الخرطوم -مصر اليوم
أكد د.جبريل إبراهيم أمين عام الجبهة الثورية السودانية ورئيس حركة العدل والمساواة أن مصر تستطيع أن تلعب دوراً إيجابياً مساهماً فى استقرار السودان وتحقيق السلام به وقال إن مصر بعلاقاتها الواسعة الإقليمية والدولية تستطيع أن تساهم أيضا فى تخفيف العقوبات المفروضة على السودان وإعفاء الدين العربى عن السودان والسعى لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. وأضاف فى حوار لـ «الأخبار» أن اجتماعات الجبهة الثورية التى عقدت بمصر مؤخراً ناجحة، ولم يكن هناك تدخل من الجانب المصرى، فيما يدور فى الاجتماعات.
وأشار إلى أن هناك تحديات حقيقية، خاصة التحدى الاقتصادى، فالشعب علق آمالاً عريضة جداً ورفع سقف التوقعات من الحكومات الانتقالية، لكن من البديهى أن الحكومة لا تملك عصا سحرية لتغيير الاوضاع بل الواضح أن الأوضاع الاقتصادية لم تتحسن، بجانب تحدى السلام، فالأوضاع تدهورت بسبب الحرب، وإذا لم نفلح فى أن نصل لاتفاق سلام شامل يوقف الحروب فى كل أنحاء السودان، وتوجيه الموارد إلى التنمية والاستثمار وإعادة الانتاج، سيكون هناك مشكلة كبيرة فى الفترة القادمة.. وإلى نص الحوار:
> بداية حدثنا عن زيارتك للقاهرة؟
اقرأ أيضًا:
معتصمون سودانيون يعترضون عربة عسكرية بأجسادهم
أنا أتردد على القاهرة كمركز من المراكز المهمة فى الشرق الأوسط وفى الشأن السودانى بصورة خاصة، ونتحاور دائماً مع المسئولين فى مصر، لنطمئن أن مصر تقوم بدورها فى العملية السلمية فى السودان، ومن الأشياء التى أتت بى إلى مصر لقائى مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط.
> ماذا عن أهم ما دار خلال لقائك مع الأمين العام للجامعة العربية؟
تناقشت معه حول الشأن السودانى ودور الجامعة العربية فى عملية السلام فى السودان ودورها فى رفع العقوبات المفروضة على السودان ودور الجامعة العربية أيضا فى رفع الديون العربية على السودان.. كما تحدثنا عن دور الجامعة فى إعادة إعمار المناطق المتأثرة بالحرب، بخاصة دارفور.
> هل طلبتم من الجامعة العربية الاضطلاع بدور معين؟
نعم، كان فى السابق للجامعة العربية دور ريادى فى عملية السلام بالسودان والشعور - ربما نكون مخطئين- بأن هذا الدور تراجع قليلا، لذلك جئنا نطالب الجامعة بأن تلعب دورا أكبر بفاعلية أكثر ووجدنا استجابة كبيرة من الأخ الأمين العام للجامعة العربية.
الدور العربى
> هل مسألة دخول إثيوبيا للوساطة فى السودان تؤكد أن الدور العربى غاب الفترة الماضية عن السودان؟
لا أستطيع أن أقول إن الدور العربى غائب، فمصر قامت بمجهودات كبيرة وعقدت عدة لقاءات واجتماعات هنا للجبهة الثورية ولقوى نداء السودان، وحدث تباحث واسع فى إمكانية جمع الصف.
فالدول المتأثرة بعملية السلام فى السودان، دول الجوار الأساسية وبعض الدول العربية، وكان هناك حوار طويل دار فى هذا المجال، وأيضا كانت هناك رغبة من دولة مثل الإمارات العربية المتحدة فى أن تلعب دوراً فى عملية السلام ودعت من قبل، وبالتالى لا أستطيع أن أقول إن الدور العربى غائب، ولكن أعتقد أن قيادة الجامعة العربية للدور العربى هو الذى نحتاج النظر فيه، وننتظر أن تقوم بدور جامع لكل العرب وتتولى الأمر أكثر من ترك الأمر للدول كل على حدة.
> هل سيكون هناك مبعوث من الجامعة العربية للسودان؟
لم يتقرر بعد ما إذا كان سيتعين مبعوث للجامعة العربية أو سيعقد اجتماع، لكن واضح أن الجامعة لديها اهتمام الآن، وأتوقع أن يكون هناك مبعوث أينما كانت المحادثات، وسيكون لديها حضور فى هذه المحادثات.
> كيف ترون الدور المصرى وماذا تعولون عليها؟
مصر لديها علاقات إقليمية كبيرة ومعرفة واسعة بالسودان، ونحن الآن فى أمس الحاجة إلى سلام واستقرار فى الفترة الانتقالية للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة، ونحتاج إلى دعم اقتصادى كبير فى هذه الفترة وفى كل هذه المجالات تستطيع مصر أن تلعب فيها دوراً إيجابياً مساهماً فى استقرار السودان وتحقيق السلام فى السودان، وأيضا بعلاقاتها الواسعة الإقليمية والدولية تستطيع أن تساهم أيضاً فى تخفيف العقوبات المفروضة على السودان وإعفاء الدين العربى عن السودان.. وأيضاً مصر لديها علاقات كبيرة بأمريكا وأوروبا يمكن أن تساهم أو تسعى لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهذا سيفتح أبوابا واسعة للسودان للتعامل مع المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.
> ماذا عن اجتماعات الجبهة الثورية التى عقدت فى مصر؟
كانت اجتماعات ناجحة، ولم يكن هناك تدخل من الجانب المصرى، فيما يدور فى الاجتماعات، أغلب الوقت كان متروكاً للجانب السودانى أطراف الجبهة الثورية وأطراف نداء السودان للتناقش لتحديد رؤيتهم بصورة دقيقة والأمر كان متروكاً للسودانيين والحمد لله استطاعوا أن يبلوروا رؤيتهم لعملية السلام عبر الفرص التى اتيحت هنا فى مصر.
الوضع السياسى
> كيف ترى الوضع السياسى فى السودان الآن؟
الوضع حتى الآن، رغم أن الشعب متفائل إلا أن هناك تحديات حقيقية، فهنالك التحدى الاقتصادى، الشعب علق آمالا عريضة جداً ورفع سقف التوقعات من الحكومات الانتقالية، لكن من البديهى أن الحكومة لا تملك عصا سحرية لتغيير الأوضاع بل الواضح أن الأوضاع الاقتصادية لم تتحسن، إنما ساءت الأوضاع المعيشية فى البلاد، وهذا يضع الحكومة أمام تحد حقيقى لأن نفس الشارع الذى خرج وأسقط النظام السابق قد يخرج لو جاع لإسقاط الحكومة الانتقالية، فالآن تحد كبير، وليس أمام الحكومة أيضاً مصادر للموارد تستطيع بها حل الأشكال بصورة عاجلة، وما لم يأت الأصدقاء والأشقاء للوقوف إلى صف الحكومة وإلى صف السودان، نخشى من وضع لايحمد عقباه.
وهناك أيضا تحدى السلام، فالأوضاع تدهورت بسبب الحرب، وإذا لم نفلح فى أن نصل لاتفاق سلام شامل يوقف الحروب فى كل أنحاء السودان، وبها توجيه الموارد إلى التنمية والاستثمار وإعادة الانتاج، سيكون هناك مشكلة كبيرة فى الفترة القادمة.
السودان يواجه جهداً لإعادة العلاقات مع المجتمع الدولى والإقليمى، وهناك العقوبات المفروضة ووضع السودان فى قائمة الدول الراعية للإرهاب وما لم نتجاوز هذه العقبة ستكون المشكلة كبيرة وستعوق أية محاولات لعودة السودان للنادى الدولى كشخصية اعتبارية كاملة وبالصداقات الكاملة وبالانتفاع بالفرص التى يمكن أن تتاح عبر المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، فهناك تحديات حقيقية، وهناك شعور عند الشعب بأن الحكومة حتى الآن لم تشتغل بالقدر الكافى بمعاناة المواطن، بقدر ما هى اشتغلت ببعض الأشياء التى لا يظن الشعب بأنها أولويات، لذلك نحن نعتقد بأن الحكومة بحاجة إلى مراجعة سيرها وإعادة ترتيب أولوياتها بحيث تجعل من أمر السلام أولوية ورفع المعاناة المعيشية عن المواطن أولوية.
المجلس التشريعى
> هل هناك خلاف بينكم وبين الحكومة حول تشكيل المجلس التشريعى؟
هناك اتفاق بيننا وبين السلطات الانتقالية فى السودان بألا يتم تعيين المجلس التشريعى، وليس المجلس التشريعى فقط، وأيضاً بألا يتم تعيين حكام الولايات قبل الوصول لاتفاق السلام، والاتفاق هذا تالٍ لاتفاق الوثيقة الدستورية، بمعنى بعلم الحكومة السودانية، وبعلم السلطات الانتقالية والحكومة أقرت وقبلت تأجيل تعيين المجلس التشريعى وحكام الولايات إلى ما بعد تحقيق السلام، فالنكوص عما تم الاتفاق عليه، بالتأكيد ليس من مصلحة العملية السلمية ككل وسيخدش فى الثقة التى سعى الأطراف لبنائها، فعنصر الثقة عنصر أساسى فى عملية السلام ولو فقدنا الثقة، فقدنا فرصا كبيرة لتحقيق السلام.
لذلك أرى أن تلتزم السلطات الانتقالية، بما تم الاتفاق عليه فى إعلان جوبا وتمضى فى هذا السبيل إلى أن نصل لاتفاق سلام ونتفرغ جميعا لاتفاق السلام فى أسرع وقت ممكن، ثم بعد ذلك معا سنعين المجلس التشريعي، وحكام الولايات ونعيد ترتيب البلد بصورة تجعل إدارة البلد أشمل وتجعل من الجميع شركاء فى إدارة الفترة الانتقالية.
> هل تتوقع موعدا معينا لتحقيق اتفاق السلام ؟ وماهى العقبات التى تواجه اتمام الاتفاق؟
فى إعلان جوبا وضع الناس موعداً لإنهاء المفاوضات هو 14 ديسمبر القادم، ربما هو تعبير وانعكاس عن رغبة الأطراف فى السعى سعيا حثيثا للوصول إلى اتفاق السلام، لكن من الناحية العملية، قد يكون من الصعب انجاز المطلوب فى الموعد المحدد.
أنا لا أتوقع أن يأخذ اتفاق السلام وقتاً طويلا، صحيح من أكبر العراقيل التى واجهناها أنه لم يكن هناك اتفاق على منبر محدد يستضيف المحادثات، ولم تكن هناك أيضاً رؤية واضحة، من يقود هذه المحادثات كجهة وسيطة مفوضة من المحيط الإقليمى والدولى، وقد كانت هناك دعوات من هنا وهناك لاستضافة المفاوضات، والتقرير فى هذا الأمر أخذ بعض الوقت.
أخيرا دولة جنوب السودان بادرت، ووجهت الدعوة لإجراء المحادثات عندها، وبدأت المحادثات ولو بصورة شكلية فى دولة جنوب السودان، ولا أدرى إن كانت ستستمر كلها هناك أو ستستمر جزئيا فى جوبا.
الآن على الأقل هناك منبر، برغم ما يشوب هذا المنبر من بعض النواقص اللوجستية وغيرها، وأعتقد الآن الطريق سالك لمحادثات جادة لو رغبت.
وأنا أعتقد أن الإرادة السياسية أيضاً متوفرة لدى الأطراف المعارضة المسلحة منها وغير المسلحة ولدى السلطات الانتقالية، الذين يقفون خلف السلطات الانتقالية ربما لهم رأى فى مسألة السلام، ربما لا يتعجلون أمر السلام، لكن رئيس الوزراء يضع أمر السلام كألوية قصوى، وإخوانه فى المجلس السيادى وبخاصة الجانب العسكرى والمدنى يرغبون فى تحقيق السلام ويسعون بجدية لتحقيقه، لذلك هذه الفرصة يجب أن نغتنمها جميعا، لأنها قد لا تتكرر مرة أخرى، كون الأطراف كلها جادة وراغبة وعندها الإرادة السياسية لتحقيق السلام.
اتفاق السلام
> هل فى اتفاق السلام ستنضم الحركات المسلحة للمؤسسات الرسمية أم ستسلم سلاحها؟
الحركات المسلحة من المفترض عندما تصل لاتفاق سلام تكون جزءا من المؤسسات الانتقالية وتتحول إلى أحزاب سياسية، سواء كتحالف متكامل، الجبهة الثورية نفسها ككل تتحول إلى حزب سياسى أو كل حركة تتحول إلى حزب سياسى أو تنضم لحزب سياسى آخر، هذا أمر متروك ومفتوح لكل هذه التنظيمات.
لكن بالتأكيد بعد الفترة الانتقالية، سيكون الوضع السياسى، سيحدث ترتيب وإعادة دمج الجنود فى القوات المسلحة السودانية، ولن تكون هناك قوات تابعة لأى تنظيم آخر، سيكون هناك جيش سودانى واحد وجهاز للأمن الوطنى واحد وجهاز مخابرات واحد وشرطة قومية موحدة، وبالتالى كل هذه القوات الآن موجودة تحت قيادة الحركات المسلحة ستدمج أو تسرح، حسب رأى الأفراد أنفسهم، قد لايريدون البقاء فى السلك العسكرى، بالتالى تقدر استحقاقاتهم، ثم يسرحون، وبعضهم قد يفضل الذهاب للسلك المدنى أكثر من العسكرى، لكن من المؤكد أنه لن يكون هناك أكثر من جيش وطنى واحد، وكل الأجهزة ستكون قومية والحركات المسلحة ستتحول إلى تنظيمات سياسية وتخوض معركة الانتخابات كغيرها من الأحزاب السياسية.
> ماذا عن علاقاتكم مع دولة جنوب السودان؟
العلاقات مع دولة جنوب السودان طيبة، أولا هم أشقاء، نحن شعب واحد فى دولتين، ربما الصراع السياسى هو الذى أدى إلى الانفصال، لكن الوجدان واحد والقضية واحدة، شعبنا فى جنوب السودان هم أكثر الناس فهما بقضية السودان، بحكم أنهم قاتلوا من أجل نفس هذه القضايا لعقود، واضطروا فى النهاية للمطالبة بتقرير المصير ووصلنا للنتيجة التى وصلنا إليها، فبيننا وبينهم حدود مشتركة طويلة تصل إلى 1800 كم، ويعيش على جانب هذه الحدود أكثر من 10 ملايين شخص، يتبادلون المنافع باستمرار، لذلك دولة جنوب السودان من أقرب الدول إلى السودان وأكثرها تمازجا مع الشعب السودانى، ولا نشعر بهذه الفروقات السياسية الموجودة بيننا، إنما نشعر أننا شعب واحد تحت إدارتين سياسيتين مختلفتين.
> هل سيكون هناك دور للنظام السابق؟
بالتأكيد لن يكون للنظام السابق كنظام أى دور فى المستقبل، لكن الأفراد، حتى الحزب السياسى الحاكم «حزب المؤتمر الوطنى» بعد فترة معلومة للحظر، كعقوبة، وكفرصة لمراجعة المواقف وإعادة ترتيب النفس، ستكون له الحرية فى ممارسة العمل السياسي، فالشعارات الأساسية فى الثورة السودانية «حرية - سلام - عدالة» فالذين أجرموا يحاكمون أما بقية الذين لم تثبت عليهم أى جرائم من حقهم أن يعيشون أحرارا يمارسون السياسة مثلهم مثل غيرهم، هذه حقوق دستورية لا يستطيع أحد أن يحرمها من أحد وإلا لرجعنا للديكتاتورية نفسها.
أنا أعتقد أنه لن يكون هناك نظام إنقاذ حاكم، لكن الحزب الحاكم أو عضوية الحزب الحاكم من حقهم بعد فترة أن يمارسوا السياسة عبر مظلة جديدة أو المظلة القديمة، هذه حريات متاحة لا يستطيع أحد أن يمنعها.
قرار الشعب
> هناك من يطالب بتقديم الرئيس السابق البشير للمحكمة الجنائية الدولية كيف ترى ذلك؟
بالنسبة لتسليم الرئيس السابق عمر البشير، هناك من يرى فى السودان أنه وفاء للضحايا وخوفاً من غياب نظام قضائى قادر على محاكمة قيادات كبيرة سابقة فى السودان يرون ضرورة تسليم الرئيس والمطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية مباشرة للمحكمة الجنائية الدولية، وهذا الرأى له مبررات ووجاهة واضحة ومفهومة.
وهناك من يرى أن التعجل فى تسليم الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية، ضياع لفرصة محاكمته، وبالتالى محاكمة نظام الانقاذ عبر محاكمة الرئيس السابق فى قضايا الفساد والمال والفساد الإدارى وجرائم مختلفة ارتكبت، بخلاف الجرائم التى سيحاكم عليها فى المحكمة الجنائية الدولية، فالبعض يقترح تأجيل تسليمه إلى حين محاكمته فى القضايا التى لن تحاكم فيها الجنائية الدولية، أى يحاكم سياسيا فى السودان، ثم بعد ذلك يسلم للمحكمة الجنائية ليحاكم فى الجرائم التى ارتكبها، ووجهة النظر هذه أيضاً لديها قدر من الوجاهة وفى النهاية القرار قرار الشعب وقرار الذين يمثلون الشعب، إن تم تسليمه «فبها ونعمت» وإن لم يتم تسليمه بالفهم الثانى أيضاً سيحاكم فى السودان، إذا توافرت الإرادة والمحاكم الراغبة والقادرة على محاكمته على الجرائم التى ارتكبها.
> هل ستحصلون على مناصب للجبهة الثورية كشريك فى الحكم، وهل هناك مخاوف من فكرة نظام المحاصصة فى السلطة ؟
أنا لست ضد فكرة مشاركة القوى والأحزاب السياسية فى الحكم، المواقع السياسية المتقدمة مثل الوزارات ومجلس السيادة، هذه ليست مواقع للتكنوقراط أصلاً، هى مواقع سياسية بطبعها ومن الطبيعى أن يأتى إليها أشخاص لهم رؤى سياسية وبرامج سياسية، ويستطيعون طرح رؤاهم بصورة واضحة ويستطيعون إحداث التغيير المطلوب.
أما التكنوقراط فمهمتهم الأساسية مساعدة هؤلاء فى تنفيذ البرامج التى يطرحونها وليس فى صناعة البرامج نفسها، فالعمل السياسى ليس عملا فنيا، العمل السياسى يبقى عملا سياسيا ومهمة السياسيين.
لذلك أرفض مبدأ أن البلد يحكم بالتكنوقراط، لو جئنا للتكنوقراط الذين كسبوا خبرات كبيرة خلال الـ30 عاما الماضية، هم جماعة المؤتمر الوطنى فى غالبهم، بالتالى فكرة التكنوقراط ستأتى بقيادات من المؤتمر الوطنى لحكم البلاد وهذا مرفوض.
وإذا رفضت التكنوقراط القادمين من المؤتمر الوطنى، ستأتى بأشخاص لن يكونوا فى السودان لفترات طويلة، أبعدوا للصالح العام أو لأى سبب آخر وعاشوا فى الغربة لفترات طويلة، وهؤلاء قد يكونون كسبوا خبرات مهمة فى الخارج، لكن أيضا يفتقرون إلى معايشة لصيقة للمواطن لفترة طويلة، وبالتالى قد يعجزون عن توفير الحلول المناسبة لقضايا المواطن السودانى، وأنا أعتقد بالتالى الخيار الأمثل أن يقوم السياسيون بهذا الدور وقيادات الجبهة الثورية سياسيون ومن الطبيعى جدا أن يشاركوا فى مؤسسات الحكم كلها فى الفترة الانتقالية ويشاركوا أيضا فى الانتخابات القادمة، ولا أرى حرجاً فى ذلك وفى النهاية للجبهة الثورية رؤية وللتنظيمات لكل تنظيم رؤية وهم أولى بتنفيذ رؤاهم وتنفيذ ما يأتى فى اتفاق السلام كطرف للاشراف على تنفيذ اتفاق السلام، وبالتالى مشاركتهم ضرورية.
تحقيق الاستقرار
> ماهى الرسالة التى تريد توجيهها فى نهاية الحوار وإلى من؟
نتوقع أن تقوم مصر بدور أكبر وفاعل فى عملية السلام فى السودان، لأن عملية السلام فى السودان تهم الامن القومى المصرى فاستقرار السودان من استقرار مصر، وبالتالى لن يكون فضلاً لو قامت مصر بأى دور وساهمت فى تحقيق السلام والاستقرار فى السودان، باستخدام ما لديها من علاقات إقليمية ودولية مهمة للغاية.
رسالتنا الثانية لقوى الحرية والتغيير، نقول إنه من الضرورى أن تتسع الصدور لمشاركة فاعلة لكافة القوى السياسية السودانية فى الفترة الانتقالية لتحقيق الاستقرار، لانجاز التحول الديمقراطى المطلوب فى هذه الفترة وأى مسعى لاحتكار السلطة واعتبار أن السلطة غنيمة يجب أن يحتفظ بها طرف من الأطراف أعتقد أن هذه ستضيع فرصا كبيرة لأهل السودان، فرص سلام، فرص استقرار ومساهمات من القوى السياسية، وأهم من كل هذه فرصة وفاق وطنى عام.
أما رسالتنا الثالثة للحكومة أو السلطات الانتقالية فى السودان أن ترتيب الأولويات مهم حتى لا يفقد الشعب الثقة فيهم، فمن الضرورى جدا أن يعيدوا ترتيب الأولويات مرة أخرى ويتحكموا فى تصريحاتهم ويتم إعطاء وقت أطول وأكبر لهذه الأولويات، بدلا من الانشغال بأمور قد تكون مهمة، لكن من حيث ترتيب الوقت ليست فى رأس القائمة.
أخيرا أقول لإخواننا فى قوى الحرية والتغيير والحكومة إن تبديل تمكين بتمكين وايدلوجيا بايدلوجيا لن يحل مشكلة السودان، بالتالى الناس فى حاجة إلى التريث لمعالجة الوضع لأن عند أهل الهامش أن الذين يبدلون الوجوه هى نفس الوجوه، قد تكون بايدلوجيات مختلفة، لكنهم أنفسهم أهل المركز يقررون فى أنفسهم ويبقى الهامش مهمشا وهذا لن يؤدى إلى استقرار السودان ولا حل المشكلة السودانية الحقيقية، لذلك ننصح الذين يقومون الآن بتفكيك الدولة السودانية بألا يعالجوا المشكلة بأخرى والا يعالجوا التمكين بتمكين آخر ايدلوجى مماثل للتمكين السابق.
قد يهمك أيضًا:
المجلس العسكري في السودان يحذر المحتجين من إغلاق الطرق
جبران باسيل يُحذّر من تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان