحب والاحترام المتبادل فيما بينهما".
وأشار عبد الجليل إلى أنّ "التوثيق لا يمثّل رادعًا ، فعندما يريد الزوج تطليق زوجته، أو تريد هي الطلاق لسبب عند الزوج، فلا يستطيع الزوج إجبارها على المعيشة، أو إكراهها بالطلاق على الإبراء أو الخلع، في هذه الحالة يكون الزوج لصا، فقد قال الله تعالى عن ذلك في كتابه "ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن"، ففعل هذا الأمر يعد سرقة، ويصبح الزوج معاقبا أمام الله، فالعقل والشرع يقولان "أنه يجب على الزوج أن يصلح من نفسه ويعتذر إلى زوجته، أو يطلّقها إن لم يستطع أن يقوم بهذه الأمور معها، فقد قال الله تعالى عن ذلك "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، فيجب عدم مساومة الزوجة في حقوقها"، ومبيّنًا أنّ "الحل في أن يأتي المشرّع ويضع قانونًا يطبق تعاليم القرآن الكريم، ولا يوجد مانع أن يزيد فيها الأمور الإجرائية العقابية والتحذيرية لمن يخالف القرآن، فالقرآن الكريم أخبرنا أن نعطي الزوجة حقها من مهور وغيرها، وعند الطلاق تأخذ حقوقها، ومن يتكاسل عنها يتم سجنه".