العريش: محمد سليم سلام
ينافس"الموقد" الدفايات الحديثة لمواجهة البرودة الشديدة وموجة الصقيع بشمال سيناء، حيث يهرب أبناء محافظة شمال سيناء من زمهرير البرد القارص إلي التدفئة عن طريق النار التي تعج بها المقاعد و المنازل البدوية والحضرية.
ويعتقد اهالي شمال سيناء بدوًا وحضرًا ان النار المشتعلة أفضل بكثير من مخترعات العصر الحديث"الدفايات" و التي من وجهة نظرهم لا ترقي إلي مستوي التدفئة عن طريق النار،فسعادة السيناوي في نار مشتعلة حولها بكارج الشاي والقهوة يخرج منها الدخان الذي يشبهه الناس بالبخور ويطربون لرائحته، ليلقي كل منهم بخرافته" الحكاية" علي مسامع الآخرين لتشق سكون الليل البهيم
ويحصل أبناء سيناء علي الاحطاب التي يشعلون بها المواقد بطريقين، الاول عن طريق الاحطاب التي يقطعونها من الاشجار بالمزارع المملوكة لهم، والطريقة الثانية عن طريق شراء الاحطاب من التجار، بعد جمعها من المواطنين
و تجارة الاحطاب رائجة في سيناء ،فهناك ثلاثة أنواع من الأحطاب و هي أحطاب أشجار الزيتون، و أحطاب أشجار الرتم، و أحطاب أشجار العجرم و تختلف أسعارها، و هي تباع بحمولة السيارة الربع نقل، و يتراوح سعر الحمولة من 200 جنيه الي 400 جنيه للسيارة الواحدة التي تكفي المقاعد و المنازل لمدة شهرين
و يمنع البدو قطع الأشجار الخضراء و يعتبرونها جريمة تستوجب اللجوء للاحتكام للقضاء العرفي و التغريم، كما يجرم الاحتطاب في أراضي القبائل الأخرى، فكل قبيلة لها أراضيها و ما عليها من أشجار و أحطاب
و ينتشر الزيتون بمنطقة الشمال،حيث يقوم صاحب المزرعة التي يريد اقتلاع أشجار الزيتون منها للتجديد بعد انخفاض إنتاجها نتيجة هرمها ، او لزراعة أنواع جديدة تعطي إنتاجية أفضل ،مع أحد تجار الأحطاب علي الحصول علي الأشجار مقابل اقتلاعها من جذورها و تنظيف الأرض و تمهيدها للزراعة، و يقوم التاجر بجلب لودر بالايجار و اقتلاع الأشجار ثم تقطيعها إلي أجزاء ، فيقوم ببيع الجزء الأخضر إلي أصحاب الأغنام، و يقوم ببيع الأعمدة لاستخدامها في بناء المنازل و العشش البدوية، ثم يتبقي جزء كبير يبيعه إلي الأهالي للتدفئة بعد تقطيعه إلي قطع صغيرة الحجم، و تركه حول"عام" كامل للجفاف حتي يمكن إشعاله، و تعطي أشجار الزيتون ناراً جيدة تستمر لفترة أطول من الأنواع الاخري من الاحطاب، لذلك يرتفع ثمنه عن الانواع الاخري من الاحطاب
و تنتشر أشجار الرتم و أشجار العجرم بمنطقة وسط سيناء و بوديان الجنوب و لا يقترب البدو منها الا بعد موت الشجرة و جفافها ، حيث يتم تقطيعها و بيعها الي التجار لبيعها الي المواطنين و اسعارها تقل عن اسعار أشجار الزيتون
و تنشط تجارة الأحطاب في الشتاء حيث البرد القارص و في المناسبات الدينية و البدوية كالأعراس و موسم رجوع الحجيج من الاراضي المقدسة و المناسبات الأخرى، حيث يتم ذبح الماشية و تسويتها علي النيران دون استخدام وسائل إنضاج الطعام الحديثة
و يمكن للأهالي شراء سيارة ربع نقل كاملة او نصف سيارة او أي كمية يحتاجونها في المناسبات دون معوقات من التجار، وفي بعض الوقت يتم التعاقد مع تاجر بعينه لتوريد الأحطاب إلي المقاعد و الدواوين كل فترة بأسعار أقل من السوق،في عقد غير مكتوب و لكنه ملزم لان الكلمة أقوي من المكتوب
و يري كثير من أهل سيناء أن موقد النار في المنزل من الأساسيات ، حتي في المنازل الحديثة يخصص مكان له بوسط المنزل ،حتي أن البعض خصص مداخن لإخراج دخان النار خارج المنزل