مدريد - مصر اليوم
رحل البرتغالي كريستيانو رونالدو عن نادي ريال مدريد الإسباني، بعد أن أصبح أحد أساطيرهـ محققًا الفوز بأربعة ألقاب في بطولة دوري أبطال أوروبا والعديد من الأرقام القياسية، ولكن هذا التألق الكبير داخل الملاعب لم يكن له مردود مماثل على علاقة هذا العالمي مع إدارة النادي الملكي.
وسيلعب النجم البرتغالي، 33 عاما، أحد أفضل لاعبي كرة القدم عبر التاريخ، بدءا من الموسم المقبل بين صفوف نادي يوفنتوس الإيطالي بعد أن طلب بنفسه الرحيل عن ريال مدريد، وقال في بيان له نشره "الملكي" على موقعه الإلكتروني على الانترنت أمس الثلاثاء "ريال مدريد احتل قلبي وقلب عائلتي ولهذا أرغب، قبل أي شيء، في أن أقول: شكرا للنادي وللرئيس وللمديرين ولزملائي ولجميع المدربين والأطباء والأخصائيين والعمال المذهلين الذين ساهموا في دفع الأمور إلى الأمام وكانوا يراعون كل التفاصيل بلا كلل".
وأعرب رونالدو عن شكره العميق لفلورينتيو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد، الذي يُعرف عنه أنه يحصل على كل ما يريد والذي يتمتع بالواقعية والمرونة، أو هو "الشخصية الرفيعة" كما وصفه اللاعب الإسباني السابق ومدير العلاقات المؤسسية في ريال مدريد حاليا، ايميلو بورتراغونيو.
ومن المعروف أيضا أن كريستيانو رونالدو يتمتع بمميزات شخصية مماثلة، حيث لا يتنازل عن اعتبار نفسه أفضل لاعب كرة قدم في العالم، الأمر الذي جعله يصل إلى درجة كبيرة من الغرور، فيما لم تكن العلاقة بين الطرفين مثالية على الإطلاق، وهو ما دللت عليه السنوات الماضية بشكل واضح.
وانتقل رونالدو إلى ريال مدريد في 2009، وذلك بعد عودة فلورينتينو بيريز مباشرة إلى رئاسة النادي الملكي، ولكن طبقا لما ذكرته وسائل الإعلام الإسبانية كان رامون كالديرون الرئيس السابق للنادي هو من عقد هذه الصفقة، ولم يرق لبيريز آنذاك دفع 96 مليون يورو لمانشستر يونايتد الإنجليزي للحصول على خدمات رونالدو، ولكنه قبل بغصة في الحلق بالتوقيع على عقود هذه الصفقة التي كانت آنذاك الأغلى في تاريخ كرة القدم.
وتفجرت الأزمة الأولى بين الرجلين في سبتمبر/أيلول 2012، وذلك عندما قال رونالدو "قد أكون حزينا بعض الشيء، في الإدارة يعرفون هذا"، وجاءت التصريحات تلك بعد مباراة عزف خلالها عن الاحتفال بأهدافه، والحزن الذي تحدث عنه "الدون" يمكن اعتباره مرادفا لرغبته في زيادة الراتب والحصول على المزيد من الأموال، وطبقا لما نشرته صحيفة "أس" الإسبانية في ذلك الوقت، رد بيريز على النجم البرتغالي قائلا "إذا كنت سترحل فأجلب الأموال التي يمكننا أن نشتري بها ميسي".
وفي العالم التالي وقّع رونالدو على عقد جديد تضمن زيادة في راتبه، ولكن هذا لم يمنع من تفجر أزمات جديدة بينه وبين الإدارة، ففي سبتمبر/أيلول من العام 2014 عندما فاز بأول لقب له في دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد، أعرب عن امتعاضه من الصفقات التي يبرمها النادي ومن كم الإصابات الكبيرة التي ضربت صفوف الفريق في ذلك الموسم.
وقال رونالدو "لو كنت أدير أنا الأمر لم أكن لأتصرف بهذا الشكل، كل شخص له رأيه وهو حر في أن يقول ما يحلو له، إذا كان الرئيس يرى أنه من الأفضل للفريق أن يتعاقد مع لاعبين جدد وترك آخرين يرحلون، فعلينا أن نحترم هذا ونساند القرار".
وفي نهاية ذلك الموسم، أطاح بيريز بالمدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، على عكس رغبة اللاعبين الكبار في ريال مدريد، ليأتي بعد ذلك الإسباني رافا بينتيز الذي لم تكن تجمعه برونالدو علاقة طيبة على الإطلاق، وبعد رحيل المدرب الإسباني ومجيء الفرنسي زين الدين زيدان، انتقد "الدون" استعدادات الفريق للموسم الجديد، والتي شهدت سفره مع زملائه إلى أستراليا، وأضاف "فترة الاستعداد للموسم الجديد لم تكن جيدة، كان هناك العديد من الرحلات".
وهدأت الأمور قليلا بين رونالدو وبيريز بعد فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا في 2016 على حساب جاره أتلتيكو مدريد، ولكن بعد عام واحد، وتحديدا في يونيو/حزيران 2017، قالت صحيفة "إيه بولا" في صفحتها الرئيسية لعددها الصادر في 16 من نفس الشهر أن رنالدو يرغب في الرحيل عن إسبانيا، وكان ما ذكرته الصحيفة هو حيلة لجأ إليها الدون للضغط على إدارة النادي الملكي لمساندته في أزمته مع مصلحة الضرائب الإسبانية التي وجهت إليه تهمة التهرب.
ولم يسفر تهديد رونالدو في ذلك الموسم عن شيء واستمر بين جدران النادي الإسباني، ولذلك لم يأخذ أحد على محمل الجد كلمات قائد منتخب البرتغال التي قالها في 26 مايو/أيار 2018 بعد لحظات من فوزه مع ريال مدريد ببطولة دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي، حيث قال "اللعب لريال مدريد كان شيئا جميلا".
ولكن هذه المرة كان الأمر جديا، ورحل رونالدو عن ريال مدريد بعد تسع سنوات قضاها معه سجل خلالها 451 هدفا، وكانت تلك السنوات التسع مفعمة بالسعادة الغامرة بالنسبة للاعب وللنادي ولكنها أيضا كانت مفعمة بالمشاحنات.