صنعاء ـ عبدالعزيز المعرس
اعتبر السفير اليمني السابق لدى سورية عبد الوهاب طواف أنّّ المشهد السياسي اليمني قاتم، وغير واضح الرؤية والمعالم، مشيرًا إلى أن اليمن وصل إلى مفترق طرق، إما التعافي أو الانهيار التام. وأوضح مستشار اللواء علي محسن الأحمر السابق، في حديث إلى "مصر اليوم"، بشأن اتساع نطاق التدهور الأمني في اليمن، على الرغم من التسوية السياسية، التي تمخضت عنها المبادرة الخليجية، أنَّ "المبادرة الخليجية قدمت نصوصًا إيجابية لإخراج اليمن من أزمته، وفعلاً ساعدت اليمن كثيراً، إلا أن هناك أطراف سياسية فاعلة على الساحة السياسية تصنع العراقيل، وتزرع اللألغام في طريق أي حلول، وهناك قوى أجنبية تعمل بكل جهدها على ضرب وحدة وأمن واستقرار اليمن، حتى تقدر أن تنفذ أجندتها في المنطقة"، مشيرًا إلى أنَّ "هناك سوء إدارة من حكام اليمن، كما أن المناكفات السياسية والصراع على السلطة ثبط كل جهد إيجابي لحلحلة الأمور". واعتبر طواف أنَّ "من وراء هذا التدهور الأمني، على الرغم من تشكيل حكومة وفاق وطني من جميع الأحزاب، هو من خرج من السلطة، ويسعى إلى العودة إليها، ومن هو في السلطة ويعمل على الاستمرار فيها، ومن هو خارج الحلبة ويريد الدخول، إضافة لجهات إجنبية لا تريد لليمن الاستقرار". وعن ما إذا كان الحكم الجديد عاجز عن التعامل مع التحديات الجسيمة، أكّد أنَّ "الحكم الجديد ليس عاجزاً، ولكن غير جاد من جهة، ومن جهة أخرى، أسهمت المحاصصة الحزبية للمناصب إلى ضعف مؤسسات الدولة، واستشراء الفساد وتوسعه، لأن ولاء من وصلوا إلى السلطة، بعد 2011، لم يكن لليمن، وإنما لأنفسهم ولأحزابهم". وأشار إلى أنَّ "تجربة من وصلوا إلى الحكم لم تكن كما يجب، فضلاً عن قيام الرئيس هادي بتسليم كل مناصب اليمن الهامة والحساسة لأقاربه وعشيرته فقط، وإنعزاله عن النخب السياسية، وترك الأوضاع تتجه إلى الانهيار، دون أن يتخذ قرارات حازمة وحاسمة، من شأنها توقيف الانهيار في مؤسسات الدولة"، معتبرًا أنَّ "الرئيس والحكومة لم يكونا جادين في محاربة الفساد، واستئصال بؤره، بل تضاعف بفعل من ترك من الفاسدين من النظام السابق، ومن أنضم إلى قائمة الفاسدين، ممن عينهم الرئيس هادي، والأحزاب المشاركة في السلطة". وبيّن أنَّ "هناك شلل تام في كل أجهزة الدولة، ويتحمل مسؤولية ذلك الرئيس والحكومة، فهم لم يعملوا على اتخاذ أية قرارات قوية، من شأنها وقف إنهيار مؤسسات الدولة، كما أن قضية الجنوب، التي وصلنا إلى قناعة تامة إنها كذبة جنوبية غرضها الابتزاز والتكسب المالي والسياسي، حيث استنزفت هذه القضية ثروات اليمن في المراضاة لأخواننا في الجنوب، وتوجيه ثلثي ميزانية اليمن لتنمية الجنوب، وترك الشمال يعيش في حالة بؤس وشقاء، أي أن هناك تعامل غير عادل بين الشمال والجنوب، أشعر المواطن الشمالي بالغبن والضيم، جراء إدارة هادي وقيادات الدولة الجنوبيين، لاسيما بعد أن عمل الحراك الجنوبي على طرد كل أبناء الشمال من الجنوب، وفي الوقت نفسه الجنوبيين هم حكام اليمن". وبشأن تواصل قيادات "مؤتمرية" مع اللواء علي محسن الأحمر، أكّد الطواف أنه لم يعد مستشارًا للواء، وأشار إلى أنَّ "اللواء علي محسن له ثقل سياسي وشعبي في اليمن، ويمتلك قاعدة صداقات وعلاقات اجتماعية راسخة وقوية في المجتمع اليمني، وبالتالي يتواصل مع الجميع بصورة دائمة، ولا مشكلة شخصية لديه في التواصل مع النخب السياسية في اليمن، بمشاربهم وإنتماءاتهم كافة، ولم يكن هناك إنقطاع في التواصل بين اللواء علي محسن وقيادات مؤتمرية، حتى إبان الثورة الشبابية السلمية في 2011، فكثير من قيادات المؤتمر تحرص على استمرار علاقتها مع اللواء الأحمر". واعتبر الطواف أنَّ التقاسم في الحكومة والبرلمان بين الشمال والجنوب "غير عادل، فكيف يمثل ما نسبته ربع سكان اليمن بالنصف في الحكومة والبرلمان والخدمات، الجنوبيين هم ربع سكان اليمن، والشماليين ثلاثة أرباع، وهذه المعادلة الجديدة ستدخل اليمن في نفق مظلم أخر، وتلك المحاصصة ستقضي على ما تبقى من مؤسسات الدولة، وسندخل في مرحلة نهب وسلب وأهدار لإمكانات الدولة، بصورة شرعية وممنهجة، كما كانت قبل عام 1994". ولفت إلى أن "الجنوبيين يحكمون كل الجنوب، وبيدهم 90% من حكم مؤسسات اليمن، وهم 60% من مؤتمر الحوار، إلا أنهم لازالوا غير راضيين عن أي شيء، وقناعتي أن الجنوبيين لن يرضيهم لا الوحدة، ولا الإنفصال، ولا المناصفة في المناصفة، ولا تقسيم اليمن إلى إقليمين جنوبي وشمالي، ولن يرضيهم أن يكون الجنوب لهم، والشمال للجميع، ولن يرضوا بوحدة عادلة، ولا إنفصال عاجل أو آجل، ولن يرضيهم شيء، ولذا نحن نعيش حالة لا استقرار بسبب الجنوبيين، وحروبهم السابقة للوحدة، وصراعهم الراهن على السلطة، والثروة، ومن يحكم الجنوب، وسنظل متـأثرين بمشاكلهم، وهمومهم، وصراعاتهم، السابقة والراهنة والمستقبلية، والضحية الشمال وأبناءه". وأوضح الطواف أنه "إذا لم نسارع في الفكاك منهم، سنصبح مثل المتعلق بالغريق، الذي سيجرك معه إلى القعر، والوسيلة الناجعة لما نحن فيه ترك الجنوبيين يغادروا الشمال إلى الجنوب، ليشكلوا دولتهم الواحدة على حدود 21 أيار/مايو 1990، أو يشكلوا دولة حضرموت، ودولة الجنوب العربي، والأهم أننا نقطع شر مستطير، وستأتي الأجيال المقبلة لتعيد وحدة اليمن، بأسس صحيحة وعادلة وسيتلافوا ترك الجنوبيين يمارسوا على أبناء الشمال الإبتزاز باسم الجنوب، وأقولها بصراحة، صارت قناعة راسخة عند أبناء الشمال وتزداد يوماً بعد أخر في أن الإنفصال هو الحل الأنسب للتخلص من الجنوبيين، ومشاكلهم، وإبتزازهم، وممارساتهم الغربية، واللاأخلاقية". وبشأن الاتهام الموجه له باذكاء "المناطقية"، وتعميق الشرخ في الهوية الوطنية عبر تبني "الحراك الشمالي"، أكّد الطواف أنَّ "الحراك الشمالي كان نتيجة منطقية لما وصل إليه اليمن من انهيار وابتزاز ونهب وسلب وظلم وإقصاء، وطرد لأبناء الشمال من مناصبهم في صنعاء، من طرف الجنوبيين، وإحلال جنوبيين عوضًا عنهم، وطرد كل شمالي من الجنوب، ولازالوا يتهموننا بالاحتلال لهم، ولذا كان لزاماً علينا وقف ابتزازهم، وجعل القضية الجنوبية، أو الكذبة الجنوبية، منصة إبتزاز وإفقار للشمال، وبالتالي هم العنصريين، ومن عمل ويعمل على ممارسة العنصرية والتدمير الممنهج لإمكانات الشمال، وإقصاء وطرد رجاله". عن ما تناقلته مصادر بشأن اتفاق بين الرئيس صالح واللواء علي محسن، ضد الرئيس هادي، حتى لا يتم التمديد لفترة انتقالية ثانية، نفى الطواف صحة هذه المعلومات، مؤكّدًأ أن "علاقة اللواء علي محسن مع الرئيس هادي علاقة قوية، واللواء مع التمديد للرئيس لما في ذلك من مصلحة لليمن، رغم أن قناعاتي الشخصية أن التمديد فيه خطر عظيم على اليمن، وكل له قناعته وحساباته وتحليله". وأشار إلى أن "الأمور لم تتضح حتى الآن بشأن التمديد، والبديل هو المسارعة في إنهاء مؤتمر الحوار، والبدء بإجراءات إعداد الدستور، والمسارعة في إنجازه، ومن ثم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، وهذه الإجراءات ستحتاج إلى تمديد فترة الرئيس لشهور عدة، حتى الانتهاء من الفترات الزمنية القانونية لإقرار الدستور وإجراء الانتخابات". وختم السفير اليمني السابق لدى سورية عبدالوهاب الطواف حديثه إلى "مصر اليوم"، بالإشارة إلى وجود أطراف محلية و خارجية تعمل زعزعة أمن واستقرار اليمن، حتى تعيق عملية التسوية السياسية، معتبرًا أنها كثيرة ، حيث نعيش صراعاً دموياً على السلطة، بأطراف غير واضحة في المشهد السياسي، وحروب واغتيالات ونهب وسلب لمؤسسات الدولة، وإضعاف تلك المؤسسات، بصورة ممنهجة ومخططة، كما أن هناك من يدعم مخربين لتفجير أنابيب النفط والغاز، وضرب خطوط الطاقة، بغية خلق حالة يأس وإحباط لدى المواطن، وحرمان خزينة الدولة من العائدات المالية التي بموجبها تقدر أن تقوم بأعمالها".