نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق ، والفقيه الدستوري ، الدكتور يحيى الجمل

أكد نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق ، والفقيه الدستوري ، الدكتور يحيى الجمل ، أن الجميع تنبأ بحدوث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني قبل اندلاعها بشهور ، إلا الرئيس حسني مبارك وأسرته هم فقط لم يتنبأوا بحدوثها ، فالمطّلع على الأوضاع التي شهدتها البلاد آنذاك ، كان يدرك جيداً مدى خطورة الأوضاع وما ستؤول إليه ، من تدن في الأوضاع المعيشية والاقتصادية ، وانفلات أصاب المجتمع ، وانتشار الفساد داخل مؤسسات الدولة ، وزجّ المال بالسلطة ، وسيطرة الأجهزة الأمنية على الشارع ، وخنقها للمواطنين ، ضف إلى ذالك ، سيطرة الحزب الحاكم آنذاك على الحياة السياسية ، وانفراده بالمشهد السياسي وبصناعة  القرار ، حتى أتت انتخابات برلمان 2010 ، والتي دقت ناقوس الخطر حول ما ستؤول إليه البلاد خلال السنوات المقبلة ، بعد أن سيطر رجال الحزب الوطني المنحل على البرلمان ، وقلصوا دور المعارضة من خلال التزوير الفجّ الذي شهدته العملية الانتخابية ، وتدخل واضح من جانب الأجهزة الأمنية .
  
وأضاف نائب رئيس الوزراء الأسبق ، الدكتور يحيى الجمل ، في حديث مع " مصر اليوم " : كل ذلك كان بمثابة مؤشر خطر على الأوضاع في مصر لم يلتفت إليها الرئيس مبارك برغبة من أسرته والمحيطين به  وعلى رأسهم رئيس ديوان رئيس الجمهورية آنذك ، زكريا عزمي ، وأمين التنظيم في الحرب الوطني ، رجل الأعمال أحمد عز ، ورئيس مجلس الشورى ، السيد صفوت الشريف ، مشيراً إلى أن الرئيس الأسبق حسني مبارك خلال السنوات الثلاثة الأخيرة من حكمه ، كان بعيداً تماماً عما يجري داخل البلاد ، وترك المسؤولية لنجله جمال مبارك ، ورجال الحزب الوطني ، وللأجهزة الأمنية ، وتفرغ هو للأحفاد.
 
وتابع الدكتور يحيى الجمل : الجهة الوحيدة في الدولة التي كانت تدرك مدى خطورة الأوضاع ، هي المؤسسة العسكرية بقيادة المشير حسين طنطاوي ، الذي أبدى معارضته لعشرات القرارات الخاطئة التي اتخذتها الحكومة ومنها بيع القطاع العام ، وسيطرة رجال الأعمال على أراضي الدولة ، وتقليص دور المعارضة ، مبيناً أنه حّذر كثيراً من خطورة الأوضاع ، إلا أن الرئيس مبارك لم يلتفت إلى هذه التقارير ، وكان يستمع إلى المقربيين منه فقط دون غيرهم ، الذين أوهموا اليه أن من السهل الدفع بنجله جمال مبارك في الانتخابات الرئاسية ، للوصول إلى الحكم ، وهو أمر كان سيرفضه الجيش وسيعارضه ، حتى حدثت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 ، التي وضعت حداً للانهيار الذي أصاب الدولة آنذاك .
 
وأوضح " الجمل " ، أن جماعة الإخوان المحظورة ، نسبت الثورة لنفسها ، بعد أن توهمت أن معارضتها لنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك ، هي سبب رئيسي في اندلاع الثورة ، لذا كان السقوط مبكراً حليفها ، والذي كانت أولى بوادره ، حرصها على السيطرة على أول برلمان تشهده مصر بعد الثورة ، وتناست أن الشعب خرج في مظاهرات عارمة تنديداً على سيطرة الحزب الوطني على برلمان 2010 ، تلاها رغبتها في التفرد بكتابة الدستور المصري ، ووضع نصوصه بما يخدم أهدافها ومصالحها ، وصولاً إلى رغبتها في أخونة مؤسسات الدولة بعد وصولها إلى حكم البلاد . واستبعد  الجمل ، أن يكون لجماعة الإخوان المحظورة ، أن تعود مجدداً إلى المشهد السياسي في المستقبل ، مبيناً أن الأوضاع في مصر تختلف جذرياً عن الوضع في تركيا، فالشعب لن يسمح لأحد مجدداً أن يتخذ من "الدين" وسيلةً للتحقيق أطماعه.
 
وأشاد " الجمل " ، بالرئيس عبدالفتاح السيسي ، وبحجم المشروعات الاقتصادية العملاقة التي تنفذها الدولة ، محذراً في الوقت ذاته ، من تكرار نفس الأحداث التي شهدتها البلاد خلال حكم الرئيس الأسبق مبارك ، ومنها زيادة حوادث اعتداء الشرطة على المواطنين ، وتخوين المعارضين ، قائلاً : أعلم جيداً أن الرئيس السيسي خلاف سابقيه يمد يده إلى الجميع ، وهذا هو السبب الرئيس لرفضه لمقترحات البعض بتدشين حزب سياسي يكون داعماً له ، وكان رده في كل مرة " أنا رئيس لكل المصريين " ، كما أنه يعمل جاهداً من أجل النهوض بالبلاد ، غيرأن ما نراه مساء كل يوم ، من هجوم وسائل الإعلام على المعارضين ، ووصفهم بالخونة والعملاء ، على الرغم من كونهم شركاء في ثورة 30 يونيه /حزيران ، هذا الأمر لن يقبل به أحد ، ولا الرئيس نفسه ، الذي حّذر أكثر من مرة من غياب المهنية لدى وسائل الإعلام . واستطرد " الجمل" ، أن الرئيس السيسي حريص على ألا يكون هناك شخص واحد موجود في السجن دون سند قانوني ، وهو أمر يحسب له ، فالدولة لست في حاجة إلى عداوة أو خصومة مع ابنائها